رايس تزور ليبيا والامر لم يعد يتعلق بتكهنات او توقعات او احتمالات تتناقلها الاوساط الاعلامية ولكن بحدث اثار ولايزال يثير الكثير من التساؤلات ونقاط الاستفهام حول ابعاده واهدافه لا سيما في مرحلة لا تخلو من التناقضات حيث بدا العد التنازلي لنهاية ولاية الرئيس بوش التي تسجل في المقابل دخول ليبيا إلى مرحلة جديدة من العلاقات الدولية وتسابق السياسيين ومعهم اكبر الشركات التجارية لاقتناص الفرص الاستثمارية في بلد يمتلك تاسع اكبر احتياطي للنفط في العالم باجمالي يناهز 39 مليار برميل فضلا عن ثروات اخرى. وعلى غرار رئيس الوزراء البريطاني السابق توني بلير الذي قرر عدم ترك منصبه قبل زيارة طرابلس وفتح صفحة جديدة بين ليبيا والمملكة المتحدة اختارت وزيرة الخارجية الامريكية غونداليزا رايس بدورها ان تختتم مهمتها في البيت الابيض بزيارة رسمية إلى العاصمة الليبية في خطوة وصفتها واشنطن "بالتاريخية" باتجاه تطبيع العلاقات بين البلدين بعد عقود من القطيعة والعداء بما يمكن ان يمهد الطريق لصفحة جديدة من العلاقات امام الادارة الامريكية المقبلة سواء كانت بقيادة الديموقراطيين او الجمهوريين. كثيرة ستكون الملفات التي سترتبط بجولة رايس المغاربية والتي بالاضافة إلى القضايا المرتبطة بالعلاقات الثنائية والحرب على الارهاب وقضية الصحراء الغربية وحقوق الانسان والديموقراطية ستكون فرصة لتاكيد موقع امريكا في المنطقة واصرارها على الالتحاق بصفوف اوروبا والعملاق الصيني في الحصول على نصيبها من كعكة الاستثمارات المغرية لا سيما في هذه المرحلة التي تشهد فيها اسعار النفط ارتفاعا جنونيا في الاسعار وتنافسا شديدا على الموارد... ان زيارة المسؤولة الامريكية التي تاتي في اطار جولة مغاربية إلى كل من ليبيا وتونس والجزائر والمغرب باستثناء موريتانيا التي يبدو ان واشنطن لا تنظر بعين الرضا إلى الانقلابيين الذين اطاحوا بالرئيس المنتخب محمد ولد الشيخ عبد الله تحمل في طياتها اكثر من رسالة إلى اكثر من طرف ولكنها غير مضمونة الوصول وربما تكون واشنطن ارادت من خلالها استمالة ايران وكوريا الجنوبية واغرائهما قبل اغلاق الملفين النوويين لطهران وبيونغ يانغ .اما فيما يتعلق بسوريا فيبدو انه سيتعين على واشنطن ان تعيد حساباتها بعد الاختراق الذي حققه الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي الذي ادرك ان سياسة العزل والحصار لا يمكن ان تحقق النتائج المطلوبة ... صحيح ان زيارة رايس الى ليبيا ما كان لها ان تتم قبل بضع سنوات بسبب العداء الدفين وكثرة الملفات والحسابات العالقة بين الجانبين الا ان الحقيقة ايضا ان ما اتخذته السلطات الليبية من خطوات جريئة منذ 2003 عندما قررت التخلي عن برنامجها النووي وما تلاه من قرارات لا يستهانبها وتقديم تعويضات مالية بالمليارات بهدف طي صفحة لوكربي والخروج بليبيا من العزلة التي فرضت عليها قد مهدت لوجود ارضية ساعدت على تجاوز الكثير من خلافات الماضي والتفاوض بشان تطبيع العلاقات والمصالح المستقبلية...