من جديد يعود السؤال الذي طالما ارتبط بالمشهد اللبناني ليطفو على السطح بالحاح شديد في انتظار ان يتضح المستفيد من استمرار مسلسل الاغتيالات بكل ما تحمله من انتشار للخوف والرعب وانعدام الامن في لبنان الذي كلما ارتفعت فيه الاصوات المطالبة بالحوار والمصالحة ووأد الفتنة والاختلافات الا واصطدمت بما يعكر اجواء الهدنة المؤقتة ويعيد دفع البلد نحو المجهول.و لاشك انه عندما ترتكب تلك الجريمة التي خطط لها بكثير من الدقة في تنفيذها كما في موقعها وتوقيتها بعد دعوة الرئيس ميشال سليمان لعقد جلسة حوار وطني بين الاطراف السياسية اللبنانية بعد ايام ما يؤكد ان الامر لا يمكن ان يكون لمصلحة لبنان باي حال من الاحوال ... وقد جاءت عملية الاغتيال البشعة التي استهدفت صالح العريضي المسؤول السياسي الدرزي العضو في الحزب الديموقراطي لتعيد الى الاذهان اكثر من مشهد اغتيال عاش على وقعه اللبنانيون على مدى السنوات التي تلت اغتيال رئيس الوزراء اللبناني السابق رفيق الحريري. ولئن اختلفت الوجوه والاسماء في كل جريمة فان السيناريو يكاد يتكرر ليدفع مشهد السيارة الملغومة والاشلاء الادمية باللبنانين الى النقطة الصفر ويثير بينهم موجة الشكوك والاتهامات المتبادلة التي لا تكاد تغير من الوضع شيئا طالما انه لم يتم الكشف عن الطرف او الاطراف التي تقف وراء تلك الجرائم التي كلفت لبنان ولاتزال تكلفه الكثير في نموه الاقتصادي بسبب تراجع السياحة وفرص الاستثمارات كما في تركيبته السياسية اوفي تجانسه الاجتماعي والسلم الاهلية. لقد اجمعت مختلف الفصائل السياسية والدينية اللبنانية التي سارعت بالتنديد بالجريمة على ان الاغتيال انما يهدف الى تغذية جذور الفتنة في لبنان وقطع الطريق امام جهود الانفتاح والحوار الوطني والمصالحة لا سيما وان الضحية يعد من ابرز اقطاب المصالحة اللبنانية وهو اول مستهدف بعد اتفاقية الدوحة وفي ذلك اقرار بإحدى الحقائق القليلة الواضحة في هذه الجريمة وهي ان من يقف خلفها لا يمكن الا ان يكون عدوا للبنان ولاهله ولا يمكنه باي حال من الاحوال ان يستسيغ التقارب الحاصل بين الفرقاء اللبنانيين ولا ان يسمح بمسار الحوار والمصالحة الوطنية ان يستمر او يتحقق فيه بما يؤكد ان امن واستقرار لبنان ونموه وازدهاره ورقيه يشكل تهديدا لاطراف تقف بالمرصاد لكل خطوة في هذا الاتجاه. لقد واجهت سوريا في اكثر من مرة اصابع الاتهام بالوقوف وراء جرائم اغتيال عديدة في لبنان بدعوى رغبة دمشق في الهيمنة على لبنان واعادته الى الوصاية السورية كما ان ايران بدورها واجهت نفس الاتهامات لاسباب عديدة ايضا والحقيقة ان الكيان الاسرائيلي يظل المستفيد الابرز مما حدث ويحدث او قد يحدث في لبنان وان كل السيناريوهات تصب في مصلحة اسرائيل فبقاء لبنان على هذه الوتيرة يقدم لاسرائيل خدمة لا حد لها لكف الانظار وتحويلها عن الانتهاكات اليومية للبنان واستمرار احتلال مزارع شبعا طبعا دون اعتبار لما يحدث على الجانب الاخر من ممارسات في الضفة والقطاع فهل من مستفيد اكبر من اسرائيل ازاء المشهد اللبناني؟...