يثير اللقاء الذي يعقده مجلس الامن الدولي اليوم حول مسار السلام في الشرق الاوسط أكثر من نقطة استفهام حول اهدافه كما حول الامال التي يمكن أن يحملها في مثل هذه المرحلة فبعد طول غياب لاجهزة الاممالمتحدة ولقراراتها المنسية الملزمة منها أو غير الملزمة في أروقة كل من الجمعية العامة للامم المتحدة كما في مجلس الامن الدولي أو في محكمة العدل الدولية بعد استفراد الادارة الامريكية بالوصاية المطلقة على مسار قضية السلام في الشرق الاوسط تعود غونداليزا رايس وزيرة الخارجية الامريكية وقبل الوداع الاخير لمنصبها للحث على قرار في مجلس الأمن الدولي يدعم مسار انابوليس ويروج لديبلوماسية الرباعية التي باتت تبحث عن سبب لبقائها واستمرارها أمام غياب دورها المطلوب وفشلها في تحقيق الاهداف التي انشئت لأجلها . والحقيقة أنه بقدر ما كان ولا يزال احياء قرارات العدالة والشرعية الدولية وتفعيل دور مجلس الامن الدولي المغيب لانهاء الاحتلال الاسرائيلي واعادة دفع العملية السلمية في الشرق الاوسط امرا حيويا بل ومصيريا في العملية السلمية المتجمدة فان في ظروف وملابسات هذا اللقاء والاجواء المحيطة به ما لا يؤشر إلى وجود ارادة سياسية حقيقية من شانها أن توحي بانفراج وشيك أو بنهاية للنفق المظلم الذي تعيش في ظله المنطقة . وحسب ما تم تسريبه حتى الآن فان نص مشروع القرار الذي تم مناقشته في جلسة مغلقة يدعو "بالاضافة إلى المفاوضات الثنائية على تشجيع اعتراف متبادل وتعايش سلمي بين جميع دول المنطقة حتى يتسنى تحقيق سلام دائم في الشرق الاوسط "وهو ما لا يمكن بأي حال من الأحوال أن يجسد انطلاقة جديدة لمجلس الامن الدولي في التعامل مع استحقاقات السلام في المنقطة أو يعكس استعدادا لتفادي اخطاء الماضي أو الاستفادة من دورسه الكثيرة المهدرة على مدى أكثر من عقد ونصف منذ انطلاق مؤتمر مدريد للسلام وما تلاه من اتفاقات ومبادرات بداء من اوسلو وصولا إلى كامب دايفيد الثاني وشرم الشيخ واللجنة الرباعية.. ان كل المؤشرات المحيطة بلقاء اليوم انما تتجه لتجعل منه مناسبة لمكافاة الادارة التي تستعد للرحيل على الفشل الذريع الذي تكبدته في الجهود التي لم تكن يوما عادلة في تحريك العملية السلمية ومنحها صك البراءة ازاء أي مسائلة أو محاسبة يمكن أن تحدث في المستقبل... بل ولعله ليس من المبالغة في شيء الاقرار بأن اللقاء انما يحمل من اسباب الفشل الذريع أكثر مما يحمل من امكانيات التقدم ولا مجال بالتالي لتحميله أكثر مما يحتمل والاسباب كثيرة ومتعددة ذلك أن نظرة عاجلة على حصيلة انابوليس التي تحرص الادارة الامريكية على جني ثمارها من شانها أن تؤكد أنه وبعد مضي أكثر من عام على تلك الاتفاقية فان ما تحقق على الارض من مضاعفة للاستيطان ومن اعتقالات واعتداءات ومحاولات للتهويد والتجويع والحصار الجماعي ومن تغييب لبذور السلام في المنطقة لم يختلف في شيء عن وعود الرئيس المنتهية ولايته بحق الفلسطينيين في اعلان قيام الدولة الفلسطينية والتي تحولت إلى مجرد شعار يردد درءا للانتقادات وذرا للرماد على العيون ... كما أن هذا اللقاء الذي يأتي غداة لقاء الرباعية والذي أريد له أن يتبنى ما وصفه السفير الامريكي لدى الاممالمتحدة زلماي خليل زاده بأنه اعلان لدعم التقدم الحاصل في عملية التسوية وفي الأهداف المعلنة في اجتماع انابوليس يأتي في مرحلة حرجة بالنسبة لادارة الرئيس التي باتت تبحث عن انتصارات وهمية وانجازات تضيفها إلى سجلها في ايامها الاخيرة المتبقية لها لاسيما في أعقاب زيارتين مهينتين للرئيس الأمريكي جورج بوش إلى كل من العراق وافغانستان بسبب الاستراتيجيات الفاشلة التي تم تبنيها خلال ولايتين رئاسيتين متتاليتين.