البرلمان يصادق على مشروع قانون تنظيم عقود الشغل ومنع المناولة برمّته    بعد فضيحة الأرز.. وزير الزراعة الياباني يقدم استقالته    صدمة في الكونغرس.. نائبة أمريكية تعرض صورها عارية وتكشف عن جريمة خطيرة!    بعد تصريحات السفير الأمريكي الأسبق فورد عن لقاءاته مع الشرع.. وزير الخارجية السوري يعلق    بكين تحذر من عواقب الإجراءات الأمريكية ضد الرقائق الصينية    وزارة فعالية الحكومة الأمريكية تلغي المنح الخاصة بالترويج لمجتمع المثليين    وزارة الصناعة والمناجم والطاقة تلغي امتياز استغلال المحروقات "بيرصة"    سنانة يعلن نهاية تجربته مع جرجيس ويترك الباب مفتوحا امام وجهته المقبلة    "اعتقال" قطة "بتهمة" تهريب مخدرات إلى سجن في كوستاريكا    وزارة الصناعة والمناجم والطاقة تلغى امتياز استغلال المحروقات 'بيرصة'    تحديد السعر المرجعي لأضاحي العيد لهذا العام ب 21.900 د للكلغ الحي بنقاط البيع المنظّمة    عن «فيلم البوسير» لمولدي الخليفي : تونس تتوّج بجائزة مفتاح العودة في غزة    المهدية: عن شريطها الوثائقي «غار الضّبع»: التلميذة نهى الوحيشي تفوز بلقب سفيرة المتاحف    أين وصلت حملة مكافحة الجراد الصحراوي؟    مدير الحج والعمرة: تأمين 9 رحلات للحجيج نحو البقاع المقدسة إلى حد الآن    "عطر الذّاكرة" في اختتام شهر التراث دار الثقافة سبيطلة    تصفيات كأس العالم لكرة السلة.. المنتخب الوطني التونسي في المجموعة الثالثة    الإطاحة بسارق حقيبة طبيب بمستشفى الرابطة.. #خبر_عاجل    تعيين مكتب جديد لتسيير الرابطة الوطنية لكرة اليد النسائية    تونس تبرز في جنيف كقوة اقتراح وشريك فاعل في الصحّة العالمية    السينما التونسية بين الماضي والحاضر: موضوع لقاء ضمن فعاليات مهرجان كان السينمائي الدولي    عاجل/ جامعة صفاقس تتحصّل على الاعتماد في دراسات الطب    نابل تحتضن الدورة الثانية من الملتقى العربي للنص المعاصر تحت شعار " المجاز الأخير: الشعر تمرين على الوجود"    تعيين خبراء لتدقيق التقرير المالي للنادي الإفريقي    جمعية الصحة العالمية تعتمد بجينيف اتفاقية الوقاية من الجوائح الصحية والتأهب والاستجابة لها وتونس تصوت لصالحها    حيّ هلال: حجز 310 صفائح 'زطلة' و100 غرام كوكايين لدى زوجيْن    من الهند إلى تونس: عيد الألوان يغسل الحزن بالفرح    كأس افريقيا للأندية الفائزة بالكاس للسيدات: تأهل الجمعية النسائية بالساحل الى الدور نصف النهائي    عاجل/ بريطانيا تستدعي سفيرة اسرائيل لديها وتتّخذ هذا الإجراء    سعر الأضاحي يصل 1400 دينار بهذه الولاية.. #خبر_عاجل    بالفيديو تعرف على المشهد الذي أبكى عادل إمام وتفاصيله    عاجل/ نتنياهو يهاجم هؤولاء الرؤساء..وهذا هو السبب..    توننداكس يزيد ب10،25 بالمائة نهاية الثلاثي الأوّل من 2025    خلال ندوة رفيعة المستوى بجنيف.. تونس تبرز تجربتها في المشاركة المجتمعية في السياسات الصحّية    رفض مطالب الإفراج عن الطيب راشد ونجيب إسماعيل وآخرين    كأس تونس لكرة القدم : تعيينات مباراتي الدور نصف النهائي    وزير الصحة يؤكد استعداد تونس لتكون منصة إقليمية لتصنيع اللقاحات والأدوية    أمطار أفريل: الشمال والوسط يُسجّلان معدلات قياسية    في عيد الأم: 6 هدايا بسيطة... بقلوب كبيرة!    جريمة قتل مروعة/ فصل رأسه عن جسده: شاب ينهي حياة والده شيخ 95 سنة..!    ساحة باردو: تحويل جزئي لحركة المرور ودعوة مستعملي الطريق إلى الحذر    بشرى سارة: انخفاض أسعار الأضاحي بهذه الولاية..    انطلاق عملية التسجيل وإعادة التسجيل في رياض الأطفال البلدية التابعة لبلدية تونس للسنة التربوية 2026-2025    إطلاق خط جوي جديد دبلن – النفيضة    تقلبات جوية منتظرة بداية من هذا التاريخ    طهران: تونس تدعو دول منظمة التعاون الاسلامي إلى إقامة شراكة متضامنة ومستدامة في مجال البحث العلمي    طقس اليوم: ظهور خلايا رعدية محلية مرفوقة بأمطار    طرابلس: العثور على 58 جثة مجهولة الهوية في مستشفى    النائب رؤوف الفقيري: السجن لكل من يُمعن في التشغيل الهش... ومشروع القانون يقطع مع عقود المناولة نهائيًا    رئيس الجمهورية: الثورة التشريعية لا يمكن أن تتحقق الا بثورة في إدارة المرافق العمومية    غياب الترشحات لرئاسة وعضوية الهيئة المديرة للنادي الصفاقسي    نابولي وإنتر دون مدربيهما في الجولة الختامية من الكاتشيو    صفاقس: افتتاح وحدة حديثة لتصفية الدم بالمستشفى الجامعي الهادي شاكر    موعد رصد هلال ذي الحجة    هذا موعد رصد هلال شهر ذي الحجة..#خبر_عاجل    رصد هلال ذو الحجة 1446 ه: الرؤية ممكنة مساء هذا التاريخ    لا تُضحِّ بها! هذه العيوب تُبطل أضحيتك    من تجب عليه الأضحية؟ تعرّف على الشروط التي تحدّد ذلك    









بين نرجسية المبدع.. والتاريخ..
تمثال ابن خلدون والنحات زبير التركي:
نشر في الصباح يوم 17 - 12 - 2008

أكد الرسام والنحات التونسي المعروف زبير التركي في التصريحات الأخيرة إلى وسائل الإعلام الوطنية أن التمثال الذي وضعه للعلامة عبد الرحمان بن خلدون يشبهه بالفعل. يشبهه من حيث الشكل بالطبع. ولعله لم يفعل سوى أن أكد ما يخامر أي كان من المارة بشارع الحبيب بورقيبة، الشارع الرئيسي بالعاصمة تونس حيث ينتصب العلامة ابن خلدون واقفا رافعا كتابه بين يديه من استفسارات حول مصادر الإلهام لهذا التمثال
واحقاقا للحق فإن السؤال حول الشرعية التي تسمح لأي مبدع كان ومهما كانت درجة عبقريته بأن يمنح ملامح وجهه لشخصية لها مكانتها في تاريخ أمة أو حضارة لم تنفك تشغلنا مع العلم أن المقارنة بين تمثال ابن خلدون والنحات ليست من اكتشافنا ولا هي فكرة جديدة. وكل من يعرف الرسام زبير التركي أو حتى لمح وجهه مرة واحدة وصادف أن شاهد تمثال ابن خلدون إلا وبدا له الشبه الكبير إلى درجة التطابق بين الرجلين. الجديد في المسألة أن الرسام زبير التركي وبعدم نفيه مجددا في تصريحاته الأخيرة مسألة منح صورته لابن خلدون فإنه يكون قد ساهم في فتح النقاش مرة أخرى حول علاقة المبدع بابداعه.
تؤكد مختلف القوانين الخاصة اليوم بحقوق التأليف والملكية الأدبية على تلك العلاقة الوثيقة بين الإنتاج الفني وصاحبه. حتى أن بعض التشريعات في هذا المجال تمنح حق المبدع في استعادة عمله حتى ولو فرط فيه بالبيع إلخ... وهي تشريعات تهدف إلى لفت النظر إلى أن المنتوج الفني والإبداعي عموما لا ينبغي أن يخضع لنفس القوانين التي تخضع لها بقية المنتوجات الأخرى المعروضة للبيع والشراء رغم أن هناك توجه يجعل من الثقافة صناعة ليست في حل أحيانا من منطق السوق.
هذا من جهة ومن جهة أخرى فإن النرجسية لدى المبدع شيء مألوف. وقد تكون الرغبة في التعبير عن نفسه هي الدافع الأساسي لجعل أحدهم يقتحم مغامرة الإبداع. وندرك كذلك أن الفن هو ذلك الفضاء الذي نمارس فيه الحرية بامتياز. ونعرف أن الإبداع هو في جوهره رغبة من المبدع في إعادة تشكيل الحياة والعالم من منظوره الخاص. كل ذلك لا يضير أحد في شيء إن مضى أحدهم بعيدا في عالمه الذي خلقه من وحي خياله. ذلك أنه لا أحد ملزم بما ينتجه ذلك المبدع أو غيره من شخوص ومدن وبلدان وتواريخ وغيرها لا تعدو أن تكون من ابداع مخيلته مهما كانت درجة الإحالة على الواقع كبيرة.
لكن ابن خلدون الذي نعرفه من خلال ما تركه من آثار أدبية وفكرية هامة ومن خلال ما كتب عنه بالشرق والغرب سواء حول سيرته الذاتية أو حياته وأفكاره هو تلك الشخصية التاريخية التي تنتمي لأمة كاملة ولحضارة بعينها ولا يحق بأي حال من الأحوال لأي كان أن ينسبه لشخصه وأن يفرض عليه ملامحه مهما بلغت درجة نواياه الحسنة.
يتحول المبدع أحيانا بما يمتلكه من أدوات للخلق وهو امتياز قد لا يتاح للجميع يتحول إلى سلطة. والوعي بالسلطة والقدرة على عمل ما لا يستطيعه الآخرون قد تتولد عنه المبالغة في ممارسة هذه السلطة. والمبدع ليس في منأى مثله مثل رجل السياسة عن خطر الميل نحو استغلال النفوذ.
قد لا تكون النوايا سيئة في البدء ذلك أن الإنسان المفكر والمبدع بالخصوص تسكنه الرغبة في إيجاد شكل من أشكال الخلود من خلال الفن والإبداع وقد يكون الرسام والنحات زبير التركي قد صنع من خلال شخصية ابن خلدون رمزا يتجاوز الشخص في حد ذاته ويتجاوز المكان والزمان لكن قد يتصادم ذلك مع حق تلك الشخصية المستحضرة من التاريخ باستقلالها بذاتها ومع حق تلك الأمة التي من أجلها صنع التمثال في أن لا تختلط عليها الأمور بين هذا وذلك. من حق الزبير التركي أن يرى في نفسه ابن خلدون هذا العصر لكن من حقنا أيضا أن لا نرى في هذا النحات صورة ابن خلدون.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.