لمدة يومين: اضطراب وانقطاع مياه الشرب بهذه المناطق في العاصمة..#خبر_عاجل    الدورة الاولى لتظاهرة 'حروفية الخط العربي' من 09 الى 11 ماي بالقلعة الصغرى    بوفيشة: احتراق شاحنة يخلف وفاة السائق واصابة مرافقه    الرّابطة الثانية : برنامج مباريات الدُفعة الثانية من الجّولة 23.    تونس تحصد 30 ميدالية في بطولة إفريقيا للمصارعة بالدار البيضاء منها 6 ذهبيات    الهند توقف تدفَق المياه على نهر تشيناب.. وباكستان تتوعد    دوّار هيشر: السجن 5 سنوات لطفل شارك في جريمة قتل    المديرة العامة للمنظمة الدولية للهجرة في زيارة عمل إلى تونس بيومين    تصنيف لاعبات التنس المحترفات: انس جابر تتراجع الى المرتبة 36    جمعية الأطباء التونسيين في ألمانيا تدعو إلى ضرورة إحداث تغيير جذري يعيد الاعتبار للطبيب الشاب    ربط أكثر من 3500 مؤسسة تربوية بالألياف البصرية عالية التدفق    في المحمدية :حجز عملة أجنبية مدلسة..وهذه التفاصيل..    الإدارة العامة للأداءات تُحدد آجال إيداع التصاريح الشهرية والسنوية لشهر ماي 2025    قيس سعيّد يُجدّد دعم تونس لفلسطين ويدعو لوحدة الموقف العربي..    وفد من هيئة الانتخابات في رومانيا لملاحظة الانتخابات الرئاسية    كل ما تحتاج معرفته عن ''كليماتيزور'' السيارة ونصائح الاستعمال    عاجل/ في نشرة متابعة: تقلبات جوية وامطار رعدية بعد الظهر بهذه الولايات..    انطلاق امتحانات البكالوريا التجريبية..    تقلبات جوية متواصلة على امتداد أسبوع...تفاصيل    عاجل/شبهات تعرّض سجين للتعذيب ببنزرت: هيئة المحامين تُعلّق على بلاغ وزارة العدل وتكشف..    عاجل -فلكيا : موعد وقفة عرفات وعيد الأضحى المبارك 2025    بطولة مدريد المفتوحة للتنس للأساتذة: النرويجي كاسبر رود يتوج باللقب    البطولة الفرنسية : ليل يتعادل مع مرسيليا 1-1    عاجل : دولة عربية تعلن عن حجب 80% من الحسابات الوهمية    محرز الغنوشي: حرارة صيفية الظهر وأمطار منتظرة    مفتي السعودية يوجه رسالة هامة للحجاج قبل انطلاق الموسم بأيام    حكم قضائي في حق اجنبي متهم في قضية ذات شبهة ارهابية    ترامب يأمر بفرض رسوم بنسبة 100% على الأفلام غير الأمريكية    الرحيلي: الأمطار الأخيرة أنقذت السدود... لكن المشاكل الهيكلية مستمرة    العثور على جثث 13 موظفا من منجم للذهب في بيرو    سوريا.. انفجار الوضع في السويداء مجددا.. اشتباكات وقصف ب"الهاون"    معرض تونس الدولي للكتاب: الناشرون العرب يشيدون بثقافة الجمهور التونسي رغم التحديات الاقتصادية    بوسالم.. فلاحون يطالبون بصيانة و فتح مركز تجميع الحبوب بمنطقة المرجى    بورصة تونس تحتل المرتبة الثانية عربيا من حيث الأداء بنسبة 10.25 بالمائة    كأس تونس لكرة اليد : الترجي يُقصي الإفريقي ويتأهل للنهائي    رئيس اتحاد الناشرين التونسيين.. إقبال محترم على معرض الكتاب    الرابطة الثانية (الجولة العاشرة إيابا)    معرض تونس الدولي للكتاب يوضّح بخصوص إلزام الناشرين غير التونسيين بإرجاع الكتب عبر المسالك الديوانية    طقس الليلة.. أمطار رعدية بعدد من الجهات    قابس.. حوالي 62 ألف رأس غنم لعيد الأضحى    ثنائية مبابي تقود ريال مدريد لمواصلة الضغط على برشلونة المتصدر بالفوز 3-2 على سيلتا فيغو    انتفاخ إصبع القدم الكبير...أسباب عديدة وبعضها خطير    إلى أواخر أفريل 2025: رفع أكثر من 36 ألف مخالفة اقتصادية وحجز 1575 طنا من المواد الغذائية..    هام/ بالأرقام..هذا عدد السيارات التي تم ترويجها في تونس خلال الثلاثي الأول من 2025..    الفول الأخضر: لن تتوقّع فوائده    تونس في معرض "سيال" كندا الدولي للإبتكار الغذائي: المنتوجات المحلية تغزو أمريكا الشمالية    هام/ توفر أكثر من 90 ألف خروف لعيد الاضحى بهذه الولاية..    النفيضة: حجز كميات من العلف الفاسد وإصدار 9 بطاقات إيداع بالسجن    الدورة الاولى لصالون المرضى يومي 16 و17 ماي بقصر المؤتمرات بتونس العاصمة    سوسة: الإعلامي البخاري بن صالح في ذمة الله    لبلبة تكشف تفاصيل الحالة الصحية للفنان عادل إمام    كارول سماحة تنعي زوجها بكلمات مؤثرة    قبل عيد الأضحى: وزارة الفلاحة تحذّر من أمراض تهدد الأضاحي وتصدر هذه التوصيات    صُدفة.. اكتشاف أثري خلال أشغال بناء مستشفى بهذه الجهة    تونس: مواطنة أوروبية تعلن إسلامها بمكتب سماحة مفتي الجمهورية    الأشهر الحرم: فضائلها وأحكامها في ضوء القرآن والسنة    ملف الأسبوع.. تَجَنُّبوا الأسماءِ المَكروهةِ معانِيها .. اتّقوا الله في ذرّياتكم    أولا وأخيرا: أم القضايا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تونس:الملف الصحفي حول قضية المهجرين في جريدة الموقف ليوم 10 ديسمبر 2010.
نشر في الفجر نيوز يوم 12 - 12 - 2010

تونس المنظمة الدولية للمهجرين التونسيين هل تتغلب إرادة» العودة « على المصاعب؟:
انعقد المؤتمر التأسيسي للمنظمة الدولية للمهجرين التونسيين يومي 20 و 21جوان 2009 بالعاصمة السويسرية جينيف، بحضور عدد كبيرة من المؤتمرين والضيوف والإعلاميين. وشارك في المؤتمر نحو 105 مؤتمرا من 13 بلدا أوروبيا ومن دول وقارات أخرى مثل استراليا وكندا والسودان... ومثّل المؤتمرون من فرنسا وسويسرا وألمانيا أغلبية المؤتمرين. وحضر المؤتمر عدد من الضيوف من تونس،وكانت كل أطياف الساحة السياسية والحقوقية التونسية ممثلة في المؤتمر، ما عدا الحزب الحاكم والسلطة، التي أحجمت لجنة إعداد المؤتمر عن توجيه دعوة لممثليها. كما حضرت المؤتمر وجوه سياسية سويسرية بارزة وألقت في الحضور كلمات ترحيب ومساندة مؤثرة. وعلى اثر عودتهم إلى تونس تعرض عدد من الضيوف لتنكيل شديد وصل حد التعنيف للأساتذة راضية النصراوي وعبد الرؤوف العيادي وعبد الوهاب معطر انتقاما من مشاركتهم في المؤتمر.
وشهدت جلسات المؤتمر نقاشات معمقة حول» هوية المنظمة الوليدة وأهدافها ونوعية الخطاب المطلوب «و »برز توجهان متضادان: توجه حقوقي بحت يدعو للحوار وتجنب التصعيد، وتوجه سياسي حقوقي يركز على الضغط الميداني والسياسي لانتزاع حق العودة « وتم التوافق على السعي إلى » البحث عن خيار وسط توافقي يركز على نقاط الالتقاء. واقترحت )رئاسة المؤتمر( على الحضور تشكيل لجنة من أربع أشخاص لصياغة الأفكار المشتركة.
ونجح المؤتمر وفق تقييمات بعض المراقبين في «تجميع الشتات المهجري من مشارق الأرض ومغاربها على أرضية واحدة وهو موضوع العودة في إطار مقاربة وطنية شاملة، أي انه أعاد ترتيب سؤال العودة ضمن سياق ملف النضال الوطني، عل حد تعبير نورالدين الختروش الرئيس الأول للمنظمة. كما وضع المؤتمر «مسألة العودة في مربع المطلب الحقوقي العام، بعد أن تشرّد في أقبية
ودهاليز التسويات الفردية مع ما صاحبها من ابتزاز سياسي وأخلاقي في جل الحالات .»المؤتمر، وفق القائمين عليه، أنجز على خلفية تسهيل عودة المهجرين، وابتعد المؤتمرون ما استطاعوا عن دائرة المزايدة بوضع إنساني، وكان جوهر رسالة المؤتمر للسلطة هو «أننا لا نبحث عن غبار معارك جديدة مع خصومنا بل نبحث عن حل شامل ومقبول لذلك الملف .» لكن المؤتمر لم يخل من رسائل سياسية للسلطة التى « تعاملت مع ملف العودة من زاوية التوظيف السياسي الفج وقصير النظر، وقد أثبت المؤتمرون قدرا
عاليا من المسؤولية الوطنية وعبروا من خلال إقرارهم للائحة العامة عن رغبة واضحة ومعلنة في تجاوز آلام الماضي لحساب أشواق المستقبل والمصلحةالعامة .»
لكن المنظمة ومباشرة بعد المؤتمر دخلت في أزمة عطلت سيرها وشلت حركتها، وأجبرت رئيس المنظمة نور الدين الختروشي على إعلان رغبته في الاستقالة ثم عدوله عن ذلك، ثم وفي مرحلة ثانية وخلال الهيئة الإدارية الأخيرة للمنظمة أعلن الختروش انسحابه من الرئاسة.
ويعيد السيد الفرجاني، وهو احد ابرز الفاعلين في المنظمة، هذه الأزمة إلى الإخلالات التي رافقت تأسيس المنظمة ومن بينها عدم مصادقة المؤتمر على « القانون الأساسي الذي أعد بعناية فائقة وكان ضروريا لحسن سير المنظمة بعد المؤتمر خصوصا ». و إلى التسرع في انتخاب المكتب التنفيذي كهيئة تنفيذية ثانية وموازية للرئاسة ضمت رئيس المؤتمر في حين لم يتم الحرص على انتخاب الهيئة الإدارية التي تمثل أعلى سلطة تشريعية بين مؤتمرين وتراقب عمل مؤسسات المنظمة. وبذلك خرجت المنظمة من المؤتمر برئيس ينازعه مكتب تنفيذي في الصلاحيات التنفيذية مع غياب قانون أساسي كمرجعية ودون هيئة إدارية منبثقة من المؤتمر، على حد تعبير الفرجاني.
وخلاصة الأمر أن المنظمة خرجت من التأسيس ببعض الهنات على المستوى التنظيمي وباختلاف كبير في مستوى الرؤى التصورات العامة التي يجب أن تحكم المنظمة وهو ما عطل نشاطها قبل أن تبدأ في التعافي من جديد.
... وضع المنظمة الآن ومجمل العقبات التي مرت بها، حاولنا تطارحها في حوار مع الأستاذ عماد الدايمي منسق المنظمة الذي قبل مشكورا إجراء هذا الحوار.
عماد الدايمي منسّق المنظمة الدولية للمهجرين للموقف
بعد تجاوز صعوبات » الولادة « المنظمة تستعيد زخم التأسيس
عماد الدائمي، مهندس وخبير في أنظمة معلوماتية، واحد من الوجوه المهجرية البارزة، وهو منسّق «المنظمة الدولية للمهجّرين التونسيين » بعد ان ترأس المؤتمر لأول للمنظمة الذي انعقد بجينيف يومي 21 و 22 جوان 2009 . مهجّر عن تراب الوطن منذ نوفمبر 1991 وله كتاب «المهجّرون التونسيون: من هم؟ » الذي سيصدر في الأيام القريبة القادمة في باريس.
1 - كيف تقيمون أداء المنظمة الدولية للمهجرين بعد عام ونصف من تأسيسها، وهل ُتقدرون أنها حققت خلال الفترة الماضية ولو جزءا من الأهداف التي من اجلها أنشئت؟
إن تأسيس "المنظمة الدولية للمهجرين التونسيين" والزخم الكبير الذي واكب التأسيس وتلاه كان في حد ذاته إنجازا كبيرا للجسم المهجري التونسي الذي ظل طيلة عقدين كاملين رافدا لكل نضالات الوطنيين داخل البلاد وداعما لكل قضاياهم العادلة دون أن يلتفت لقضيته المباشرة قضية العودة للبلاد بعد طول تهجير.
وقد تمكنت المنظمة، بفضل تكاتف أعضائها وإيمانهم بعدالة قضيتهم وتحليهم بروح المسؤولية، من تجاوز الصعوبات والعوائق الذاتية والموضوعية التي كادت تعصف بها إثر ولادتها. وهي اليوم تتقدم بخطى متسارعة على درب إنجاز الأهداف التي اُنشئت من أجلها وتنزيل خطة العمل المتدرجة التي حددتها على هدي من مقررات المؤتمر التأسيسي وتوصيات الهيئة الادارية. حيث استكملت بناءها الداخلي، ثم توجهت الى الرأي العام المهجري تأطيرا وإقناعا بالمشروع وبجدوى العمل المنظم المشترك من أجل تحسين شروط العودة ووقف مسار الابتزاز والمساومة المعتمد من قبل المصالح القنصلية والأمنية. وتوجهت اثر ذلك الى الرأي العام الوطني والعربي والدولي تعريفا بالقضية وتحسيسا بعدالتها، واكتسبت تعاطفا واسعا داخل الوطن وخارجه. وقد أطلقت المنظمة أخيرا مرحلة جديدة هي مرحلة العمل الميداني المدعوم بتغطية اعلامية مكثفة من أجل التصدي للممارسات الابتزازية والمطالبة بحل عاجل وشامل لوقف المظلمة. ولا شك عندنا أن تحسين شروط العودة نسبيا، خلال هذه الصائفة، والتقليص من المضايقات للعائدين حديثا، إنما تيسر بفضل مجهوداتنا جميعا في التعريف بالقضية والإستنفار لها.
بقي أن أشير الى هدف آخر بدأت المنظمة تحقيقه ونأمل أن تتقدم فيه أشواطا أكبر في المدة القريبة القادمة هو هدف الحفاظ على ذاكرة المهجر، وتقديم خلاصات التجربة المهجرية التونسية ودروسها ورواياتها لعموم التونسيين وللأجيال القادمة.
2 - البعض يرى أنها فقدت الكثير من الزخم الذي رافق لحظة انبعاثها، هل توافقون هذا الرأي؟
لا شك أن المنظمة فقدت في مخاض التكوين والبناء بعضا من زخم التأسيس، حيث اصطدمت الاحلام والطموحات العظام التي ولّدها حدث المؤتمر التأسيسي المتميز (الذي حضره أكثر من 150 مهجّرا تونسيا قدموا من القارات الخمس) بصعوبات التنزيل في أرض واقع شديد التعقيد، وعلى أيدي فاعلين متعددي الرؤى والتصورات، ومتنوعي المشارب السياسية والفكرية، ومختلفين في الكثير من الأمور ولكن مجتمعين على ضرورة إيجاد حل عادل يكفل عودة آمنة وكريمة لكل المهجّرين. وقد كان السلوك الطبيعي أن انكفأت المنظمة الوليدة على نفسها طيلة أسابيع عديدة من أجل إتمام بناء هياكلها وحل مشاكلها وضمان وحدتها، قبل أن تعود من جديد للفعل الخارجي وتنفيذ خطة العمل واصدار المواقف. وهو ما أنتج حالة من الترقب لدى عدد من المهجّرين والمتابعين خارج البلاد وداخلها. ولكننا نجزم اليوم أن المنظمة هي بصدد استعادة زخم التأسيس بنسق متسارع في ارتباط بتقدمها في تحقيق الأهداف التي تأسست من أجلها.
3 – هناك من يرى أن الخلافات التي جرت داخل المنظمة أثرت على أدائها كيف تردون على ذلك؟ وما هي طبيعة هذه الخلافات، هل هي شخصية أم هي تتعلق بالتوجهات والتصورات العامة التي يجب أن تقود المنظمة؟
لا ننفي أن آداء المنظمة الخارجي تأثر كثيرا في البداية بالاختلافات في التقدير التي هي أمر طبيعي في العمل الجمعوي. ولكن الأكيد أن تلك الخلافات لم تكن ذات صبغة شخصية، كما لم تتعلق بالخط العام والتوجهات الكبرى للمنظمة التي حددها المؤتمر بوضوح. بل كانت متعلقة بتصورات شكل ادارة المنظمة. وقد حُلّ الخلاف، عبر الهيئة الادارية، بشكل حضاري تميّز بكثير من المسؤولية والحكمة في التعامل. وانتقلت المنظمة اثر ذلك إلى الفعل والحراك.
4 - ما هي ابرز التحديات والعوائق التي واجهتكم خلال الفترة الماضية؟
لقد كان التحدي الأكبر الذي واجهنا منذ تأسيس المنظمة هو الحفاظ على التوازن الصعب في الخطاب بين سلوك المطلبية والتدرج مع تجنب التصعيد والتشنج من ناحية، وبين الضغط والإحراج والدفاع عن الثوابت والمبدئية من ناحية أخرى. ونحسب أن خطابنا تطور تدريجيا بالممارسة والنقد البناء من قبل زملائنا في المنظمة وعموم المهجّرين والمتابعين.
أما عن أبرز العوائق التي تعرضنا لها فأذكر عائقين رئيسين: الأول هو عدم تفاعل السلطة مع مطالبنا العادلة، رغم كل الخطوات التي قمنا بها تجاهها. حيث قمنا بحملة مراسلات مكثفة إلى الجهات الرسمية من أجل المطالبة بحل القضية وطي صفحة الماضي شملت السادة رئيس الجمهورية والوزير الأول وزراء الخارجية والعدل والشؤون الاجتماعية، ورئيسي البرلمان ومجلس المستشارين، وقرابة الخمسين نائبا من نواب البرلمان، إضافة لمراسلة أغلب السفراء والقناصل التونسيين في العالم. ولم نلق لحد الان أي ردّ، مما يؤشر على غياب أي إرادة سياسية لوقف نزيف الغربة المفروض على أكثر من ألف تونسي في مشارق الارض ومغاربها، ولوقف أساليب الابتزاز السياسي والأمني والمالي التي تمارسها بعض المصالح القنصلية تجاه بعض الراغبين في "تسوية الوضع الاداري" والعودة للبلاد. ولو توفرت الارادة السياسية لتم حلّ القضية في أسابيع معدودة. وقد عبرنا مرارا عن استعدادنا للحوار والتفاوض لا على حقنا المقدس في العودة بل على آليات تنزيل ذلك الحق وجدولته.
أما العائق الثاني وهو متعلق بالأول، فيتمثل في يأس العشرات من المهجّرين التام من أي امكانية للعودة في ظل الوضع السياسي الحالي وعدم ثقتهم في أي ضمانات قد تعد بها السلطة، وهو ما يجعلهم غير معنيين بأنشطتنا.
5 – من المؤاخذات التي توجه إلى المنظمة هيمنة لون سياسي معين عليها، كيف تردون على هذه المؤاخذات؟
يكفي اليوم النظر لتركيبة المكتب التنفيذي للمنظمة للتأكد من أن هذه الفرضية خاطئة ومجحفة. حيث أنه يضم أعضاء ممثلين لأغلب مكونات الطيف السياسي المعني بمأساة التهجير كما يضم مستقلين. والمكتب ليس إلا إفرازا للفسيفساء المشكّلة للجسم المهجري التونسي الثري بتعدده وتنوعه. ولعل هذا التوازن والتمثيل هو سرّ الإجماع الوطني الذي تحقق حول قضية عودة المهجّرين في الفترة الأخيرة.
6 – بين من يدعون إلى حصر مهام المنظمة في المطالب المباشرة المتعلقة بالعودة إلى تونس، وبين من يطالبون بان تكون للمنظمة رؤية إستراتيجية تضع ملف العودة في إطار اشمل أي ضمن حل سياسي شامل لملف المهجّرين، بين هذا وذاك اين يجب أن تتموقع المنظمة حسب رأيكم؟
المنظمة تموقعت حيث وضعها المؤتمر التأسيسي، الذي اختار لها هوية مطلبية قانونية ووضع لها سقفا سياسيا لا يتعدى حدود استعمال وسائل الضغط المدني السلمي من أجل ايقاف مظلمة التهجير وتوفير شروط العودة الكريمة والامنة لأرض الوطن. غير أن معنى العودة الكريمة لا يقتصر في نظرنا على استرجاع جواز السفر والعودة الفردية الى ارض الوطن بل يفترض أيضا استرداد الحقوق المدنية بما فيها الحق في الفعل السياسي والمشاركة في الشأن العام دون قيد أو شرط.
وحيث أن نظرة المهجّرين لطبيعة العودة المنشودة تختلف من فرد لأخر (من عائد للاصطياف وزيارة الأهل مع تطليق السياسة ثلاث وصولا إلى راغب في العودة النهائية للبلاد للنضال والمشاركة الفعالة في الحياة السياسية أو الجمعياتية)، فإن المنظمة تعتبر نفسها اطارا لخدمة كل أصناف العودة تلك، مع اعتبار أن نقطة الالتقاء بين كل تلك "المشاريع" والتصورات هو مبدأ العمل المشترك من أجل تحقيق العودة الكريمة للجميع .. فقط!
أما الحديث عن أبعاد استراتيجية كبرى، وعن حل سياسي شامل لملف المهجّرين فهو من قبيل الخلط بين دور منظمة مثل منظمتنا ودور الأحزاب السياسية المعنية بالعمل من أجل التفاوض مع السلطة أوالضغط عليها أو "المقاومة " أو "المشاركة " من أجل ايجاد الحلول الشاملة...
7 – أخيرا هل من فكرة عن البرامج او الخطط المستقبلية للمنظمة، وكيف تتصورون إمكانية تطوير آدائها؟
إن آداء المنظمة هو بصدد التطور والتصاعد. ونحن، في المكتب التنفيذي، نجتهد كل يوم للرفع من وتيرة حراكنا وذلك عبر استنفار عزائم وإرادات أعضاء المنظمة في مختلف المهاجر، الذين هم في أغلبهم من الكفاءات وأصحاب الخبرات العلمية والتجارب المؤسساتية حيثما كانوا، عبر حركية إعلامية داخلية مكثفة.
غير أننا حريصون في الآن ذاته على إتباع المنهجية المطلبية التدرجية التي اعتمدها المؤتمر التأسيسي، دون حرق للمراحل أو خلط للأوراق. وقد دخلنا أخيرا مرحلة التحركات الميدانية الاحتجاجية أمام التمثيليات الدبلوماسية التونسية في بلدان مهجرية شتى، من أجل الضغط الإعلامي والسياسي حتى تتوقف نهائيا كل الممارسات الابتزازية التي تمس من كرامة المهجرين ومن سمعة البلاد. وستتلو هذه التحركات خطوات تصاعدية سنعلن عنها في الإبان.
وندعو في الختام كل الوطنيين الأحرار للاصطفاف إلى جانبنا ومساندة حق شركائهم في الوطن المحرومين منه في العودة الكريمة والآمنة والشاملة، كي يلتئم الشمل ويجتمع الشتات ويعود الدر إلى معدنه.
خواطر مهجر ية
على جناح الريح.. للوطن الحبيب ألف قبلة وألف سلام
بقلم نور الدين العويديدي
ما الغربة.. ما الفراق وما التهجير وما الوطن؟. هي أوجاع كلها.. مغروسة عميقا في ثنايا الروح، وبين تلافيف القلب، وفي خلايا الجسد. ينشؤها العصف والجور وتقلب الأيام، وتنتهي بِبلِّ صدى الروح، وريّ ظمأ القلب العائد بعد سنين الوحشة والهموم، أو ينهيها الموت، حاصدا معها ... آمالا عظيمة، وأحلاما كبارا، لا تشفى منها الصدور حتى تصير رمسا ورميما في ظلمات القبور
. لحظة الميلاد العابرة تنشأ منها الحياة، معجونة بالبكاء وبالنور وبالنفس الجديد وبالألم.. إنها لحظة فارقة تؤلم الوليد، إذ تحرمه من عشه الدافئ المألوف في الرحم، وتقذف به في عالم غريب جديد، بخيره الكثير وشره الأكثر، وتحكم عليه حكما أبديا، لا تعقيب عليه ولا انمحاء له: أن يكون له أهل وأرض ووطن
.. هي لحظة التأسيس، طور من الخلقة، وبدء الوجود في عالم الناس والأشياء، تحكم هذا الكائن الذي أُنزل إلى الأرض كي يهيم في فلواتها البعيدة ويشقى، ويجوب أطرافها التي لا دُحت، فيجوع ويعرى ويضمأ ويضحى.. يكتشف ويتعلم، ويبني ويهدم، وفي رحلة الكدح الطويلة قد يتوه.. لكنه يظل مشدودا بوتد وحبل غير مرئي إلى شيء جميل يُسمى أهل، ويسمى أرض، ويسمى وطن.. بعض الناس ينكره ويتناساه حتى ينساه، وبعضهم يقيم فيه بروحه وهو عنه بعيد تفصل بينهما آلاف الأميال. في حقبة تائهة ولدتُ وولد جيلي.. وفي حقبة متفجرة نشأنا، وفي نشأتنا حلمنا أحلاما كبيرة كالجبال، وداعبت قلوبنا أشواق الحرية والكرامة والأمل الغد الأفضل الجميل لنا ولغيرنا. ناضلنا من أجل أحلامنا، واحترقنا بالأمل في نضالنا من أجل تحقيق تلك الأحلام الكبار العظام.
مضى الزمن، وكبر الجرح، وتضاعفت الآلام. ومع مضي الزمان كبرنا في الغربة والتهجير، وغادرنا شرخ الشباب مبكرا كأنما جاء وارتحل على عجل.. نشأت لنا ذرّية ملأت علينا ما شكوناه يوما من وحشة وفراغ، لكنها لم تملأ ثغرة بل ثلمة في القلب ظلت تكبر وتأكل من أرواحنا حتى تكاد تبليها وتحيلها من بعد الوجود إلى عدم
. أكثر ما يؤلمني في زمن الغربة والتهجير أن أرى أبنائي يكبرون على عيني، لا يعرفون من الوطن، الذي أحببته حد العشق الوله، إلا اسما باردا جافا لا روح فيه ولا غدق ولا ظلال.. وطن أحاول أن أجمّله في عيونهم بالكلمات وسرد الذكريات قدر ما يستطيع عاشق ولهان. لكن الوطن يا خليلي ليس كلمة تقال، مهما تحايل عليك أبوك أو أمك في تجميلها وتحبيبها إليك.
الوطن تراب نولد عليه، وظل نستظل به من شمس صيف حارقة، وماء نرتوي به من عطش في الأرواح قبل العروق، ودفء تتدفؤ به أرواحنا قبل أجسادنا من برد الشتاء. الوطن ربيع نقطف فيه زهر المروج وإن أجدبت، وصيف نأكل فيه من ثمر الأرض من لوز وعنب ورمان، وإن ذوت قبل الأوان، وخريف نتعلم منه أن كل شيء يفنى وينتهي كما ورق الأشجار الأصفر إلى زوال.
الوطن أهل وعشيرة وأقربون. أم وأب وإخوة وأخوات وأهل وأخوال وأعمام وأصدقاء صبا وذكريات من طفولة وشرخ شباب..
الوطن فكرة تنشأ في الأرواح، تُتلقى من ثدي الأم وبسمة الأب وكده وتعبه..
الوطن حياة، ولا معنى لوطن تصنعه، في ذاكرة طفل مغترب مهجّر، باغتراب أبيه وتهجيره، بضع كلمات تولد باردة شوهاء، مهما خرجت من قلب الأب حارة ملتهبة كالحب الأول أو كالنار.
الوطن عند المهجر ألم في سويداء القلب مقيم.. الوطن لذة وحسرة تستعاد في نفس المهجر إذا خلا إلى نفسه من مشاغل اليوم التي لا تنتهي. إنه ذكرى تستعاد حية نابضة كأنها لا تكف عن الكون والابتداء دوما من جديد. إنه صورة مجللة بالبهاء والجلال والألوان والروائح والطعوم، تحضر فجأة دونما استدعاء، كاملة كما عيشت يوما في الزمن الفردي السحيق، تأتي بعدها الآهات الموجعات، فالعبرات الخانقات الحارقات، ثم تغتسل الروح بالدموع وتشرب من الآلام حتى ترتوي، وتبرد الجمرة المتقدة السابحة دوما في لج الهوى المقيم قليلا ثم تستأنف الاشتعال.
هذا هو الوطن يا خليلي عند مهجر مغترب. إنه قطعة من جمال عُجنت طينتها بالشوق والألم والحلم والأمل. الوطن رحلة تقطعها الروح يوميا وكل حين، إذ تسرق نفسك من شواغل الأيام وضغط الحياة..
رحلة إلى لحظة التأسيس، وتراب البدء، وساعة الوجود الأولى في عالم الناس والأشياء، وما تلاها من أيام وليالي وآمال وآلام عظام، وهو حضن العائلة البعيد القريب، مثل قوس القزح حين كنت صغيرا، تجده قريبا منك، دانيا إليك كأنك تلمسه، ولكن لا تطاله، مهما فعلت، بيديك المتلهفتين لحضنه الكبير..
الوطن يا خليلي عند مهجر مغترب عودة للطفولة في مركبة الذكريات، لا تحدها إكراهات المكان ولا الزمان.. الوطن غوص في أعماق الذات حتى ملامسة الشقاء والنعيم..
الدوحة .. 4 ديسمبر 2010
)ه( كاتب وصحفي تونسي، أصيل منطقة العويدات )بير صالح( من منطقة جبنياية ولاية صفاقس.
درس الفلسفة بكلية 9 افريل قبل ان يتحول في أكتوبر من سنة 1990 إلى المغرب لاستكمال دراسته هناك ومنها انتقل الى المملكة المتحدة حيث حصل على اللجوء السياسي.
عرف العويديدي بنشاطه الطلابي صلب الاتحاد العام التونسي للطلبة وتعرض للإيقاف والتعذيب عدة مرات قبل أن يقع تجنيده سنة 1986 في منطقة رجيم معتوق.
------------------------------------------------------------------------
بطاقة تعريف مهجرية
رياض حجلاوي
السيد رياض حجلاوي متحصل على شهادة الدكتورا في الفيزياء ويشتغل مهندس في مجال الإعلامية يقيم مهجّرا في فرنسا منذ بداية سنة 1990 . تبلغ مدة تهجير السيد رياض إلى حد تاريخ إصدار هذه البطاقة 19 ع شر سنة و 6 أشهر كاملة اضطر فيها لفراق أهله ووطنه تجنبا للمتابعات الامنية والمحاكمات السياسية التي وقعت في تونس في
بداية التسعينات بسبب نشاطه النقابي في الجامعة التونسية. هو من مواليد 20 أكتوبر سنة 1964 ، أصيل قرية “العامرة” شهرت “قطرانة” التابعة لمعتمدية سيدي بوزيد الجنوبية، زاول تعليمه الابتدائي بقطرانة والثانوي بمدينة سيدي بوزيد ثم التحق بكلية العلوم بالمركب الجامعي بتونس اين تحصل على شهادة الاستاذية في جوان 1990 .
نشط رياض في اطار حركة الاتجاه الاسلامي في بداية الثمانينات وتم اعتقاله في سنة 1986 والحاقه بالخدمة العسكرية بالجنوب التونسي ثم اعتقل مرة ثانية في شهر جويلية سنة 1987 وتم إيداعه السجن حتى شهر ديسمبر 1987 .
وإثر مغادرته السجن عاد الى الجامعة وانهى دراسته في جوان 1990 التحق رياض بفرنسا في سبتمبر 1990 لمواصلة دراساته العليا ولم يستطع العودة للبلد لأنه حوكم غيابيا واضطر إلى طلب اللجوء السياسي من سنة 1994 حتى سنة 2007 أين تحصل على الجنسية الفرنسية.
تساند المنظمة الدولية للمهجرين التونسيين السيد رياض حجلاوي وتطالب السلطات التونسية بالاستجابة السريعة لمطالبه المشروعة.
من إصدارات المنظمة الدولية للمهجرين


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.