المشاهد القادمة بالامس من غزة كانت اكثر من ان تفي الكلمات والعبارات بوصفها او التعبير عن وحشيتها وفظاعتها ولعل في الجثث المتناثرة على طرقات غزة وفي حالة الفزع التي عاش على وقعها الاهالي وفي مشهد الاطباء الفلسطينيين بامكاناتهم المحدودة وهم يسابقون الزمن في صراعهم مع الاحداث لاسعاف الجرحى وانقاذ المصابين ما يروي جانبا من العدوان الذي تابع العالم اطواره فماذا يحدث في غزة وماذا عن تبعات هذه العملية والى اين يتجه المشهد الفلسطيني عشية حلول العام الجديد؟ سلمان الهرفي سفير دولة فلسطين «مجزرة ضد شعب أعزل لا مبرر لها» «عملية السلام دفنتها إسرائيل بدباباتها وطائراتها بعد جريمتها في غزة» عندما اتصلنا بالسفير سليمان الهرفي لمحاورته عما يجري في غزة كانت المفاجاة حيث شاءت الصدف ان يكون في رام الله وجاءنا صوته الى جانب الاصوات الشعبية التي خرجت في الضفة منددة بالجريمة الاسرائيلية الفظيعة تدعو الى وقف المجزرة البشرية المرتكبة ضد الابرياء في غزة المحاصرة * ما الذي يحدث في غزة وهل من مجال لمنع استمرار المجزرة؟ - نحن امام جريمة جديدة من جرائم الحرب الاسرائيلية المتكررة ضد شعبنا الفلسطيني وعلى العالم ان يخرج عن صمته القاتل وان يضع حدا للمجزرة التي لا نرى لها من مبرر ولا دافع ومهما تعالت تصريحات اولمرت وليفني وباراك وناتنياهو فعلى العالم ان يتذكر ان هؤلاء هم مجرمو الحرب الذين اقترفوا جرائمهم السابقة ضد ابناء شعبنا من بيروت الى اوروبا نقف اليوم مناشدين المجتمع الدولي وشعوب العالم الاحرار وقف الجريمة ونناشد جميع الفلسطينيين التسامي فوق كل الجروح والوقوف صفا واحدا ضد هذه الجريمة نناشد العالم وكل اصدقاءنا مساعدة الشعب الفلسطيني المستمر في مواجهة العدوان الاستيطاني بكل وسائل الدعم الممكنة لرد العدوان وما نراه اليوم استمرار لمائة عام من الماساة واستمرار لاربعين عاما من الاحتلال والجرائم المنظمة * ولكن كيف تفسرون حدوث هذا العدوان الذي ياتي غداة زيارة ليفني الى القاهرةو لقائها الرئيس المصري؟ - المستهدف اليوم هو الشعب الفلسطيني بكل فئاته ومعه الامة العربية نحن في مواجهة عدو مجرم وعلينا جميعا ان نقف في صف واحد والانتباه الى المقلب الصهيوني والى محاولات شق الصفوف وزرع الفتنة امامنا اليوم مسؤولية جسيمة وهي نبذ الخلافات وتوحيد الصف العربي للدفاع عن شعبنا الفلسطيني نحن شعب تحت الاحتلال وعلى الاممالمتحدة ومجلس الامن الدولي تحمل مسؤولياتهما كما انه على جامعة الدول العربية ان تتحمل دورها وتتحرك ازاء ما يحدث هذه حرب مفتوحة ترتكب ضد شعب اعزل ومحاصر منذ 2001 لم يحاصر شعبنا بالامس فقط الحصار مستمر وقائم منذ مجيئ العصابات الاجرامية التي اتت بشارون ثم بناتنياهو وتريد اليوم اعادة باراك لمواصلة جرائمه * أي موقف للسلطة الفلسطينية ازاء ما يحدث وهل من مجال في خضم هذه المجزرة للحديث عن مفاوضات للسلام او مسيرة السلام؟ - هذا قرار عربي وفلسطيني وعلى الجميع تحمل مسؤولياته وعلى مجلس الامن وقف الجريمة وتحديد الاليات لمعاقبة مرتكبيها ومسيرة السلام بعد اليوم دفنتها الدبابات والطائرات الاسرائيلية في هجمتها الارهابية على غزة. د: ماهر المصري محلل سياسي ومدير مركز بدائل للابحاث برام الله «إسرائيل لا تفهم الا لغة القوة.. ومن لم يفعل ذلك لا يحصل على شيء» * ماذا يحدث في غزة وهل تتوقعون استمرار العملية طويلا؟ - ما يحد هو كما يتابعه كل العالم مباشرة على الفضائيات مجزرة كاملة حتى الان سجل سقوط مئات الجرحى والشهداء والحبل على الجرار، اسرائيل مستمرة في عدوانها واسرائيل لا تفهم سوى لغة القوة وفي ظل الصمت العربي والصمت الدولي وفي ظل الانقسام الفلسطيني تجد اسرائيل التشجيع لمواصلة جرائمها تحت انظار واسماع العالم. ولايمكننا اليوم ان نتحدث عن وجود رد فعل ناجع الا بانتهاء الانقسام الذي تستغله اسرائيل والذي بمقتضاه تواصل عمليات الابتزاز المفضوحة ومن يقدم أكثر لاسرائيل ومن هذا المنطلق فان هذه الحملة تبقى تنافس صريح ومعلن لاستعراض العضلات طبعا الاجتياح البري غير مطروح ويمكن ان يلحق بالاسرائيليين الكثير من الخسائر ولكن المرجح ان تستمر عمليات القصف وتوجيه الضربات عن بعد وبالتاكيد سيكون هناك رد فلسطيني ورد اسرائيلي وتبقى كل الاحتمالات قائمة ومن هنا فانه يتعين على السلطة الفلسطينية ان تتحرك ولا تقف عند حدود موقف المتفرج وان تقول صراحة للاسرائيليين ان كل المفاوضات على كف عفريت وان تلعب بذلك دورا في التهدئة وانقاذ الارواح وفتح المعابر ذلك ان استمرار هذا الوضع واستمرار الحصار وهو ما تريده اسرائيل مع التهدئة طبعا يعني انك تسجن نفسك بنفسك والحصار في حد ذاته شكل من اشكال الحرب في القوانين والاعراف الدولية واسرائيل تمارس هذه الحرب منذ وقت طويل * وكيف تقيمون الموقف الدولي ازاء ما يحدث؟ - اسرائيل الدولة المدللة لدى امريكا وهي الاقوى ايضا لانها تحظى بالدعم العسكري الامريكي وغيره وهي ايضا تبقى فوق كل القوانين والعرب بدورهم مفرقون وحتى اوراق القوة المتبقية لدى العرب لا تستخدم ولا احد يحسب له أي حساب ولو تم استخدام الاوراق السياسية والاقتصادية لكانت اسرائيل وضعت حساباتها قبل أي عدوان ولكن اسرائيل لا يسري عليها ما يسري على بقية دول العالم واسرائيل تقدم على كل المجازر ضد الانسانية وحقوق الانسان وتمنع المبعوثين الدوليين من دخول غزة ولا يحرك العرب والعالم ساكنا سوى تكرار المطالب والمناشدات الخاوية ولذلك نقول ان اسرائيل لا تفهم الا لغة القوة وعالم اليوم عالم قوة ومصالح ومن لا يفعل ذلك لا يحصل على شيء. ما يحدث اليوم عشية الانتخابات الاسرائيلية يعكس حمى المنافسة التي تطغى عليها المزايدات الاسرائيلية والاحزاب في اسرائيل تتنافس لاظهار من هو الاكثر تطرفا ضد الفلسطينيين فقد باتت غزة والدم الفلسطيني وقود اصوات اليهود في الانتخابات والحكومة الراهنة في معركة بين نارين تريد الخروج من مواقفها المترددة ولكنها في نفس الوقت تخشى ان تخسر المعركة الانتخابية لذلك فانها تدير مجازرها عن بعد وتمدد الحصار دون اجتياح بري وتبقى اسرائيل فوق كل القوانين ولا احد يتحدث عن معاقبتها رغم كل ذلك. غسان الخطيب مدير مركز القدس للاعلام ووزير العمل الفلسطيني السابق: «جريمة بكل المقاييس.. وما تتعرض له «حماس» سيزيد تعزيز شعبيتها» * ما الذي يحدث في غزة ولماذا هذا التوقيت؟ - ما يحدث جريمة بكل معنى الكلمة وليس في هذا التوقيت امرا مفاجئا لانه ومنذ الايام والاسابيع الماضية شهد الوضع تصعيدا خطيرا وانهيارا لاتفاقية الهدنة كما شهدت محاولات فاشلة لمنع اتفاقية وقف اطلاق النار فاسرائيل وحماس تريدان تغيير شروطهما. التوقيت مرتبط بالانتخابات الاسرائيلية ووزير الدفاع الاسرائيلي تعرض لهجوم وانتقادات كثيرة وهو يريد ان يظهر عضلاته ولذلك قاموا بهذا العمل الاستعراضي الخطير والذي لن يؤدي الى تغيير الاوضاع في غزة.فما يجري سوف يزيد في تعزيز مكانة حماس الشعبية والسياسية ربما تتاذى حماس ماديا اما جماهيريا فان ما يحدث سيزيد من التعاطف في فلسطين وفي العالم العربي مع الحركة وسيزيد في احراج القيادة الفلسطينية التي ليس لها خيارات كثيرة وقد بادرت بالتنديد والاستنكار ومطالبة الولاياتالمتحدة بالتدخل واسرائيل بضبط النفس * وكيف تنظرون الى الموقف الدولي والعربي السلبي الذي لم يسعى الى استباق المجزرة ومنع وقوعها؟ - من جانبنا نعتبر ان الموقف العربي لم يتغير فالسنوات الاخيرة شهدت ومنذ عام2000 هجمات اسرائيلية متعددة ومتكررة من هذا النوع في الضفة سنة 2000 وبعدها في 2003 وغيرها هناك شعور قوي بالتفاف جماهيري شعبي ولكن الحكومات لم يكن بمقدورها او ربما لم تكن لديها الرغبة في التحرك الفعلي ولاشك ان في استمرار الصمت والعجز العربي من شانه ان يتحدث عن الموقف العربي الرسمي لكن ما يجب ان نذكره ايضا ان خروج حماس عن الاجماع الفلسطيني والاجماع العربي جعل الامور صعبة للغاية حماس حرصت على تحقيق شعبيتها على حساب الوحدة وعلى حساب ما نراه اليوم من تصفية للابرياء للتوضيح اقول ان سلوك حماس ادى فعلا الى اتساع مكانتها وشعبيتها ولكنها ضحت بالوحدة الوطنية واستمرت في عمليات اطلاق الصواريخ التي اعطت المبرر لاسرائيل للهجمة الشرسة التي تنفذها وبالرغم من ان اسرائيل وحدها من يتحمل مسؤولية المجزرة الا ان طريقة حماس في ادارة الصراع اضعفت الموقف الفلسطيني والموقف العربي.