لئن عرفت أغلب المدن حركات نزوح واسعة أسفرت عن شبه هجرة كلية الأرياف والقرى مقابل توسع المدن وامتداد مساحاتها المتواصل على حساب الأراضي الفلاحية، فإن أغلب الأرياف والمناطق النائية والجبلية من البلاد التونسية عرفت في هذه الفترة هبةَ و هجرة عكسية كبيرة، على نحو عادت معه الحياة والحركية لقرى ومنازل ومناطق كانت شبه مقفرة وخالية في السنوات الأخيرة. وهي رحلات« عودة» بالجملة كانت جائحة الكورونا محركا لها. وما شجع عدد كبير من العائلات التونسية على الهجرة او النزوح العكسي هو جملة القرارات التي اتخذتها السلطات الرسمية في إطار التوقي الاستباقي والحد من انتشار فيروس الكورونا في تونس بعد تسجيل انتشار سريع الوباء في عدة بلدان من العالم أساسا منها البلدان الاوروبية والارتفاع المتسارع لعدد المصابين بعدواه والذين سقطوا ضحايا له لاسيما أنه ام يتم بعد ايجاد علاج ودواء مضاد له. فتوقف الدروس في جميع المستويات الدراسية وإعلان غلق بعض المؤسسات إضافة إلى قرار غلق الإدارات وإيقاف العمل والتنقل وإلزام الجميع بضرورة ملازمة البيوت بعد إعلان تطبيق الحجر الصحي في كامل جهات الجمهورية، كلها كانت من العوامل التي شجعت عدد كبير من التونسيين للهروب إلى الأرياف خاصة بالنسبة للأسر التي تقطن بالعمارات والأحياء الشعبية وذلك هروبا من الملل وعدم قدرة الأطفال على البقاء في فضاء مغلق لمدة طويلة ، باعتبار أن مدة هذا الوضع الاجرائي والاجباري غير واضحة وينتظر أن تمتد على أشهر. فكان خيار العودة إلى الارياف وإعادة أعمار المنازل المهجورة للاباء والأجداد ، أكلته الضرورة لضمان مجال أرحب للأطفال للتحرك واللعب من ناحية ولضمان عدم الاختلاط والابتعاد عن المناطق الموبوءة من ناحية أخرى. وقد اختارت بعض العائلات هذا الخيار منذ بداية الأسبوع الماضي اي قبل توسع دائرة المصابين بهذا الفيروس ولكن ذلك لا يمنع هؤلاء من اتخاذ واتباع التدابير الوقائية والصحية اللازمة.