في رمضان يا سادة ويامادة يدّلنا ويدلّكم للشهادة لكل منّا عادة.. فمنا من يتذكر... بعد آثامه العبادة... فتراه لا يفارق بعد الافطار السجادة... يكثر من الركوع والسجود... والقيام والقعود... ويبالغ في الاستغفار وتلاوة الاذكار... وبين كلمة وكلمة يصلّي على خير الأنام ويقريء كل من يعترضه السلام... وترى على وجهه هشاشة وفي تقاسيمه بشاشة... إذا أقبلت عليه هش... وفي وجهك بش فلاهو يكش ولا ينش كما في النهار عندما يقف في حانوته كخضار أو عطار أو جزار. فعند الصيام يصبح الضياء في وجهه ظلام... فلا أهلا يقول ولا سهلا... بل فم كالمرجل يغلي وعيون من الغضب تقلي... كأن الدجاج الأكحل من حوله فلا تسلم من يده ومن قوله... فكلامه مسبّة... وعلى أي علّة أو سبّة تراه قد انقلب واشتعلت عيناه من الغضب... فلا وسع بال عنده بل قد يسخطك بالذي بيده... ساطورا كان أو ميزانا ويخرج السباب من فمه ألحانا... والشتائم أشكالا وألوانا... فويل لمن يجادله بالقول وهو لا قوة له ولا حول فقد يرى النجوم في عز النهار... إذا أصرّ على الاختيار أو لم تعجبه السلعة فذالك نهار أمه وأبيه قرعة... فسيكشر صاحبنا عن أنيابه ويمسكه من ثيابه ويطوّح به يمينا وشمالا... ويزن له من الضربات مكيالا... ومن البونيات أثقالا ويسوي به الارض حتى لا يعرف الطول من العرض ولا يتركه إلا بعد تدخل «الحزّازة» ليفكّوه وعن فم الأسد يبعدوه. وبعد أن يكون الزبون أكل طريحة نبّاش القبور وحلف بالطلاق بأنه بهذه البقعة لا يدور أما صاحب الدكان فعندما يعود إلى الدار ونصف من عقله قد طار ويرى القدور ملآنة بما لذ وطاب ويعب من الشربة حلاب ويسيل على البريكة اللعاب فيعود إليه الصواب وبعد أن يملأ بطنه بالتشيشة ويجبد نفسا من الشيشة يتنهّد ويقول «يلعن بوها لحشيشة» وفي يوم غد تعود حليمة إلى عادتها القديمة وكل عام وأنتم محششون ومرمضنون ونحن لحشيشتكم صاغرون ومنها خائفون إلى يوم يبعثون. فيصل الصمعي