تونس- الاسبوعي: هم أبناء تونس وضيوفها.. بين الحين والآخر.. نشتاق اليهم ويشتاقون الينا.. كل منهم له علاقته الخاصة بمفهوم الوطن.. وله سرّه الدفين الذي يجعله يتوق الى العودة الى أرض تونس ويلامس ترابها..فيتواصل مع العائلة والاصدقاء وينصهر في الزمن الخالي المليء بالذكريات... «الاسبوعي» إلتقت عددا من شباب تونس المقيم بالخارج واستفهمت عما يشده الى وطنه وما الذي لا يتمنى أن يراه أو يجده فيه في المستقبل؟ دعوة الأحزاب السياسية لتطوير برامجها...بالممارسة الديموقراطية «ريحة البلاد» البداية كانت مع السيد جلال مسعود وهو مدرّس ومقيم بمدينة «دبي» منذ 13 سنة فأكد انه بمجرد التفكير في العودة من بلاد المهجر الى أرض الوطن تجول في ذهنه عديد الذكريات وخاصة منها ذكريات الطفولة لتكون رفيقه الدائم والوفي طيلة مدة الرحلة ويضيف مباشرة وبعد النزول من مدرج الطائرة «تلفحك «ريحة البلاد»..رائحة تونس الذكية.. تونس التي يشهد لها الجميع بالخضرة والاخضرار.. ويردف السيد جلال في هذه الحالة يصبح فكري مشتتا بين المقارنات بين الماضي واليوم ماذا تغيّر في بلدي.. بين الأمس واليوم.. ما الذي أضيف؟ وما الذي أزيل؟ كما تصبح كل علامة أو إشارة لها معنى في ذاكرتي وذات دلالات تعود بي الى الوراء.. وهكذا دواليك مع كل عودة في كل صائفة يؤكد محدثنا. الامر الآخر الذي شدّ السيد جلال في الآونة الاخيرة بعد ترحاله بين عديد المدن التونسية هو الشعور بالأمن والطمأنينة مشيدا بالدور الايجابي الذي يقوم به سلك الأمن الوطني في تحقيق هذه الأريحية على الطرقات أو عند قضاء بعض المصالح وهو ما يكرّس فعليا مبدأ دولة القانون والمؤسسات. لكن في مقابل ذلك أعرب السيد جلال عن عميق استغرابه تجاه بعض المظاهر الاخلاقية والسلوكية لنسبة هامة من الشباب التونسي والتي لم تعد تراعي قيمنا وثوابتنا الوطنية والاخلاقية والتربوية رادا ذلك الى الفهم الخاطئ لمعنى «الحرية» ذلك أن بعض الشباب وبدعوى الحرية والتحرّر ضربوا بقيم أبائنا وأجدادنا عرض الحائط.. مما جعل مجتمعنا التونسي يعرف لحظات تغير إجتماعي وسلوكي متسارع جدا..لذلك يدعو محدثنا الى ضرورة أن تلعب المدرسة ووسائل الاعلام على إختلاف أصنافها دورها الكامل في ربط المواطن التونسي طفلا كان أو شابا بجذوره وتعمق ارتباطه بهويته الوطنية لأنها المحّصن له ضد الاغتراب وفقدان الهوية والانصهار في منظومة الآخر بإيجابياتها وسلبياتها. ومن جانبها أوضحت الشابة ريم المسعدي المقيمة منذ 12 سنة بإيطاليا أن ما يشدها لتونس وتحديدا لمدينة تازركة -وبدون منازع- عائلتها الموسعة حيث تشتاق الى تلك اللمة العائلية والى الاجواء الصيفية المشتركة مع جميع الاقارب.. لكن ما لا يروق لمحدثتنا النظرة الغريبة التي يتعمد البعض توجيهها لأبناء تونس المقيمين بالخارج وهي عبارة عن أحكام مسبقة وخلفيات تشكك في سلوكياتهم وانتمائهم لوطنهم.. والحال أنها أحكام خاطئة في رأي ريم لأنها تحرص من جهتها على التحكم في تصرفاتها وسلوكاتها وفق ما تقتضيه القيم والتربية التونسية القائمة على التقدير والاحترام.. وهنا تعرّج ريم على ضرورة أن تراعي النظرة العامة عدم قدرة البعض من الشباب والمراهقين الذين قضوا طفولتهم وشبابهم في بلاد المهجر وتطبعوا بسلوكاتها وأصبح من الصعب جدا أن يغيّروا منها ويحدوا من حرياتهم في نمط العيش الذي يرغبون فيه.. ثم خلصت محدثنا الى أهمية الدور الذي يمكن أن تضطلع به العائلة في نحت شخصية إبنها على النمط التونسي لا غير وهو ما تعتز به ريم في تنشئتها. التعددية السياسية طالب الهندسة النووية بإيطاليا الشاب بلال الشابي أصيل مدينة المهدية قال «أن ذكريات وأجواء الاصدقاء استبدت بي في بلاد المهجر ولكنها في ذات الوقت سلوتي لتجاوز الشعور بالاغتراب.. فمباشرة وبمجرد استعدادي للعودة الى أرض الوطن أستعد كأحسن ما يكون وأبدأ التحضير من هناك: من ايطاليا، لجلسات الحنين والشوق والسمر مع زملائي وأصدقائي في الدراسة والحي وفيها نتبادل مشاهد الماضي وذكرياته الجميلة وهو رابط لا أعتقد أنه سينفك تجاه وطني. وإعتبارا لطبيعة اختصاصه العلمي أكد بلال أنه لاحظ التقدم الهام الحاصل في مستوى البنية الاساسية في تونس داعيا الى ضرورة الاهتمام بالطرقات الفرعية وتعهدها بالصيانة والمتابعة من قبل البلديات.. أما ما يتمنى أن يراه في تونس المستقبل يقول بلال «أناشد كل الاحزاب السياسية الناشطة في تونس أن تكون لها برامج فاعلة وقادرة على مزيد انعاش الحياة السياسية وتكريس التعددية الفعلية حتى نسمو بالممارسة الديمقراطية في بلادنا بما يعود بالنفع على المواطن التونسي وحياته اليومية.. كما دعا محدثنا الى أولوية مواصلة التأكيد على الخلق والابتكار في صفوف الشباب التونسي والحد من النمط الاستهلاكي الذي يعيش على وقعه المواطن التونسي عموما والشاب خصوصا.. وفي ذات السياق تقول الشابة نرجس عبد الله المقيمة بمدينة مودينا بإيطاليا انها تتمنى أن يحل الصدق والاخلاص في كل التعاملات اليومية بين التونسيين لنقضي على بعض اشكال النفاق الاجتماعي ولعبة المصالح الضيقة والحسابات الشخصية التي صارت تسيطر على العلاقات الانسانية وأردفت انها تتوق كثيرا في عودتها لأرض الوطن الى زيارة كل المدن الساحلية والتمتع بسحر الشواطئ التونسية.. فضلا عن حرصها الدائم على احترام العادات والتقاليد التونسية.. وهو ذات المطلب الذي أكد عليه السيد حميد المهذبي الذي يقيم منذ 30 سنة بالنمسا حيث قال «للغرب خصوصياته ولنا في تونس خصوصياتنا الثقافية والحضارية.. وبقطع النظر عن مدة الوجود والاقامة بالخارج يجب أن يحرص كل مواطن تونسي أن يوثق صلته بوطنه وعائلته وأصدقائه حتى يبقى جسر التواصل متينا.. ويضيف السيد حميد أنه استبشر كثيرا بمبادرة «سنة الحوار مع الشباب» معتبرا ذلك مؤشرا لصواب اختيارات البلاد التونسية بمراهنتها على أكبر قوة حية «قوة الشباب» الكفيلة بتأمين حاضر البلاد ومستقبلها على السواء.. وفي هذا الصدد يدعو السيد حميد أن يقع إيلاء المقترحات والافكار الصادرة عن الشباب ما تستحق من العناية والتنفيذ حتى تكون لهذه البادرة نجاعتها المرجوة. «كبت ..يتفجر» وبخصوص ما أثرناه مع محدثينا حول بعض مظاهر السياقة المتهورة واللامسؤولة عند بعض شباب الجيل الثاني للهجرة أجمع الجميع على أنها بمثابة الكسر للكبت الذي يعيشه المهاجر في بلد المهجر حيث تجده مجبرا على الالتزام بكل التراتيب وقوانين الطرقات وبمجرد المخالفة تكون العقوبات ويكون الردع.. لذلك تجد السلوك في تونس يختلف عما هو قائم هناك فَتُرتكب المخالفات ولا يُحْترم القانون.. لذلك دعا كل من السيد حميد وبلال ونرجس الى ضرورة الحزم في ردع المخالفين على الطرقات التونسية وعدم التسامح مع من يتعمدون شرب الكحول أثناء السياقة لأن المسألة مرتبطة بأرواح الناس وسلامتهم.. أما ريم وجلال فيعتبران هذا السلوك مرتبطا بدرجة وعي صاحبه ومدى توازنه النفسي والاجتماعي لذلك يجب مزيد التوعية بخطورة عدم احترام قانون الطرقات سواء داخليا أو خارجيا في مستوى القنصليات والبعثات الدبلوماسية ..كما اقترحت ريم امكانية الترفيع في السن المخولة للحصول على رخصة سياقة من 18 سنة الى 20سنة كما كان معمولا في السابق حتى يكون الشاب أكثر توازنا ورشدا. سفيان السهيلي للتعليق على هذا الموضوع: