اعتبر السيد بشارة مرهج وزير الداخلية اللبناني السابق في لقاء مع «الشروق» عبر الهاتف من بيروت أن لبنان يعيش على صفيح ساخن محذّرا من أن بعض الأطراف تسعى الى الزجّ بالبلد في «دائرة الاستهداف». بداية، كيف تفسّر عودة الاغتيالات والتفجيرات الى الساحة اللبنانية.. ما هي برأيك مدلولات وأبعاد هذه الأحداث؟
في الحقيقة أن ما يحدث في لبنان اليوم من أحداث وعواصف أصبح مزعجا ويبعث بإشارات خطيرة وعلامات حمراء حول السلم الأهلي بدليل أن سفراء وأعضاء مجلس الأمن الدولي قاموا بزيارة مشتركة بالأمس الى ممثل الأمين العام وأبلغوه حرص المجتمع الدولي على الاستقرار في لبنان وعلى الوقوف الى جانب الحكومة اللبنانية.. ومثل هذه المبادرة والتحرّك الدولي مع صمود الحكومة وقيام الجيش بواجباته يعتبر في الحقيقة تطوّرا مهما للغاية لكنه برأيي لا يعني بالضرورة أن الأزمة اللبنانية قد انتهت بل على العكس أنا أرى أن هذه الأزمة مرشحة للاستمرار وربما لمزيد الانفجار الذي تدفع نحوه خصوصا «قوى 14 آذار» التي ارتكبت خطأ قاتلا عندما حاولت استخدام الشارع لتغيير المعادلات السياسية واتخذت مواقف متطرّفة أدّت الى موجة احتقان وغليان وخروج عن التقاليد اللبنانية وعن قواعد اللعبة الديمقراطية لأنه من غير الجائز بالمرة أن تعلن هذه القوى وغيرها رفض الحوار مع الحكومة.. فهذه الخطوة تحديدا كان لها انعكاس سلبي على الوضع السياسي والأمني بالبلاد.. لكن ما أقوله أن المهم اليوم هو عودة الحراك السياسي الي الأوساط اللبنانية.. وهناك في هذا الاطار مشاورات لتقييم الموقف وإعادة الوفاق وإن حاول طرف سياسي ما الخروج عن هذه التقاليد.. مع أنني أتوقع أنه حتى داخل قوى 14 آذار نفسها سيكون هناك تصاعد للتوتر والشحن السياسي لأن ما قام به البعض في هذه القوى إثر اغتيال اللواء وسام الحسن بمطالبة الحكومة بالرحيل، هو محاولة لاختطاف الوضع السياسي في لبنان..
في ما يتعلّق بحادثة الاغتيال التي أشرت إليها هنا، كيف تقرؤها، من ناحية طبيعتها وتوقيتها تحديدا؟
اللواء وسام الحسن كان يعمل في بيئة أمنية صاخبة متلاطمة الأمواج خاصة أن لبنان هو بلد مقاومة وهناك أطراف دولية عديدة وخصوصا منها الكيان الصهيوني الذي يريد إخضاع لبنان وإسقاط المقاومة في فخّ المساومات والتراجعات.. ومن هنا كان التركيز الدائم على لبنان.. ففي لبنان أيضا هناك العشرات من شبكات التجسّس.. وهناك بعض الشبكات التي لازالت قائمة من أجل الخضوع لمنطق الإملاء.. ولما كان لبنان يتحمّل مسؤولية خطيرة في هذه المرحلة.. ولأن المعادلة القائمة في لبنان هي التعاون الوثيق بين الشعب فإن قدر لبنان أن يظلّ عرضة لضغوط ولمخاطر وتهديدات عسكرية وأمنية متواصلة.. ووسام الحسن كان له دور فعّال في هذه البيئة الأمنية والعسكرية.. وفي هذه البيئة ذاتها جرى اغتياله.
بحكم تجربتك الأمنية، كوزير داخلية سابق، ما موقفك من اتهامات المعارضة لسوريا بالضلوع في هذه العملية؟
بكل وضوح، تحميل سوريا المسؤولية على غرار ما قامت به بعض قوى 14 آذار التي اتهمت النظام في سوريا وسارعت الى تحميل الحكومة اللبنانية ورئيسها المسؤولية ينمّ عن نوايا مبيّتة.. وينطوي على محاولة دنيئة وغير بريئة لتحويل هذا الحدث المؤلم الى منصّة لتحقيق مكاسب سياسية مباشرة في حين أن الفرضيات التي طرحها الرفيق الأقرب لوسام الحسن حول عملية اغتياله كانت فرضيات متعدّدة مثلما أشار الى ذلك.. فالتحقيق اللبناني لديه خيوط كبيرة.. ولا بدّ أن تؤدي هذه الخيوط الى معرفة الجناة لأن الاغتيال السياسي لم يكن يستهدف الشخص فقط ولكن كان أيضا يستهدف الوضع اللبناني العام وكان يستهدف النسيج الاجتماعي والسلم الأهلي والدولة اللبنانية.. وجاء في سياق مخطط مدبّر لإحداث حالة فوضى وإشعال فتنة مدمّرة في لبنان.. وبناء عليه أقول إن لبنان اليوم يعيش علي صفيح ساخن ويقف أمام إعصار سياسي خطير.. فالكيان الصهيوني يحاول بكل ما أوتي من جهد إيقاظ نار الفتنة والمذهبية واختراق لبنان واستباحته.. لكن لبنان ليس لقمة سائغة لدى اسرائيل لأن اللبنانيين يدركون جيدا خطورة الأوضاع ويعرفون عدوهم الرئيسي جيدا.