تونس الصباح: تتجه نشاطات عديد المؤسسات الوطنية ذات الصلة مثل البلديات، وزارة البيئة، الديوان الوطني للتطهير، في مثل هذه الفترة من كل سنة لتعهد الطرقات من ناحية وتهيئة مجاري صرف مياه الأمطار من ناحية أخرى وذلك تحسبا لأمطار الخريف الأولى التي عادة ما تكون قوية، وخطيرة ومربكة بسبب تجمعات المياه التي تتبعها. ولعلنا نذكر جيدا بعض الحالات والأحداث التي حصلت وذلك ببعض مناطق وشوارع و أحياء تونس الكبرى، وأيضا بعض المدن الأخرى التي داهمتها وحاصرتها مياه الأمطار، وتطلب تجاوز الأوضاع التي تردت فيها تدخلات سريعة جراء هذه الأمطار الخريفية ومخلفاتها، والتي عادة ما تكون قوية وغزيرة ومباغتة. فهل تمت تهيئة مجاري وقنوات صرف مياه الأمطار في كل الجهات طبق برنامج متكامل لخارطتها؟ وهل عولجت بعض الإشكاليات الخاصة بهذه القنوات والتي تمثل في كل خريف صعوبات أمام انسياب مياه الأمطار وصرفها، وخاصة منها تلك التي توجد في بعض الساحات العمومية أو تحت الأنفاق؟ ثم في الأخير ماذا عن تكامل عمل وزارة التجهيز والديوان الوطني للتطهير ووزارة البيئة والبلديات في هذا المجال بالذات؟ حملة تطهير القنوات لا بد أن تكون موحدة بتدخل كل الأطراف معا الحقيقة أن النشاط الموجه لتنظيف الطرقات مما علق بها من أتربة تحسبا لإمكانية أن تسد الطرقات أمام مياه الأمطار الخريفية السطحية المنتظرة قد جرى ويجرى عبر الأعوان البلديين في كل الجهات. وهذا العمل هو موسمي تدخل فيه معظم البلديات منذ شهر أوت والى غاية شهر سبتمبر من كل سنة. وقد لاحظنا في هذا الجانب نشاط حثيث بعديد الدوائر البلدية والبلديات سواء من خلال الأعوان البلديين أو عمال الحضائر الذين تكلفهم الولايات بهذا العمل. لكن الملفت للإنتباه في هذا المجال أن هذا النشاط لا تأخذه كل البلديات ودوائرها مأخذ الجد، بل هناك من الدوائر ما لا تعير إهتماما للموضوع، أو أن إمكانياتها لا تسمح بذلك. ومن الطبيعي أنه كلما اختل هذا النشاط بجهة عادت نتائجه بالضرر على عديد الجهات التي تحيط به باعتبار ترابط الطرقات من ناحية، وقنوات صرف مياه الأمطار من الناحية الأخرى. كل هذا يدعو الى أن تكون حملة تطهير الطرقات، ومجاري وقنوات صرف مياه الأمطار موحدة وبأسلوب متكامل يجمع كل الأطراف المتدخلة في عمل مشترك، يكون دوريا في الجهات ومرتكزا على برنامج تضعه البلديات بالتعاون مع وزارتي التجهيز والبيئة والديوان الوطني للتطهير والجماعات المحلية بوزارة الداخلية إن اقتضى الأمر ذلك. ولعلنا نقول هذا نظرا لإمكانيات بعض البلديات المحدودة، ولإتصال بعض مظاهر هذا النشاط بإمكانيات كبرى لا تتوفر للبلديات والدوائر وليس من اختصاصاتها. نقاط سوداء لقنوات صرف مياه الأمطار لا تزال على حالها الكل يذكر جيدا مظاهر الفوضى والصعوبات والمخاطر الناجمة عن تجمع مياه الأمطار تحت الأنفاق، كلما جاءت أمطار الخريف الأولى مدرارة وقوية. وهذه الظاهرة تكاد تحضر في كل سنة من السنوات الأخيرة، ويتبعها توقف لحركة المرور، ومخاطر أخرى تلحق بمستعملى الطريق، سواء في سياراتهم الخاصة أو من مستعملي وسائل النقل العمومي. وكانت اشاراتنا تتكرر في كل مرة بضرورة معالجة قنوات صرف مياه الأمطار وتجمعات المياه السطحية داخل الأنفاق، لكن ولحد الآن لم تنطلق أشغال لحل هذا الإشكال، وتجاوزه مرة واحدة، ولا ندري هل هناك مشاريع في هذا الجانب تكون في مستوى تطور البنية الأساسية والتحتية التي عرفتها البلاد خلال العشريتين الأخيرتين. تطوير قنوات صرف مياه الأمطار في بعض الشوارع والأحياء البعد الآخر متصل بقنوات صرف مياه الأمطار وتطويرها ومعالجتها وتوسع قطرها إن اقتضى الأمر. وهو عمل أساسي على ما نعتقد، خاصة في بعض الجهات والأحياء والمناطق والشوارع التي تكون بها منحدرات، ويكون تدفق مياه الأمطار بها قويا سطحيا كان أو عبر القنوات. وفي هذا المجال تتعدد الأحياء والشوارع والمناطق التي تصاب باختناق كلما نزلت الأمطار مثل أحياء الغزالة، النصر وغيرها كثير، سواء في تونس العاصمة أو غيرها من المدن التونسية الكبيرة والصغيرة. أيضا نعتقد أنه قد آن الأوان للوقوف بحزم أما كل من تحدثه نفسه بالإعتداء على الوديان، ومجارى المياه واستغلالها في البناء، وبالتالي سدها بالكامل. فلا القانون ولا الطبيعة تتسامح مع هذه التجاوزات التي تعتبر خطيرة، ويمكنها أن تكون في يوم من الأيام كارثية على من تعمد الاعتداء عليها، على كافة المحيط الذي حوله. إن بعض الناس إستطاعوا بشكل أو بآخر استغلال بعض الوديان ومجاري المياه في البناء رغم أنها تخترق المجالات الحضرية ومحضور استغلالها، وحولوا حرمتها إلى مساكن أو مؤسسات، لكنهم تناسوا أن التسلل إليها في غفلة من القانون أو التحايل عنه قد يحصل، وقد يغفر في بعض الأحيان، لكن الذي لا يغفر لهم هذا الصنيع هي الطبيعة. فالوادي والمياه التي تمر منه تعرف طريقها ولو بعد مئات السنين، ومهما كانت الحواجز التي وضعت أمامها، مساكن كانت أو مؤسسات أو حواجز إسفلتية، فكلها تخر صاغرة أما قوة مياه الوادي اذا ما أرادت المرور. هذه الظاهرة تكررت وتتكرر في عديد الأماكن والجهات، ووقع فيها الإعتداء على حرمة الوديان،ومجاري المياه، وهي ما انفكت تتزايد باعتبار الزحف العمراني الحاصل على الدوام. ونعتقد أن قد حان الوقت لتدخل كل الأطراف ذات الصلة بالموضوع لإيقاف هذه الظاهرة باعتبار أن تراكماتها يمكنها أن تتحول في يوم من الأيام الى خطر كبير.