في محاولة جديدة لتحقيق المصالحة بين الفرقاء الفلسطينيين قدّمت مصر مشروع نص اتّفاق يحدّد الخطوات التي يفترض أن تتّخذها الفصائل الفلسطينية كأساس للحوار لإنهاء الصراع على السلطة والتداعيات الأمنية والاقتصادية التي عانى منها الشعب الفلسطيني منذ إقالة حكومة «حماس» وسيطرة الأخيرة على قطاع غزّة. ويتوقع أن تجتمع الفصائل الفلسطينية خلال النّصف الأوّل من الشهر القادم في العاصمة المصرية لمناقشة هذا المشروع وتعديله أملا في اعتماده كحلّ نهائي للنّزاع القائم بين حركتي «فتح» و«حماس» ممّا يمهّد لتشكيل حكومة فلسطينية ممثلة وإنهاء الانقسام الدّاخلي. ورغم بعض التحفّظات التي أبداها طرفا الحوار حول الورقة المصرية فإنّها تشكّل قاعدة لانطلاق حوار وطني جادّ ينهي الصّراع على السلطة ويمهّد لإصلاحات أمنية جذرية للحدّ من التجاوزات والانفلات الأمني ويعالج القضايا الجوهرية في علاقتها بالمسار التفاوضي مع الطّرف الإسرائيلي ومن أبرزها مسألة تفويض السلطة الفلسطينية لمواصلة مفاوضات التسوية بعد أن اتّضح جليّا أنّ كلّ الجهود التي بذلت فلسطينيا من أجل التقدّم في هذا المسار أصابها الشّلل نتيجة سياسة المماطلة والتّسويف والتعنّت الإسرائيلي الذي راهن على انقسام الفلسطينيين وخلافاتهم. وفي ظلّ هذه المحاولة المصرية الجديدة لتقليص الهوّة بين طرفي النّزاع فلسطينيا تأتي تصريحات وزير الخارجية السّعودي لتدفع في هذا الاتّجاه وتعزز السّند العربي لتحقيق المصالحة الفلسطينية حتى تتفرّغ السلطة للتفاوض بشكل أفضل مع إسرائيل حيث عبّر عن الأمل في أن تسعى الحكومة الإسرائيلية الجديدة إلى إحياء مبادرة السّلام العربيّة التي قال عنها وزير الحرب الإسرائيلي باراك ذاته أنّ «الزّعماء الإسرائيليين جادون في إعادة التفكير فيها». وهي المبادرة التي طرحت منذ ستّ سنوات والتي تدعو إلى اعتراف عربي بإسرائيل في حالة انسحابها من الأراضي التي احتلتها في حرب 1967 وحلّ مشكلة اللاجئين الفلسطينيين وقد رفضتها إسرائيل في إبّانها بدعوى أنّه لا يجب أن تكون هناك شروط مسبقة للتقارب في الشرق الأوسط. وهذا الأمل العربي سيظلّ معلّقا لحين طالما أنّ الحكومة الإسرائيلية الجديدة لم تتشكّل بعد أن تمّ منح وزيرة الخارجية الإسرائيلية تسيبي ليفني وقتا إضافيا هذا الأسبوع... وعلى ضوء ذلك يمكن معرفة مدى التزام ليفني بمواصلة مفاوضات السّلام - التي ترعاها الولاياتالمتحدةالأمريكية - مع الرئيس الفلسطيني محمود عبّاس والتي بدأها قبل عام إيهود أولمرت رئيس الوزراء الإسرائيلي المنتهية ولايته والتي لم تثمر أيّة نتائج. وفي انتظار ما ستؤول إليه الأوضاع سواء تعلّق الأمر بالحكومة الائتلافيّة الإسرائيلية المنتظرة أو الانتخابات الرئاسية الأمريكية بعد أيّام فإنّ على الطرف الفلسطيني أن يعزّز المصالحة داخليا بالعمل على إنجاح الحوار الوطني استعدادا لمرحلة جديدة مفتوحة على احتمالات شتّى...