نعم قرّرت تجديد ترشحي وأتمنى أن يجدد بقية أعضاء المكتب التنفيذي ترشحاتهم تونس- الأسبوعي: تستعد جمعية القضاة التونسيين لعقد مؤتمرها الثاني عشر يوم 21 ديسمبر القادم بعد فترة انتخابية تميّزت بكونها هادئة مقارنة بزمن العواصف الذي سبقها... صامتة مقارنة بدويّ المقالات والتصريحات التي صدرت ولا تزال تصدر بين الفينة والأخرى بغاية محاولة ارجاع صفحة كانت قد طويت ومضى من خطّوها في حال سبيلهم... «الأسبوعي» في هذا الحوار استضافت شخصا معروفا بكونه يعمل كثيرا ويتكلّم قليلا والدليل أن القاضي طارق براهم وطيلة فترة رئاسته للجمعية لم يدل بأي حديث... وهاهو اليوم يستعد مع زملائه لتوديع دورة واستقبال أخرى فماذا سيقول عن حصاد سنتين. نحن نرى النصف المملوء للكأس ونترك لغيرنا أمر التعليق عن النصف الآخر هذه نظرتنا لتطوير تأجير القضاة أصبح من المستعجل إحداث محكمة ثانية بولاية نابل وآن الأوان لإحداث محكمة استئناف ثانية بالعاصمة هناك من أراد الانزلاق بالجمعية لميدان من اختصاص غيرها * دورة مرّت وأخرى قادمة، هل لنا أن نعرف ما تحقق للقضاة خلال السنتين وما لم يتحقق وفق ما كنتم وعدتم به في برنامجكم الانتخابي؟ - أولا وللتوضيح وعلى عكس بقية الجمعيات والمنظمات فإن المترشحين لجمعية القضاة ليس لهم برنامج انتخابي بالمفهوم المتداول... فعملنا الوحيد الذي توارثناه أجيالا هو الدفاع عن استقلال القضاة والمصالح المادية والمعنوية للقضاة وكل مرحلة من مراحل عمر الجمعية تفرز مواضيع أو محاور معيّنة يقع العمل على تحقيقها... وإن كان لنا من برنامج وحيد فهو تجسيم التوصيات الصادرة في لوائح المؤتمر وإن سألتني لماذا هذا التوجّه أجيبك بأنه نظرا لخصوصية هذه الجمعية فإنه لا يمكن أن يكون للمترشح لعضوية المكتب التنفيذي أهداف غير التي حدّدها القانون الاساسي للجمعية وهي الدفاع عن المصالح المعنوية والمادية للقضاة دعما لاستقلال السلطة القضائية. اذ استقلال السلطة القضائية ليس شعارا فضفاضا نرفعه من هنا وهناك بل هو ممارسة فعلية يمارسها القضاة من خلال أدائهم لرسالتهم إيمانا منهم بأن استقلال السلطة القضائية ليس امتيازا ممنوحا للقضاة بل هو حق للمواطن ان يكون له قاض كفء وجهاز قضاء ناجز يوصل الحقوق لأصحابها ومن أجل هذا لاتزال جمعية القضاة التونسيين تطرح مسائل كتحسين الوضع المادي سواء تعلق الأمر بتأجير القاضي أو تطوير الخارطة القضائية او بناء مقرات محاكم جديدة خاصة منها محكمة التعقيب أو تطوير وسائل العمل. * لنغيّر طبيعة طرح السؤال هل لنا أن نعرف ما تحقق للقضاة بمجهود من المكتب التنفيذي خلال السنتين المنقضيتين؟ - خلال السنتين المنقضيتين عمل المكتب التنفيذي على الحفاظ على مكتسبات الجمعية وتدعيمها على أساس أن الجمعية هي الفضاء الوحيد الذي يلتقي فيه القضاة دون إقصاء ويتدارسون مشاغلهم وقد عملنا على عقد المجالس الوطنية في الآجال وكذلك الأمر بالنسبة لجلساتها العامة وأدّينا مهامنا كما يجب واقعا وقانونا وفيما يخص مطالبنا فلنا جهة واحدة نتعامل معها وهي وزارة العدل وحقوق الإنسان وقد عملنا على ايجاد علاقة ثقة وصراحة... فكانت لنا مواعيد تكاد تكون قارة مع وزير العدل وحقوق الإنسان وهو ما ساعدنا على ايجاد حلول للعديد من المشاغل. * لنبدأ بمسألة تحسين الوضع المادي للقضاة خصوصا وكل القطاعات تخوض مفاوضات اجتماعية فماذا تحقق على هذا المستوى؟ - أولا لا يجب حصر مسألة تحسين الوضع المادّي في التأجير... فالحديث عن تحسين الوضع الماديّ يعني كذلك تحسين ظروف العمل القضائي بما يكون له مردود ايجابي على المتقاضين... نأتي الآن لما يخصّ التأجير فنحن كمكتب تنفيذي لنا رؤية متكاملة تضمّ عديد المقترحات سواء تعلّق الأمر بمراجعة المنح المخوّلة للقضاة أو إعادة صياغة تأجير العمل القضائي إذ توجد وظائف قضائية تتطلّب وقتا ومجهودا أكثر ولا تجد ما يقابلها من منح سواء تعلّق الأمر بقضاة المرتبة الأولى أو الثانية أو الثالثة كما توجد مسؤوليات إدارية لبعض القضاة ليس لها ما يقابلها من منح... لذلك فإن كل هيكلة التأجير تفترض مراجعة وقد بدأنا بعد في تقديم تصوّرات في هذه المسألة مع الوزارة. * وهل تفهّمت وزارة العدل وحقوق الإنسان هذه المسائل؟ - أهم شيء أن هناك إطارا عاما ومناخا سليما يقبل طرح جميع المواضيع دون تحفظ سواء تعلّق الأمر بالتأجير أو بظروف العمل أو بالحركة القضائية أو التأمين على المرض لكن كما القطاعات الأخرى نعي بصعوبة المرحلة الإقتصادية التي تمرّ بها البلاد والتي كان لها تأثير على التقدّم في مسألة المفاوضات الإجتماعية وكذلك نأمل في إيجاد صدى طيب لمطالب القضاة في الفترة القريبة المقبلة. * وماذا عن بقية المطالب المادية الأخرى؟ - أولا ظروف العمل القضائي والتي نرى أنها من أولوياتها الترفيع في عدد الملحقين القضائيين من قبل المعهد الأعلى للقضاء لمجابهة تنامي حجم العمل كما وكيفا خصوصا بعد إحداث محاكم جديدة ودرجات تقاض جديدة في العقاري والجنائي... كذلك دعم الإطار الإداري بمختلف أصنافه... * هذا أولا وماذا عن بقية المسائل المتعلقة في تحسين ظروف العمل المادية؟ - أعتبر أن من الأمور المستعجلة إحداث محكمة ابتدائية ثانية بولاية نابل نظرا لما تشهده محكمة قرمبالية من ضغط ومن ظروف عمل صعبة... والعاملون في ميدان القضاء يعرفون جيّدا ما معنى تطوير الخارطة القضائية ومن هذا المنظار نرى كذلك أنه آن الأوان لإحداث محكمة استئناف ثانية في تونس. * يعيب البعض عليكم أنكم كمكتب تنفيذي تجارون كثيرا الوزارة؟ - إن ما يجعلنا نختلف عن غيرنا هو أننا نرى النصف المملوء للكأس ونترك لغيرنا أمر التعليق على النصف الفارغ... بعبارة أخرى إنه كلّما توفر فعل ايجابي يجب أن ندعمه لنؤكد مزيد انخراط القضاة في العمل القضائي وهو ما تترجم عنه بلاغاتنا وأعمالنا. * وكأني بك تشير إلى مرحلة وظروف ومواجهات مرّ بها مكتبكم لذلك أستسمح أن أسألكم عن علاقتكم بالمحامين خصوصا بعد أن ظهر في سماء باب بنات ما يلبّدها خلال المدة المنقضية وأستغرب في الآن نفسه ردّكم في حين كنتم دوما تلوذون بالصمت عندما يصدر مكتب الرئيس السابق للجمعية بيانات أو يأتي ذكر الجمعية عن بعض صحف المعارضة أو على الشبكة العنكبوتية؟ - أولا أقول أننا اخترنا منذ مدة عن وعي عدم الردّ عن كل ما يقال حول الجمعية... قرارنا هذا لم يكن مرجعه اعتبارات سياسية ولا ظرفية بل هو خيار طوعي منّا لتوجيه طاقاتنا لماهو أنفع للقضاة والقضاء وبالتالي فلسنا في حاجة للدخول في مهاترات لا طائل من ورائها خصوصا أن العمل القضائي فوق كل التجاذبات التي تطرأ في المجتمع المدني أو على الساحة السياسية... وهناك من ركبوا على الأحداث السابقة وأرادوا الإنزلاق بالجمعية إلى ميدان مخصص لغيرها محاولين إخراج الجمعية عن حيادها وحياد من ينشط فيها... فهل تريدوننا أن ننساق وراءهم أو نردّ عليهم... إن العمل القضائي فوق كل التجاذبات التي تطرأ على اعتبار التزامنا مبدأ الحياد... والحياد هو من المقومات الأساسية التي تكوّنت من أجلها الجمعية... وفيما يخص علاقة القضاة بالمحامين فتجدر الإشارة أولا أنه ليس هناك أزمة بين جمعيتنا وهياكل المحاماة... صحيح تحدث بعض الحوادث خلال الجلسات لكنها حوادث عرضيّة يسعى كل مسؤول من موقعه إلى حلّها لذلك يمكن القول أن علاقتنا وثيقة مع المحامين غير أننا لا نقبل بأن يدخل البعض هذه العلاقة ضمن أجندا محدّدة سلفا لذلك كان ردّنا في بلاغ 13 أكتوبر واضحا. * لو عدنا للقضاة نلاحظ انعدام الرضاء لدى البعض مما اصطلح على تسميته ب«التدوبيل» أي الرسوب لسنوات بعد توفر شروط الترقية لديهم... فهل من توضيح؟ - ليس هناك رسوب ولا أريد أن يستعمل القضاة هذا اللفظ كل ما في الأمر أن للقاضي الحق في المطالبة بالترقية بعد أن يقضي عددا من السنوات في رتبة واحدة والمسألة مرتبطة بالقانون الإطاري الذي ينظم ميزانية وزارة العدل وحقوق الإنسان واعتقادي أن بإحداث محاكم جديدة إلى جانب القرارات السابقة المتعلقة بتعميم الخطط الوظيفية في كافة المحاكم ستكون آفاق الترقية أرحب... علما أنه لمسنا تجاوبا كبيرا من المجلس الأعلى للقضاء كما لاحظنا خلال اجتماعنا باللجنة المكلّفة بإعداد الحركة القضائية الدورية صدى ايجابيا لمقترحاتنا وهذا يعود بالأساس لجوّ التفاهم السائد بين الجمعية والإدارة القضائية. * لكن هل لمسألة التمديد لبعض القضاة دور في تعطيل ترقية البعض الآخر؟ - التمديد لا علاقة له بالترقية فالمعنيون به لا يتجاوز عددهم سنويا عدد أصابع اليد الواحدة وعلى سبيل المثال من ضمن 19 قاضيا سيغادرون القضاء السنة القادمة هناك 3 أو 4 وقع التمديد لهم... فهل يمكن أن نقول أن هذا العدد يعطّل الترقيات... شخصيا أرى أن المسألة أهم وأعمق من ذلك. * ما معنى ذلك؟ - معنى ذلك هل ترون مع تطور معدل أمل الحياة أنه من المعقول أن يغادر القاضي في سن الستين وماذا سيجني من ذلك إن غادر بعد 30 سنة من العمل؟... 70% من المرتب فهل هذا كاف؟. * هل أفهم من كلامكم أنكم مع مراجعة سنّ التقاعد؟ - ليس في المسألة طلب مراجعة سنّ التقاعد بل دعوة لتعميق النظر في نظام مدة العمل الفعلي ولم لا مراجعة مسألة النسب من خلال التنفيل كما يتم في بعض القطاعات الأخرى... ولم لا كذلك تأخير سنّ التقاعد... المطلوب دراسة معمّقة في الغرض. * البعض يعيب عليكم مركزية نشاط الجمعية وكذلك اقتصار المكتب التنفيذي على قضاة من العاصمة فقط؟ - هذا غير صحيح نحن عقدنا مجلسا وطنيا في المهدية وعقدنا اجتماعات في كل الجهات وكلّما تيسّرت لنا الامكانيات نبادر بتنظيم ما ينشط عمل الجمعية داخل الجهات لكن هناك ظروف مادية ومهنية تتحكم فينا كما لا ننسى أن العمل الجمعياتي هو عمل تطوعي... وفيما يخص توسيع المكتب التنفيذي ليشمل أعضاء من الجهات فدعني أقول لك أن التجربة السابقة وقع التراجع فيها لأنها لم تعط إضافة تذكر... ثم ليعلم الجميع أن المجلس الوطني يتكون من ممثلي كافة المحاكم ويجتمع دوريا ويحاسب المكتب التنفيذي عن كل شيء ونحن نفتخر بذلك لأننا رسخنا العمل الديموقراطي وهذا مجهود أتى به الأوّلون ودعمه المعاصرون. * نختم الحديث بسؤال يفترض طرحه الآن هل قرّرتم الترشح؟ - نعم قرّرت الترشح من جديد وأتمنى أن يترشح بقية أعضاء المكتب التنفيذي نظرا لجوّ التفاهم الذي ساد عملنا خلال المدة المنقضية والمهم لدينا هو ثقة القضاة في من سينتخبونهم والمؤكد أن مهما كان رئيس الجمعية المنتخب فإنه سيظلّ دوما قاضيا.