«الحلفاء» هي ثروة طبيعية لها ادوار مندمجة بيئية واجتماعية واقتصادية تنبت بمناطق السباسب العليا وتكثر خاصة بولاية القصرين، حيث تنتشر على امتداد حوالي 170 الف هكتار من مجموعة 250 الف هكتار في تونس الوسطى ومشارق شمال البلاد وجنوبها الى حدود السواحل التونسية، وتعد هذه النبتة من اهم واشهر النباتات المعروفة بها ولاية القصرين لتوفرها على نسبة 80% منها. وللحلفاء دور اجتماعي فهي مورد رزق للفئات الضعيفة التي تقطن بالسباسب العليا حيث لا نبات غير الحلفاء، وتستقطب عملية جنيها وتجميعها 6000 اسرة يعمل جل افرادها في هذا القطاع على امتداد 6 أشهر في السنة اي كامل فصلي الشتاء والربيع ويعتمد عمال جني الحلفاء على الدواب لنقلها الى مراكز التجميع التابعة للجهة نظرا لصعوبة التضاريس وتشعبها بالمناطق الحلفاوية. وتلعب نبتة الحلفاء دورا اقتصاديا هاما في الجهة، فهي مادة اولية تستعمل لصناعة الورق وعجينة تستوردها اكبر الدول واكثرها تصنيعا لاستعمالها في الطباعة والاوراق النقدية واستخراج ادق مكونات المصافي المستعملة في الطائرات والتقنيات الاعلامية والاتصالية، وهي ايضا مادة اولية للحرفيين لممارسة ابداعاتهم يطوقون اليافها الى تحف ومفروشات ولوحات تجميلية واقراص مظفورة تعرف ب«شوامي الحلفاء» لاستعمالها في مطاحن الزيتون التقليدية لاستخراج الزيت، هذا فضلا عن ترويضها منذ القدم من طرف البدو الرحل لصناعة الحبال لشد اوتاد خيامهم وربط مواشيهم اثناء الجر والحراثة ولصناعة اواني لجمع محاصيلهم الزراعية. وبفضل هذه الخصوصية البيئية استطاعت ولاية القصرين منذ بداية الاستقلال من استقطاب اول واكبر لبنة صناعية لتحويل الحلفاء كان لها الدور الرئيسي في تاسيس هذه المدينة وهي الشركة الوطنية لعجين الحلفاء والورق التي تحتاج في دورانها الى حوالي 50 الف طن من الحلفاء سنويا ويضخ المصنع مالا يقل عن 3 ملايين دينار لشراء الحلفاء الخام من الجنائين. كما مكنت هذه النبتة البلاد التونسية من ان تكون البلد الوحيد المصنع للحلفاء في القارة الافريقية رغم تواجد منابت لها بمختلف بلدان المغرب العربي.