تونس الصباح: أوشك موسم الحصاد 2007/2008 على الانتهاء بل لعله اقفل في مستوى الحصاد في انتظار اتمام ما تبقى من عمليات تسليم المنتوج الى مراكز التجميع ورغم المحاصيل المتدنية مقارنة بالسنوات الماضية حيث ان الكميات المجمعة الى غاية موفى جويلية استقرت في حدود 6،4 مليون قنطار وقد توجهت الانظار واشرأبت الاعناق الى الموسم المقبل.. واخذت اصداء الاستعدادات تعلو على اكثر من تلك المتعلقة بالصابة بحكم تواضعها. في هذا الخضم بدأت طبول التجهيزات تقرع على مختلف الاصعدة والدوائر المعنية الادارية منها والمهنية حيث بادرت وزارة الفلاحة والموارد المائية بتكثيف استعداداتها والترتيب لمستلزمات الموسم معلنة عن التركيز لانجاح الموسم القادم للزراعات الكبرى على المناطق السقوية ومزيد تطويرها وتجهيزها مع التوسع في مساحات الحبوب المروية والترفيع في نسبة استعمال البذور الممتازة والتركيز على استعمال الخارطة الفلاحية والحزم الفنية. ومن جهة الهياكل المهنية تطرقت اجتماعات المكتب التنفيذي لاتحاد الفلاحين الى العمل على استقطاب الفلاحين للاقبال على عمليات الحرث والبذر الخريف القادم وان تعتبر المنظمة ان انجاح عملية البذر رهين توفر البذور الممتازة بالكميات اللازمة والاعلان عن اسعارها في اقرب الآجال مع تعزيز الاحاطة بصغار المنتجين واحكام ارشادهم وتأطيرهم واقلمة برامج الارشاد وفقا لخصوصيات كل منطقة. أخطاء وجب تفاديها واعتبارا لاهمية الترتيب الجيد لعمليتي الحرث والبذر ونظرا لدورهما الفاعل والحاسم في التأثير على مجريات الموسم وسيره ارتأينا في هذه المساحة الاستئناس برأي احد الرجالات الذين واكبوا عن قرب القطاع الفلاحي وهو مهندس فلاحي في مجال المياه بالاختصاص والتكوين ومتابع دقيق لواقع الفلاحة في تونس حتى بعد التقاعد الذي لم يحد من شغفه واهتمامه بمستجدات الوضع بعين الخبير والمكتسب لزاد علمي ومعرفي في المجال ما انفك يتعزز يوما بعد يوم. سألنا السيد البشير بن سليمان عن «الوصفة» الكفيلة بضمان انطلاقة ناجحة لموسم البذر القادم وما هي الاخطاء التي يتعين تفاديها والنصائح التي يمكن تقديمها للمنتجين لتأمين اوفر اسباب النجاح لعمليتي الحرث والبذر..؟ شدد محدثنا عند استعراض العناصر الاساسية لانجاح الموسم المقبل على اهمية اتقان عملية البذر التي قال عنها انها تجري الآن في ظروف غير مرضية لتعاطي الفلاحين معها على أنها مجرد موروث مكتسب وممارسة تقليدية لا تخضع لضوابط تقنية يكتفي خلالها الفلاح بخربشة التربة دون اكتراث بتضاريسها ودون مبالاة بضياع المياه منبها من خطر استعمال المحراث الاسطواني على التربة. أخطاء بدائية!! ويرى السيد بن سليمان انه يتعين ان تكون طريقة الحرث تقنية بالاساس تراعي متطلبات حماية المياه من السيلان والضياع باتباع طريقة حرث وفق الخطوط الاستوائية وتحاشي الحرث في اتجاه الانحدار. كما حذر من سلوك دخل تقاليد العمل الفلاحي وشاع رغم مضاره ويتمثل في اقبال المزارعين على الري التكميلي بعد استفحال الجفاف دون ادنى استعداد مسبق له داعيا الى الاعداد المحكم لها قبل موسم الامطار بتحضير وتجهيز المساحات القابلة للري التكميلي بالمعدات اللازمة واحاطة المنتجين بالارشاد والتأطير السلس والناجع واختيار التوقيت المناسب للري والقيام بذلك ليلا خلافا للسلوك الشائع حاليا الذي يعتمد الري نهارا مع ما ينجر عن ذلك من ضياع كميات هامة من رذاذ المياه جراء التبخر. البذور والارشاد.. في مجال البذر اكد ذات المتحدث بانه يتعين على المنتجين الاتصال بخلية الارشاد الفلاحي قبل اقتناء حاجياتهم من البذور لاختيار الاصناف الأكثر ملاءمة للتربة والخصوصيات المناخية لمناطق الانتاج والاستئناس بالخارطة الفلاحية مع تعهد الفلاحين بالمتابعة المتواصلة خاصة بعد نزول الامطار لمراقبة حالة المزروعات ورصد ما يمكن ان يبرز من امراض قصد الاستعداد المبكر لتوفير الأدوية الناجعة لها. ودعا بن سليمان المصالح الادارية المعنية الى العمل على حماية الفلاحين من بعض المزودين المتطفلين على قطاع معدات الري لعدم إلمامهم بالمعلومات الكافية حول هذه التجهيزات وتقنيات استعمالها.. مبرزا من جهة اخرى اهمية تنسيق الجهود بين المهنة والمؤسسات المالية واتقان حلقة الربط بين مختلف الاطراف من منتجين وفنيين لانجاح عملية الحرث والبذر ضمانا للمردودية المنشودة مثمنا توجيه عمليات الحرث قرب البحيرات الجبلية واحكام استغلال مواردها المائية في عملية الري التكميلي مقترحا في ذات السياق الاستفادة من آلاف الآبار العميقة غير المستعملة في تثمين عملية الري. قبل حلول رمضان على صعيد آخر ومن أجل ضمان اوفر ظروف النجاح لانطلاقة موسم البذر ألح محدثنا على ضرورة الاعداد المبكر والمحكم بعيدا عن البرمجة المتسرعة لتأمين حاجيات الموسم ومتطلباته والمبادرة قبل حلول رمضان بتكثيف حملات الاعلام والارشاد الموجهة للمنتجين وتزويدهم بالمعلومات والبيانات الكافية حول سبل وتقنيات العمل الفلاحي والحرم الفنية الواجب اتباعها حتى يساهم كل من موقعه في انجاح الموسم الفلاحي الجديد بعيدا عن الاعتباطية والعشوائية في انجاز ما يستوجبه من اشغال.