الضجة الحالية حول حرية الصحافة في فرنسا بسبب تحقيق صحفي نشرته مجلة "باري ماتش" المصورة على هامش Paris Mach مقتل 10 عسكريين فرنسيين في أفغانستان غريبة جدا.. وزراء وسياسيون من اليسار واليمين تدخلوا في الموضوع واعتبروا ان حرية التعبير ونشر الصور في "باري ماتش" غلط كبير و"تجاوز للحدود".. لانها نشرت 5 تحقيقات عن أفغانستان ودور القوات الفرنسية والأطلسية هناك.. وخصصت قسما من احدى تلك الحلقات لتقديم وجهة نظر مقاتلين أفغان معارضين للوجود العسكري الاجنبي (والفرنسي) في بلدهم.. بينهم متطرفو "حركة طالبان.."؟؟ جل الساسة الرسميين والمعارضين الفرنسيين عارضوا نشر وجهة نظر "العدو".. واعتبروا ما قامت به مجلة "باري ماتش" استفزازيا وليس فيه مراعاة لمشاعر عائلات العسكريين الفرنسيين العشرة وبقية الفرنسيين.. هكذا؟؟ والغريب أن الانتقادات صدرت عن وزراء في حكومة اليمين (بينهم وزير الدفاع؟؟) وعن رموز من اليسار والخضر.. مثل البرلماني الاوروبي دانيال كوهن بنديت (Daniel Cohen Bendit) الذي يعتبره البعض في أوروبا وخارجها من "المتطرفين" في اشكال الدفاع عن الديمقراطية.. عندما تهم بلدا من بلدان جنوب البحر الابيض المتوسط.. الديمقراطية تعني اولا حرية التعبير.. ونشر وجهتي الطرف والطرف المقابل من أية قضية خلافية أو نزاع.. لكن يبدوأن رموزا من الحزب الاشتراكي وحزب الخضر تخلوا عن هذا المفهوم وعن مقولة "واجب نشر الراي والراي الاخر".. رغم استماتة بعض الاعلاميين الفرنسيين ومسؤولي مجلة "باري ماتش" في التمسك بها.. ايمانا بقداسة رسالة الصحفي وواجب تقديمه للخبر كاملا.. بعيدا عن "روتوشات" وزارة الدفاع الفرنسية والحليفة.. الموقف السائد في فرنسا من حرية التعبير ودور وسائل الاعلام يختلف عن موقف الاعلام الامريكي حيث تتابع الصحف والمجلات والجامعات ومراكز الابحاث السياسية منذ 2001 تقديم انتقادات علنية لاداء القوات الامريكية في افغانستان والعراق ولسياسة بوش الابن.. فهل تؤدي الضجة الحالية في فرنسا الى تعديل الموقف الفرنسي من حرية الاعلام والنشر أم يحصل العكس؟