لماذا يعزف أولياء التلاميذ ذوي المستوى التعليمي المتدنّي عن الحضور؟ تونس الصباح: تبلغ هذا الأحد عطلة الثلاثي الأول يومها الأخير إيذانا بانطلاق ثلاثي جديد من الدراسة والمثابرة والكد في طلب العلم.. ثلاثي جديد ينطلق بدءا من يوم غد الاثنين لمباشرة دروس وبرامج جديدة في مختلف المواد وتجديد العهد مع الاختبارات الشفاهية والكتابية للثلاثي الثاني فيما يظل تركيز التلاميذ والأولياء وانشغالهم منصبا على مراسلات الاعداد التي قد يتأخر وصولها أكثر من العادة هذه المرة بحكم التأخر الحاصل في تنظيم امتحانات الاسبوع المغلق الاول، حتى أن بعض الفروض لم يقع ارجاعها الى التلاميذ خلال الاسبوع المخصص لاصلاح الامتحانات لضغط الوقت.. وعلى أمل أن يقع تدارك التأخير المتوقع في توزيع بطاقات الاعداد وألا يطول انتظارها سنركز في هذه المساحة على اجراء دخل تقاليد عدد من المؤسسات التربوية يتمثل في تنظيم لقاءات مباشرة مع الأولياء (طبعا بعد تسلم المراسلات الخاصة بالاعداد) للتواصل مباشرة مع رجال التعليم والتطرق الى مردود التلميذ وتقييم مستواه وسلوكه داخل المعهد او الاعدادية وتوجيه الأولياء الى الطرق الكفيلة بتدارك بعض النقائص والسلبيات وارشادهم الى أقوم السبل لتطوير نتائج أبنائهم وتطويق مخاطر الفشل الدراسي التي قد تهدد بعضهم في اطار من الشراكة العفوية بين الطرفين.. هكذا تبدو غاية هذه اللقاءات اكثر من ايجابية ومنطلقاتها جيدة ومفيدة مادامت مصلحة التلميذ الفضلى هدفها الأساسي ومحورها الرئيسي.. غير أن التحفظات القائمة حول هذه اللقاءات والمآخذ المسجلة تتعلق بالظروف السيئة التي تنتظم فيها والتي لا تعكس احتراما للولي في غياب فضاءات استقبال قادرة على استيعاب اعداد من الأولياء الوافدين ووضعهم في لقاءات ثنائية مع المربين كل في اختصاصه في أجواء مريحة بعيدا عن التزاحم الذي تشهده بعض قاعات الدرس ليظفر الولي ببعض الدقائق ان لم نقل اللحظات للحديث الى الاستاذ.. هذا الى جانب رحلة التيه في البحث عن القاعة التي تحتضن مدرس المادة التي ينشد الولي التوقف عندها والاستفسار عن مدى تجاوب التلميذ معها أو رصد أسباب نفوره منها.. كما أن غياب الاساتذة أحيانا عن هذه اللقاءات وبرمجة بعضها في اوقات لا تتلاءم وظروف عمل الأولياء كأن يقع اقرارها صباحا ما يدفع الى العزوف عنها وقد ساهمت هذه العوامل في تزايد عدد الأولياء المقاطعين لها في السنوات الأخيرة رغم ترحيبهم بها ومواكبتها في بداياتها وهو ما يدعو الى وجوب مراجعة جوانبها التنظيمية والحيز الزمني المخصص لها وتحسين ظروف استقبال الأولياء ولمَ لا تدعيم التواصل معهم خارج اطار هذه المناسبة وانتظام الحوار مع أولياء التلاميذ الذين يواجهون صعوبات في الدراسة وعدم القدرة على مسايرة نسق الدروس وتعثر مردودهم الدراسي وفق ما تعكسه نتائجهم الهزيلة. ومن المفارقات القائمة في هذا الصدد أن أولياء هذه الفئة من التلاميذ هم أول من يعزف عن حضور هذه اللقاءات ولا يتحمسون لها.. في المقابل يسجل حضور أولياء التلاميذ النجباء والمتميزين بما يدعو أهل الذكر والاختصاص من الاطارات البيداغوجية الى الانكباب على دراسة هذه الظاهرة والبحث عن حلول عملية لمزيد استقطاب الأولياء خاصة من لهم أبناء يشكون عسرا في التعلم ومرافقتهم في دعم مردودهم واعتبارهم شركاء فاعلين في الشأن التربوي بعيدا عن الاقصاء وتحميلهم مسؤولية تدهور نتائج أبنائهم، كما يحصل عادة عند استدعاء ادارة المعهد أو المدرسة لهم بوصفهم في قفص الاتهام والمحاسبة دون محاولة تشريكهم في معالجة وضع التلميذ وتطوير أدائه.. وهي سلوكات واجتهادات سائدة وان لا يصح التعميم لوجود ادارات صلب المؤسسات التربوية تتعامل بكل حرفية وموضوعية في مثل هذه المواقف لكنها تبقى حالات ونماذج محدودة حبذا لو تشع على غيرها من المدارس.