التصريحات التي أدلت بها وزيرة الخارجية الامريكية رايس أمس في تونس بعد لقائها مع الرئيس زين العابدين بن علي بحضور وفدين رفيعين من البلدين أكدت على الصبغة الاستراتيجية للعلاقات الثنائية بين الحكومتين والشعبين. واذ تندرج زيارة السيدة رايس الى تونس أمس في سياق جولة تشمل 4 دول مغاربية من بينها لاول مرة منذ 55 عاما الشقيقة ليبيا فانها تكتسي صبغة سياسية واستراتيجية مميزة بالنسبة لكل بلد مغاربي فيما يتعلق بعلاقاته الثنائية في مختلف المجالات مع القوة الاقتصادية والعسكرية والسياسية الاعظم في العالم. ورغم المسافة الجغرافية الهائلة التي تفصل تونس والمنطقة المغاربية عن الولاياتالمتحدة فان مختلف المعطيات وتصريحات رايس أمس تؤكد تزايد الاهتمام الاقتصادي والعسكري والامني والسياسي الامريكي بدول شمال افريقيا ومستقبل شعوبها. ان واشنطن تبدو اليوم أكثر اهتماما بالمنطقة المغاربية الغنية بثرواتها ومن بينها النفط والغاز والفوسفاط.. وبفرص الاستثمار الجديدة فيها.. خاصة في صورة تطور العلاقات الاقتصادية البينية المغاربية وتقدم انجاز المنطقة الحرة الاورومتوسطية التي تضم 12 بلدا من جنو ب البحر الابيض المتوسط بينها البلدان المغاربية الخمسة ومصر والاردن وسوريا وتركيا. لكن تونس التي تميزت طوال العقود الماضية بديبلوماسيتها الهادئة وباستقرارها الامني والسياسي وبتقدم مواردها البشرية وعراقة التقاليد السياسية والثقافية الديمقراطية فيها تهم واشنطن واشنطن وحلفاءها أكثر فاكثر. لقد عارضت الادارة الامريكية لمدة طويلة خطوات التعاون الثنائي بين عدد من الدول بينها تونس مع الشقيقة ليبيا في مرحلة فرض الحصار عليها ، لكن القيادة الامريكية فهمت لاحقا صواب الموقف التونسي.. ودعمت الجهود الديبلوماسية التونسية لتشجيع الحوار الليبي الامريكي حتى حصلت المصالحة الشاملة الامريكية الليبية التي جاءت زيارة رايس الى طرابلس أول أمس لتتوجها.. بعد أكثرمن 20 عاما من التوتر وسوء التفاهم والتصعيد الاعلامي السياسي والاعلامي.. إن لغة المصالح هي التي تنتصرعندما تؤخذ مصالح جميع الاطراف بعين الاعتبار وليس مشاغل جهة واحدة. كما لابد لكل الاطراف أن تدرك أن الاختلافات في وجهات النظر لا تتنافى مع قيام علاقات شراكة وتعاون متطورة بين الجانبين. فعسى أن تشهد المرحلة القادمة ترفيعا لمستوى التعاون بين الولاياتالمتحدة والدول المغاربية بما يخدم مصالح كل الاطراف.