تكريم محمود درويش ويوسف شاهين برنامج الدورة السادسة والعشرين لمهرجان المدينة الذي ينطلق يوم 6 سبتمبر الجاري ليتواصل إلى 29 من نفس الشهر يشتمل في جزء كبير منه على عروض لشباب من الموسيقيين التونسيين. أغلبهم من أصحاب الشهادات العليا ومن خريجي الكليات والمعاهد العليا للموسيقى بتونس وفرنسا بالخصوص. هل ينتظر أن يحدث هذا مفاجأة لدى الجمهور وهل لنا أن نستغرب هذا البرنامج. نستغربه ليس من باب التقليل من قيمة العروض من الناحية الفنية ولكن من باب أن المهرجان يفترض أنه لا يشكل مساحة للإختبار ولتقديم التجارب الجديدة بعد أن طوى من العمر ربع قرن تقريبا. مثل هذه المؤاخذات وغيرها تم توجيهها إلى الهيئة المديرة لمهرجان المدينة التي عقدت ليلة الإربعاء بدار لصرم بالمدينة العتيقة بالعاصمة لقاءا صحفيا حول الدورة الجديدة لهذه التظاهرة الثقافية التي تلتئم كما هو معلوم منذ انطلاقتها مواكبة لشهر رمضان. النقد تناول أيضا مشاركة الفنانة أمينة فاخت بعرضين في المهرجان. عرض الإختتام بالمسرح البلدي وعرض خلال السهرة التي تسبق موعد الإختتام. والسؤال كان حول مدى استجابة العرض الخاص بأمينة فاخت لمواصفات وشروط مهرجان المدينة. أمينة فاخت وتساؤل حول انسجامها مع خصوصيات المهرجان بالنسبة للسيد زبير لصرم وبخصوص العروض الخاصة بالموسيقيين التونسيين خاصة من الفرق والأسماء التي لم تحقق الإنتشار الواسع بعد في تونس فإن الأمر لا يمكن أن يكون بمثابة المفاجأة. فمهرجان المدينة كان ولازال بالنسبة له مناسبة لاكتشاف المواهب والكفاءات. الكثيرون وفق قوله من «خريجي» مهرجان المدينة كان لا يصل أجرهم في بداياتهم بالمهرجان إلى مائة دينار. وقد تجاوزت اليوم أجورهم العشرة آلاف دينار وهو ما يعتبره انجازا يحسب لمهرجان المدينة. و كان السيد زبير لصرم قد تناول الكلمة نيابة عن أعضاء الهيئة المديرة الذين حضروا إلى جانبه ومن بينهم مدير المهرجان الهادي الموحلي والأستاذ عبد العزيز الدولاتلي والسيدة الفخفاخ المسؤولة عن التجهيز ببلدية تونس. انظمت إلى المنصة أيضا السيدة اللوز ممثلة مؤسسة تونيزيانا التي ترعى مهرجان المدينة وقد دعمت الدورة الجديدة بمبلغ 300 ألف دينار حسب الأرقام التي قدمها السيد زبير لصرم مشيرا إلى أنه تم انفاق مبلغ 120 ألف دينار كاملة من هذا المبلغ للدعاية. وللتذكير فإن بلدية تونس تشرف على تنظيم مهرجان المدينة وتحصل هذه التظاهرة على دعم من وزارة الثقافة والمحافظة على التراث (قيمة الدعم وصلت هذا العام إلى 300 ألف دينار حسب نفس المصدر). و كانت فكرة منح الموسيقيين الشبان فرصتهم كاملة في مهرجان المدينة مناسبة ليعود من خلالها الأستاذ الدولاتلي وهو أحد مؤسسي مهرجان المدينة ومن الكفاءات المعروفة في بلادنا بجهودها في مجال صيانة التراث التونسي المادي واللامادي ليعود إلى الأصل فبعث مهرجان للمدينة من طرف جمعية صيانة المدينة خلال شهر رمضان بالعاصمة كان في الأصل يهدف إلى استقطاب الشباب وجلبهم إلى المدينة العتيقة حتى تبقى دائما بمختلف معالمها جزءا من كيانهم مذكرا في الآن نفسه بالأهداف الأخرى لبعث المهرجان ومن بينها احياء الأجواء الرمضانية التي كانت تميز المدينة العتيقة والتي كادت تندثر مشددا على أهمية تنشيط معالم المدينة العتيقة بهذه المناسبة . وأوضح مدير المهرجان من ناحيته بخصوص عرضي أمينة فاخت أن هذه المطربة وعدت حسب قوله ببرنامج ينسجم مع خصوصيات مهرجان المدينة الذي هو معني بالتراث الموسيقي قبل كل شيء. كما علل برمجة عرضين لأمينة فاخت بالرغبة في إعطاء الفرصة لأكبر عدد ممكن من جمهور هذه الفنانة لحضور عرض من العرضين. تكريم درويش وشاهين و تجدر الإشارة إلى أن مهرجان المدينة في دورته الجديدة جدد اللقاء مع عدد من الوجوه المألوفة لدى جمهور هذا المهرجان. ونذكر بالخصوص الفنان لطفي بوشناق وكذلك زهرة لجنف ودرصاف الحمداني والزين الحداد... بالنسبة للعروض العربية يجدد الجمهور العهد مع الفنانة اللبنانية حنين. ومن بين العروض العربية الأخرى المبرمجة خلال هذه الدورة نذكر سهرة الطرب لصفوت صبري من سوريا وعرض تنويعات لحسين السبسبي من سوريا أيضا أما العرض السوري الثالث فيحمل عنوان «سيرة الروح والحياة» لكنان باشا ومجموعته. وتقدم احدى الفرق الجزائرية «مزغنة» عرضا للموسيقى الأندلسية. ومن برنامج العروض الدولية نذكر بالخصوص سهرة أمريكية مع عازف أمريكي للبيانو. وعرضا هنديا في العزف على السيتار وعرضا برازيليا وهناك أيضا عرض من اسبانيا وآخر من البرتغال وثالث من إيطاليا إضافة إلى العروض الخاصة بفنانين وعازفين من أوروبا الشرقية من بين المقيمين بتونس . وقد خصصت هيئة المهرجان سهرتين لتكريم الراحلين الكبيرين يوسف شاهين ومحمود درويش. وتتولى مجموعة أجراس بيقيادة الفنان عادل بوعلاق احياء السهرة الخاصة بالراحل درويش في حين يتم عرض مجموعة من أفلام يوسف شاهين خلال السهرة المهداة إلى روح هذا الفنان. من جهة أخرى يقدم ابراهيم البهلول المعروف بالبحث في مجال موسيقى الإيقاع عرضا له صحبة فرقة افريقا. بقية العروض تنقسم إلى أعمال تبحث في التواصل بين مختلف الموسيقات الشرقية والغربية من خلال المزج بين موسيقانا وموسيقات عالمية وأعمال مستلهمة من التراث الموسيقي العربي والشرقي. مع العلم أنه تمت العودة مع الدورة السادسة والعشرين إلى تجربة المسرح. ولم يغيب مهرجان المدينة كما جرت العادة منذ عدة دورات لا الراوية عبد الستار عمامو ولا مسامراته بل على العكس فإن عبد الستار عمامو يقدم في الدورة الجديدة للمهرجان ثلاث مسامرات. وينبغي التذكير أن جل العروض تقام بفضاءات داخل المدينة العتيقة على غرار حدائق خير الدين ودار لصرم ودار حسين وسيدي قاسم الجليزي والنادي الثقافي الطاهر الحداد مع بعض العروض بمسرح مدينة تونس.