تونس الصباح كما هو معلوم، تزامن حلول شهر رمضان هذا العام مع العودة المدرسية والجامعية وكذلك مع انتهاء فصل الصيف الذي يشهد عادة أعلى معدلات الانفاق مما يثقل كاهل العائلات بمختلف مستوياتها الاجتماعية. وهذا الوضع الاستثنائي جعل الرئيس زين العابدين بن علي يأذن بصرف منحة الانتاج لاعوان الوظيفة والمؤسسات والمنشآت العمومية في بداية الشهر الجاري وقبل موعدها المحدد وكذلك تمكين الاجراء من تسبقة مالية على الزيادات العامة في الاجور بعنوان السنة الحالية. لكن هذا الاجراء الرئاسي، لم تسايره بعض الهياكل والمؤسسات الاخرى وخاصة شركة الكهرباء والغاز والشركة الوطنية لاستغلال وتوزيع المياه واتصالات تونس التي قامت وبصفة آلية دون مراعاة الظرف الاجتماعي الخاص بإصدار الفواتير الثلاثية التي وصلت المواطنين في وقت واحد تقريبا ,واضعين لمشتركيهم آجال قريبة للدفع وكلها خلال شهر رمضان. والمؤكد أن أقل المبالغ المشتركة للفواتير لن تقل عن 150 دينارا لرب العائلة الذي يعد من المتحكمين في مصاريفهم,فما بالك ببعض العائلات الاخرى الكثيرة الاستهلاك في صيف حار اشتغلت فيه المكيفات وتجاوزت فيه معدلات استهلاك المياه الحدود المعقولة. لقد كان من الممكن التنسيق بين الشركات الثلاث والاتفاق بينهم على تواتر إصدار الفواتير أو على الاقل إعطاء آجال أطول للمواطن حتى يقوم بتسديد المبالغ الواردة في فواتير الاستهلاك.فمهما كانت مداخيل الموظف فانه من الصعب إن لم نقل من المستحيل أن يتمكن من مجابهة مصاريف هذا الشهر وتقسيم أجره ومنحه على ما يتطلبه هذا الشهر من انفاق على المائدة وعلى الكتب والكراسات والاشتراكات المدرسية من نقل وتسجيل وحضانة ودروس خصوصية لتليها مصاريف العيد ومتطلباته من لباس وحلويات وتنقل للمعايدة لتنضاف إلى كل هذا فواتير الكهرباء والماء والهاتف والاداء البلدي.وكل ذلك يأتي بعد موسم الاصطياف والخلاعة والاعراس.فمهما اجتهد رب الاسرة لتقسيم "شهرية" سبتمبر فانه لن يستطيع التوفيق في تقسيمها وخلاص ما يمكن خلاصه. والمطلوب بعد صدور الفواتير ووصولها لصناديق بريد أصحابها مراعاة هذا الظرف وتأخير آجال الدفع أو إيجاد صيغة تقسيم للمبالغ الكبيرة حتى لا يثقل كاهل المواطن وحتى لا تتراكم عليه الديون بحيث يصبح بعد ذلك عاجزا عن الايفاء بها وتسديدها.