سفارة إيطاليا في تونس تحذر من وسطاء حجز مواعيد للتصريح بالقيمة وتدعو الطلبة إلى التثبت    مع خطية ب 5 مليارات .. 4 سنوات سجنا لرجل الأعمال الأزهر سطا    ولاية تونس تنبّه    الحكومات العربية باتت مهتمة بالاستخدمات السلمية للتكنولوجيات النووية    عاصفة رملية بولايتي توزر وقبلي: سقوط أشجار وتضرّر نخيل    مع الشروق :أين منظماتنا العربية والإسلامية من نزيف الأمة ؟    رغم الضغوطات وحملات الدعم : الإفريقي يرفع «الفيتو» أمام عودة «النجوم المُنتهية»    سينر يهزم ديوكوفيتش ويتأهل لنهائي ويمبلدون للمرة الأولى    «شروق» على مونديال الأندية: مكافآت تاريخية لباريس سان جرمان    أمطار متفرقة بالمرتفعات الغربية للوسط والجنوب آخر نهار الجمعة وبداية الليل    قرطاج لا يُغَنَّى فيه مجانًا... تصريح رسمي يحسم الجدل حول مشاركة الفنانة أحلام    بالمناسبة .. .مهازل مهرجان قرطاج وفضائحه    منظمة الصحة العالمية تكرّم سعيّد    اليونان تغلق الباب في وجه اللاجئين من شمال إفريقيا    الكولستيرول الجيد والكولستيرول الضار: هل تعرف ما هو الفرق؟    بطولة العالم للكرة الطائرة للفتيات تحت 19 عاما: المنتخب التونسي يتبارى غدا مع منتخب جمهورية الدومينيكان من أجل المركز 23    انتخابات تشريعية جزئية: قبول ملفات ترشح 10 مترشحين (هيئة الانتخابات)    عاجل/ المنظمة العالمية للأرصاد تحذّر من أضرار العواصف الرملية والترابية    عاجل/ العثور على جثة طفلة تحمل آثار حبل حول عنقها    البرازيل تتحدى ترامب: سنرد برسوم انتقامية    الاعلامي فهمي البرهومي يؤكد تعرضه للسحر من شخص مقرّب منه    المنستير: تنظيم الأيام الإعلامية الجهوية للتوجيه الجامعي لفائدة الناجحين في البكالوريا يومي 14 و15 جويلية الجاري    الجامعة العامة للنقل تُحمّل وزارة النقل تداعيات إضراب أعوان شركة قرقنة المزمع تنفيذه يومي 17 و18 جويلية الجاري    لأول مرة: جامعة القيروان ضمن التصنيف العالمي للجامعات    تلامذة من تونس يلمعو عربياً في تحدي كبير! شكونهم؟    الجزائر: حمود بوعلام يشتري رُويبة ويُقصي الفرنسي ''كاستيل'' من السوق    عاجل/ بلاغ هام للناجحين في دورة المراقبة لامتحان البكالوريا    تاكل تُن وانت مريض سكر؟ إنت في الأمان ولا تغالط في روحك؟    تونس: البنك الأوروبي للإستثمار مستعد لتمويل مشاريع ذات النجاعة الطاقية ومكافحة الهدر المائي والنقل الحديدي    توزر: تواصل التدخلات لإزالة آثار العاصفة الرملية    ديوان الإفتاء يصدر مجلة "فتاوى تونسية " تتضمن دراسات وفتاوى لأعلام الزيتونة    ديوان الإفتاء يصدر مجلة "فتاوى تونسية "    البنك الإفريقي للتنمية: النمو الاقتصادي في تونس سيبلغ 1.9% في 2025...    العجز التجاري لتونس يتفاقم بنسبة 23،5 بالمائة    البطولة الوطنية لكرة اليدّ على الأبواب.. وهاذم التواريخ    عاجل : ''الكاف'' يفتح تحقيقًا بشأن منتخب الجزائر للسيدات    عاجل: الاتحاد المنستيري يعلن عن التركيبة الكاملة للإطار الفني للموسم الحالي    هل حيك معني؟ الستاغ تركّب منشآت جديدة في منوبة وتُوعد بنهاية الهبوط الطاقي    القصرين: حجز 11 طناً من البطاطا المخزنة خارج المسالك القانونية بمدينة بوزقام    موفى جوان 2025: عجز تونس التجاري يتفاقم إلى 9،900 مليار دينار..    عاجل/ أول تصريح لنتنياهو حول اتفاقه مع ترامب بشأن غزة..    عاجل/ هذا ما كشفه عمر بحبة عن العاصفة الرمليّة بقبلي وتوزر..وهذه حالة الطقس نهاية الأسبوع..    ما ترقدش بكري؟ المخ، القلب، والمعدة يدفعوا الثمن!    مانشستر يونايتد يتعاقد مع المهاجم الفرنسي إنزو كانا    عاجل/ ترامب يتوعد باعلان مهم الاثنين المقبل..وهذه التفاصيل..    سبعيني يكسّر القاعدة وينجح في الباك... قصة ما تتعاودش!    معز حديدان: 75 بالمائة من دعم الحبوب تذهب للأثرياء و 1 بالمائة فقط للفقراء... إصلاح منظومة الدعم أصبح ضرورة عاجلة    بعد وضع اسمه في أفيش لسهرة بمهرجان قرطاج: مقداد السهيلي...أنا وين سي علاء!!!    قوة إسرائيلية تتسلل داخل الأراضي اللبنانية وتنفذ عملية تفجير    لطيفة تطرح 4 أغاني من ألبومها "قلبي ارتاح"    ترتيب المندوبيات الجهوية للتربية حسب نسب النجاح في امتحانات الباكالوريا 2025 عمومي    مقداد السهيلي: أنا ما نيش هاوي وإلا جيت لبارح باش نوري وجهي ونستنى باش يشجعني الجمهور    اسألوني .. يجيب عنها الأستاذ الشيخ: أحمد الغربي    خطبة الجمعة: ولا تنازعوا فتفشلوا ...    منظمة الصحة العالمية تمنح رئيس الجمهورية درع الاتفاقية الدولية للوقاية من الجوائح..    التوانسة الليلة على موعد مع ''قمر الغزال'': ماتفوّتش الفرصة    سعيّد: كلّ تظاهرة ثقافيّة أو فنيّة يجب أن تتنزّل في إطار قضايا الحريّة والتحرّر    شنية سرّ السخانة في جويلية.. بالرغم الي أحنا بعاد على الشمس؟    









في ظل كثرة زعمائنا..هل أصبحنا بحاجة.. لزعيم؟
نشر في الصريح يوم 30 - 04 - 2011

عندما أخرج إلى الشارع.. الرئيسي.. فيصادفني الناس هناك.. وقد تقسموا إلى حلقات.. وقد جلس على الحلقة الواحدة منها.. أحدهم.. فطفق يخطب فيهم.. وعندما أتابع بعض ما يقوله ذلك الشخص فأفهم أنه زعيمهم.. وعندما أجلس باحدى المقاهي.. فأسمع هناك.. من يتكلم إلى الآخرين.. بلهجة الزعماء.. ويتصرف معهم تصرف الزعماء..
وعندما أفتح جهاز التلفاز.. فألحظ أن كل الذين يتحدثون إلينا من خلاله.. يفعلون ذلك.. بصفتهم زعماء.. بل إن من بينهم.. من يحاول التطاول علينا بصفته تلك.. ومن بينهم من يحاول إقناعنا.. بأنه الأقدر من بيننا على ممارسة الزعامة علينا.. ومن بينهم من لا يرضى بأن يقاسمه الزعامة علينا أحد.. وإذا تبين له بأن أحدهم قد حاول فعل ذلك.. فإنه لا يتأخر في «إعطائه نصيبه» من النقد.. ومن الانتقاد ومن الشتائم.. والتي يبدأها بالتلميح.. ثم ينهيها بالتجريح.. مستغلا في ذلك.. فضاء إعلاميا عموميا.. ومعتديا بذلك على أذواقنا.. وسارقا منا وقتنا.. ومتجاهلا بأننا نملك معه في ذلك الفضاء الإعلامي العمومي.. وبأنه من حقنا استغلاله مثله.. أو على الأقل.. فمن حقنا التزود من خلال متابعته بما ينفعنا.. وبما ينوّرنا.. وبما يفتح بصائرنا.. وبما يعطينا الصحيح حول حقيقة أوضاعنا.. وحول ما يمكن أن يهددنا.. ويهدد أبناءنا من بعدنا..
وعندما أفتح بعض الجرائد.. فتطالعني بداخلها صور كبيرة.. لأناس أعرفهم.. وأعرف أنهم قد كانوا عاديين مثلنا.. لكنهم قد تحولوا بقدرة قادر.. وفي رمشة عين.. إلى زعماء.. وإلى أقطاب.. وإلى ساسة.. وعندما أطالع ما يقوله هؤلاء.. للجرائد.. فأفهم منه.. أنهم قد لبسوا جبة الزعامة فعلا.. ولم يعد من حق الواحد منا.. معارضتهم فيما يقولون.. أو فيما يكتبون.. وليس من حقه الاعتراض على آرائهم.. أو حتى التجرؤ على لفت أنظارهم لبعض أخطائهم.. باعتبارهم زعماء ونظرا لأنهم يرفضون الرأي المخالف مهما كان مأتاه.. وكل ذلك باسم الثورة.. ونيابة عن الشعب الكريم..
وعندما تجمعني الصدفة مع واحد من هؤلاء.. فأسمعه يقول كلاما.. لا يودي ولا يجيب.. وأفهم أنه داخلها بفركة وعود حطب.. ويدفعني الشعور الوطني أو حتى الفضول لمحاولة مناقشته.. لكي أؤكد له سوء موقفه أو لكي أدعوه لمراجعة بعض آرائه.. لكنه قد يرتمي في عنقي.. ويشدني من شوشتي.. وإذا لزم الأمر فقد يعطيني طريحة نباش القبور.. ولعله قد يجمع لي مجموعة من أصحابه فيقولون لي بالفم والملا وبالصوت المسموع: «Degage» من الشارع.. وعليك بملازمة بيتك لأنك لم تعد أهلا.. للخروج منه أو للاختلاط مع الناس.. بعد أن ثبت لنا أنك تعارض أفكارنا.. ولا توالينا.. ولا تصفق لنا.. وكل هذا.. لأنني.. قد تجرأت على مناقشة المتكلم منهم والذي أفهم بعد هذا أنه زعيمهم..
وعندما أتطارح بعض المسائل مع البعض.. فلا أتخلف ولا أتردد في إبداء رأيي حولها وفيها.. وأفعل ذلك بطريقة لبقة.. وبأسلوب حضاري.. وفي إطار ما يسمى عندنا بالديمقراطية..
الا أنني وبمجرد أن أفعله.. وما إن أعلن عن موقفي المخالف لموقف منافسي ومحدثي.. حتى ألقى نفسي.. ملطوخا على ظهري.. وصاحبي أو مناقشي جاثما فوق صدري.. مولولا.. صارخا.. صائحا.. هائجا مائجا.. ومؤكدا لي أنه ليس من حقي مناقشته.. أو قول لا في وجهه.. وكل ذلك باسم الديمقراطية التي يعرفها.. ويدعي أنه زعيم في بلاطها.. بل قد يدعي أنه الأقدر على تطبيقها وعلى تجسيدها في كل معاملاته وفي كل مواقفه..
وعندما أكتب رأيي.. حول بعض التصرفات.. وأنشره بالجريدة.. لكني قد ألقى من الغد.. وبمجرد مغادرتي لبيتي.. من يجلس على عتبته.. لكي يسارع بمسكي من شوشتي.. ولكي يصبّح عليّ بما لذ وطاب من عبارات الشتم.. وحتى الوعيد..
وعندما أفعلها مرة أخرى.. وأكتب ناقدا لبعض مواقف البعض أو معبرا عن اعتراض الناس عليها.. وبمجرد صدور الجريدة.. يكلمني أحدهم بواسطة هاتفي.. ليقول لي: بوها ألعب قدام حومتك.. وما عادش.. تتفافى.. وتكتب اللي يجي.. ما تعرفش اللي كتبتوا مس زعيمنا.. وقلّقوا.. هيا.. ريض لا تاكل طريحة..
وعندما أتابع بعض الخطب السياسية في ربوعنا.. وأقصد خاصة خطب المسؤولين الحاليين.. بالحكومة.. فأفهم من خلالها.. أن حكومتنا.. تبالغ في المآخذة بالخاطر.. أو لعلها.. تتعامل مع بعض الأطراف وفق قاعدة: لا تذيني لا ناذيك.. وقد يتأكد لي ذلك.. من خلال كثرة هذه البلاغات التي تدين بعض التصرفات المارقة لكنها تكتفي بذلك.. ولا تفعل غيره.. ومن خلال.. بعض المواقف الحكومية المتضاربة.. والمتناقضة.. ومن خلال بعض قراراتها.. الارتجالية والتي تكاد تصدر كلها من أجل إرضاء زيد أو عمرو.. حتى ولو كان ذلك لا يرضي الأغلبية من الناس..
وعندما أذهب إلى إحدى الإدارات العمومية.. من أجل قضاء شأن عاجل.. أو من أجل عرض وضعية مواطن مظلوم قد اتصل بي.. وأمدني ببسطة عن حاله وطلب مني التدخل من أجل محاولة إيجاد الحل اللازم له.. فألقى الناس هناك.. وأقصد الموظفين.. وقد تخلوا عن مهامهم الأساسية وقد تجردوا من واجباتهم المهنية.. وقد انغمسوا بكبيرهم وبصغيرهم في حلقات النقاش.. السياسي.. وأفهم من خلال بعضها أن الجماعة قد طلقوا العمل بالثلاث.. وأنهم يحتفلون اليوم بمرور الشهر الرابع على تطليقه.. وتحولوا بعد ذلك.. بالجملة لا بالتفصيل.. إلى سياسيين وإلى زعماء.. ثم تفرغوا لممارسة التحاليل السياسية..
وعندما يتحدث إلينا سي الباجي.. بأسلوبه الظريف الخفيف.. فنتوقف من خلاله ذلك على مميزات شخصيته.. ونرفع له «الكبّية» ونشهد له بالقدرة الخارقة على الحديث بطريقة خفيفة ومرحة وظريفة..
لكننا والشهادة من الدين لا نتمكن من الخروج مما يقوله لنا في حواراته.. بما ينفعنا وبما يفيدنا وبما يشفي غليلنا وبما يجيبنا عن كل تساؤلاتنا وأسئلتنا.. وبما يشرح لنا صدورنا.. وبما يمكننا من فهم آش صار.. وآش قاعد يصير..
وعندما يطل علينا رئيس الجمهورية المؤقت.. مريرة في الفال.. ومريرة بعد قداش.. ليعيد مخاطبتنا بنفس الكلمات.. والتي تؤكد لنا أننا أبناؤه الأعزاء.. وأن نساءنا هن بناته العزيزات.. وتدعونا للعمل وللكد.. وللمثابرة.. ولبذل الجهد.. ولا تفعل غير هذا..
عند كل هذا.. وذاك.. أشعر بداية بأن وضعنا الحالي صعب.. وأستنتج بأننا نعيش فترة كثرت فيها الزعامات وكثر فيها الزعماء..
وأدعي بل أعتقد.. بل أبصم بالعشرة.. بأننا قد أصبحنا بسبب ذلك بحاجة أكيدة وماسة وعاجلة.. إلى زعيم..فاعل... وناجز وقادر على مسك أمورنا.. وعلى الخروج بنا من عنق الزجاجة..
آمل ألا يكون زعيمنا المنتظر من جماعة: هاني معاكم لا تشكو فيّ.. أو من جماعة: أنا وبعدي الطوفان.. أو من جماعة: أنا ربكم الأعلى.. أو من الجماعة الذين تداولوا علينا سابقا.. وتزعموا حياتنا.. فسلبوا منها أعزّ ما فيها.. من عز.. ومن عزة نفس.. ومن عزم.. ومن عزيمة.. آمين.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.