مسلسل التفجيرات الارهابية في الجزائر فضح دون شك النوايا البشعة لمختلف الاطراف التي خططت ونفذت لمثل هذه الجرائم التي تستهدف الابرياء، ترمل النساء وتيتم الاطفال وتزرع الخوف والرعب في النفوس وتجعل الجزائر في مواجهة عدو مجهول لا هوية ولا موطن له، شعاره قتل الابرياء والتستر خلف اسباب لم تعد تجد لها موقعا او منفذا لدى ابناء شعب المليون شهيد الذي خبر طوال تاريخه في مكافحة الاحتلال الفرنسي معاني وابعاد المقاومة الوطنية واهدافها النبيلة التي شرعتها كل القوانين والاعراف الدولية، ولم يعد بالتالي من مجال لاستبلاهه أو الضحك عليه أو دفعه للاعتقاد بان وراء تلك التفجيرات الفظيعة مصلحة لا يدركها غيرهم، فلا خير فيمن يجعل من دماء الابرياء وارواحهم عملة رائجة امام تحقيق اهدافهم الخاصة. لقد حملت تلك التفجيرات في طياتها رسالة واضحة وهي ان اصحابها اعلنوا انسلاخهم عن انسانيتهم من اجل تحقيق اهدافهم. ربما يحاول البعض إيجاد مبررات للارهاب في الازمات الاقتصادية وارتفاع الأسعار وعدم توفر فرص العمل لكن الحقيقة انه عندما يفقد الدم الجزائري حرمته وقداسته وقيمته ليراق على الطرقات بتلك الطريقة التي لا يمكن لعقل بشري القبول بها لتسقط كل تلك التبريرات وتصبح مجرد كلمة حق اريد بها باطل. ولعل في الاجماع الدولي الذي قلما يتحقق على رفض وادانة ما حدث في الجزائر ما يعكس فداحة الجرم المقترف في حق المستهدفين واغلبهم من الشباب الذي كان يبحث عن فرصة عمل في الدرك الجزائري فيتم استهدافه بتلك الطريقة بكل ما تحمله العملية من اشارات وايحاءات لالآف الشبان العاطلين عن العمل في الجزائر. فهذه الاعتداءات التي تعد الاسوا منذ اشهر تعود لتثير عديد التساؤلات بشان اهدافها المعلنة والخفية كما بشان توقيتها لاسيما انها تاتي قبل اسبوعين فقط على حلول شهر رمضان المبارك الذي تزامن خلال السنوات القليلة الماضية مع استعادة تنظيمات متطرفة نشاطاتها الدموية العنيفة مع التقتيل والارهاب دون ادنى تمييز. واذا كان هدف مخططي ومنفذي هذه التفجيرات زرع الرعب والخوف في النفوس أو اثارة غضب الراي العام في الجزائر فان الاكيد ان لغة الدم والموت لن تكون الطريق الافضل الى عقول وقلوب الجزائريين الذين خبروا الارهاب ويدركون جيّدا أنه لا يؤدّي إلاّ إلى طريق مسدود والإضرار بالشعب.