عُقدت في الأسبوع الفارط الندوة الدورية لإجتماع رؤوساء البعثات التونسية. ولعله من المهم جدا استثمار وجود أغلبيتهم بيننا خلال هذا الشهر لتأكيد أهمية دورهم في تجسيد ما يسمى بالديبلوماسية الثقافية. ذلك أنه صحيح جدا أن أولويات بلادنا تنص على تفعيل الديبلوماسية الاقتصادية ودفعها إلى الأمام وفتح فرص تعاون مثمرة ولكن في نفس الوقت يحتاج المشهد الثقافي التونسي الثري إلى مزيد بذل الجهد لإرساء ديبلوماسية ثقافية، تُعزز الجهود المبذولة داخل الوطن. بل أنه إذا ما أخذنا بعين الاعتبارمضمون الخطاب الثقافي الرسمي ببلادنا لوجدنا أن طموح الانفتاح ثقافيا وتحقيق الاشعاع الثقافي وبعث المركز الوطني للترجمة، كل هذا يعكس رغبة جامحة لجعل الثقافة التونسية سفيرة فوق العادة لروح تونس وإبداعاتها وثقافتها وجمالياتها. لذلك فإن العمل على تركيز الأسس اللازمة لديبلوماسية ثقافية تونسية، قد أصبح أكثر من ضرورة. وفي هذا السياق قد تكون من المهم الاستفادة من التجربة المصرية صاحبة الريادة عربيا في مجال الديبلوماسية الثقافية . فهي تجربة تستند إلى عناصر قوة قد تستفيد منها خبراتنا. ومن جهة أخرى نرى أنه من اللازم تكثيف جهود التعاون والتنسيق بين وزارتي الخارجية والثقافة والمحافظة على التراث ودراسة برامج تسويق المنتوج والمنتج الثقافيين التونسيين، بشرط توفر القيمة الثقافية والابداعية ودون اقصاء لأي ابداع حقيقي مهما كان مصدره. إن بعثاتنا الديبلوماسية في الخارج قادرة على الاضطلاع بهذه المسؤولية على أحسن وجه خصوصا أنه في كل سفارة تونسية مستشار ثقافي، من المفروض أنه صاحب خلفية ثقافيةوتتوفر فيه مواصفات المحب للعمل الثقافي والمدافع عنه والمستميت من أجل ايصاله إلى أكثر مشهد ثقافي أجنبي ممكن .كما أنه من الضروري أن تشتمل كل سفاراتنا ودون إستثناء على مكتبات تونسية المحتوى وأن تكون مُحينة ومزودة بآخر أهم الاصدارات التونسيبة، كي تكون على ذمة الراغبين والباحثين العرب والأجانب. إن الدور الذي يمكن أن تلعبه بعثاتنا في مجال الديبلوماسية مهم جدا، فقط المطلوب منها مزيد الايمان بأهمية الديبلوماسبية الثقافية في إشعاع تونس الثقافي الذي لا يخفت بريقه.