تونس الصباح : ماهي انعكاسات الازمة المالية العالمية على تونس اذا ما طالت وتطورت الى ازمة اقتصادية تؤثرفي واقع الادخار والاستهلاك والاستثمارفي الدول الصناعية الاوربية الشريك الرئيسي لبلادنا ورؤوس اموالها؟ وماهي آفاق التجاوز على المدى القريب والمتوسط؟ وهل يمكن لتونس والمجموعتين العربية والمغاربية أن توظف مخاطر الازمة الحالية لبناء مؤسسات مالية واقتصادية تحميها من الهزات العالمية.هذه التساؤلات وغيرها كانت محور هذا الحديث الصحفي مع الاستاذ ايمن عبد الرزاق الجبالي الجامعي التونسي المقيم بسويسراوالاستاذ الزائر في الجامعة التونسية: * كيف تفسرالأزمة المالية الحالية التي بدأت أمريكية ثم توسعت لتشمل جل دول العالم الغنية وتوشك أن تتطور الى ازمة اقتصادية عالمية أخطرمن ازمة 1929؟ - الرأسمالية برزت ضمن تطورات اقتصادية دولية مهمة تزامنت مع ظهورقيم أخلاقية سامية تحدث عنها باطناب عدد من العلماء وكبار الكتاب مثل ماكس فيبير.. لكن القيم التحررية واليبيرالية التي قامت عليها الراسمالية وقع تجاوزها بعد سلسلة المخاضات التي عرفتها الراسمالية.. وبعد أن تطورت الحياةالاقتصادية والمالية عالميا بلغنا مرحلة الاقتصاد المالي ونظريات مينسكي فوقع استبدال القيم الاصيلة والسامية بقيم رذيلة فعوض العمل والكد البشري بالمضاربة والربح السهل والتوازن بالاسراف المفرط و الاستهلاك اللامحدود والادخار بالاقتراض والتواضع بالتباهي واللين بالصلف والرحمة بالقسوة والتآزروالتضامن بالفردانية والانانية.. والحشمة بالتفسخ.. الخ وكانت النتيجة تخلص النظام الراسمالي من مختلف اشكال الرقابة الديمقراطية ومن تدخل الدولة ووصاية السياسيين.. فتطورت المضاربة والاحتكارات.. وسادت عولمة عشوائية.. وتسببت الاخطاء ومماراسات المجموعات والشخصيات الفساد المالي والاقتصادي في كوارث اقتصادية واجتماعية وقيمية كونية.. * كيف تنظر الى انعكاسات الازمة على تونس؟ - بالنسبة لتونس أعتقد أن السياسة الاقتصادية المتوازنة التي راهن عليها رئيس الدولة زين العابدين بن علي منذ التغيير والتي اخذت دوما بعين الاعتبار الابعاد الانسانية والاجتماعية للتنمية ضمنت قدرا كبيرا من التوازن الاقتصادي والاجتماعي.. وعوض الهرولة المحاطة بالاخطار وراء بعض السياسات الاقتصادية غيرالمتوازنة راهنت تونس على حماية مؤسساتها المالية والمصرفية وضمان توازنها الاجتماعي والامني.. مما ساعد على حمايتها خلال الازمة الحالية من الاثار المباشرة للازمة المالية التي تشهدها الولاياتالمتحدة.. لكن استمرار الازمة قد يؤثرفي عدد من المؤشرات الاقتصادية وطنيا من بينها فرص التصديروتحويلات عائدات العمال المهاجرين واقبال السياح الاجانب على بلادنا في مرحلة ركود اقتصادي دولي ستقترن بنقص الاستهلاك واهتزاز ثقة الجمهور في المستقبل.. وهو ما قد يشجع الانكماش في الدول التي تصدر السياح الى تونس.. * ما الحل الان؟ وكيف ينبغي لقادة الدول المغاربية والعربية أن يتعاملوا مع الازمة الحالية؟ - من بين الاولويات خلال المرحلة القادمة بالنسبة لتونس والمجموعتين المغاربية والعربية الاستفادة من الجوانب السلبية والمؤشرات الخطيرة للازمة الحالية قصد تفعيل الاندماج الاقتصادي فيما بينها والشروع في بناء مؤسسات مالية واقتصادية اقليمية مشتركة . ومن بين المبادرات العاجلة التي يمكن اتخاذها فورا على هامش الازمة المالية العالمية الحالية احداث الية شفافة جديدة لمراقبة البنوك والمصارف والبورصات الوطنية والاقليمية.. وضمان توازنها ومنع تراكم الاخطاء والديون غير قابلة للتسديد فيها.. كما ينبغي تفعيل قطاعات الانتاج التقليدية مثل الزراعة والصناعة.. وعدم الرهان فقط على قطاع الخدمات والقطاعات المرتبطة كليا بالاقتصادالدولي.. والتي قد تختل توازنات البلاد في صورة مرورها بازمات دولية مثل الازمة الحالية.. في نفس الوقت نحن مطالبون بالاستفادة من الازمة الاقتصادية والمالية الدولية الحالية لنفهم خلفيتها القيمية والاخلاقية.. وعلينا أن ندرك أن الرأسمالية التقليدية مهددة بالانهيار.. وأن علينا الرهان أكثرفاكثرعلى اقتصاد المعرفة.. الذي يمكن للشعب التونسي وموارده البشرية الكفأة ان تتفاعل معه وأن توظفه لضمان تنمية شاملة.. على أسس جديدة .