من حاول ان يحصي عدد التفجيرات الارهابية التي اهتز لها اكثر من موقع على الخارطة الدولية والعربية بشكل خاص خلال الايام القليلة الماضية فلا شك انه سيجد في ذلك صعوبة كبرى ولعل من يتمكن من احصاء تلك التفجيرات لن يفلح في احصاء ضحاياها الذين تكاثروا في اكثر من مكان خلال الايام الاخيرة من شهر رمضان بعد ان تحولت التفجيرات الارهابية الغامضة الى لعنة قائمة تلاحق الابرياء دون تمييز على الطرقات وفي الحافلات او في غيرها من المواقع التي ينجح اعداء الحياة في التسلل اليها اوتفخيخها والامر طبعا لا يتوقف عند حدود العراق وافغانستان حيث باتت اخبارالتفجيرات والاغتيالات تشكل الخبز اليومي الذي يدفع ثمنه الشعب العراقي والافغاني من دماء وارواح ابنائهم وعلى حساب امنهم واستقرارهم وهي تفجيرات لا تغيب حتى في المواسم الدينية والاعياد المقدسة ولايبدو انها ستزول قريبا من مسرح الاحداث في البلدين لعدة اعتبارات قد لا تخفى على ملاحظ اومراقب. بالامس لم تكن اخبار التفجيرات التي تناقلتها وكالات الانباء شحيحة بل كانت على درجة من النشاط غير الطبيعي المنبوذ على اكثر من جبهة ومن الجزائر التي انفقت المليارات من اجل الخروج من دائرة الارهاب الى سوريا ولبنان حيث عادت الموجة من جديد لتعبث بالارواح فصنعاء والصومال ومنها الى الهند وباكستان وسريلانكا او غيرها فقد برعت يد الارهاب بوجوهه المختلفة واهدافه المتطرفة ومخططاته العابرة للقارات في حصد المزيد من الارواح واراقة المزيد من الدماء في احدث واخطر موجة قتل يسجلها العالم مع تفاقم مخاطر الارهاب خلال الفترة الماضية لا سيما مع ظاهرة انتشار تجارة السلاح وما توفره المعلومات الكثيرة على شبكات الانترنت من نصائح وتوجيهات للراغبين في استغلال قدراتهم وامكانياتهم ومهاراتهم في صنع القنابل اليدوية وتجميع المتفجرات وكل ما يمكن ان يحول تكنولوجيا المعلومات لجلب الكوارث والمصائب وتغذية العنف والتطرف والعداء وامتداد افة العصر او الاخطبوط السرطاني الارهابي الذي لا يعرف حدودا ولا يستثني شعبا او بلدا بعد ان فشلت اقوى الاستخبارات في العالم في استباقه والحد من ضحاياه.. واذا كانت الساحة الافغانية باتت حلبة مفتوحة في الحرب المعلنة على الارهاب فان العراق بدوره بات ساحة مخترقة لصراعات طائفية وعرقية ولعمليات تصفية الحسابات والمصالح التي لا تعرف لها حدودا واذا كانت بعض القراءات تذهب الى تحميل طرف دون غيره مسؤولية تلك الهجمات فان الامر لا يمكن الا ان يظل مجرد حسابات واستنتاجات قابلة للتفنيد او للتاكيد وكل الادلة والادلة المضادة تظل قائمة فلكل طرف من الاطراف مكاسب يجنيها ان كان هناك مجال للحديث عن مكاسب من وراء تلك الهجمات وكما ان بعض القراءات تذهب الى تحميل تنظيم القاعدة مسؤولية الاعدامات الجماعية اليومية في العراق بدعوى التصدي للاحتلال العسكري الامريكي فان ذلك لا يمكن ان يشكل صك براءة للقوات الاجنبية في العراق كما للحكومة العراقية التي تمثله ذلك انه في استمرار تلك الهجمات استمرار لبقاء الاحتلال وتبرير لاسباب انتشار قواته هناك الى اجل غير محدد. ساعات قليلة فصلت هذه المرة بين التفجير الذي اهتزت له العاصمة السورية دمشق وبين التفجير الذي اهتزت له بيروت مجددا ليظل العنصر الموحد لاهداف الارهابيين المزيد من مشاهد الدماء والاشلاء المتناثرة ودموع الثكالى والمزيد من مشاعر الخوف والرعب في النفوس فقد تغيرت المواقع واسماء وملامح الضحايا فيما ظل مرتكب الجريمة كالعادة مجهولا.. وكما في كل مرة تعود نقاط الاستفهام لتطفو مجددا على السطح حول هوية المستفيد او المستفيدين واسباب اختيار مثل هذا التوقيت وحول الرسالة المطلوبة من ورائها ليظل وكما في كل مرة ايضا يبقى المجرم مجهولا وتتاجل المحاسبة والمساءلة الى موعد لا حق ولا يجد اهل الضحايا عزاء لهم في مصابهم في فترة الاعياد غير الدمع والدعاء في انتظار لحظة الفرج..