مشاكل بالجملة عند نقل البضائع لعدم تقيّد الحرفاء بما يوجد في الفواتير تونس - الاسبوعي: تظلّ حركة التنقل من منزل إلى آخر لا تنضب خاصة في العاصمة والمدن الكبرى التي تستقطب أعدادا كبيرة من اليد العاملة النازحة والطلبة فضلا عن إنتعاشة الحركة التجارية والإقبال على اقتناء المفروشات... كل هذا يوحي بانتعاشة قطاع نقل البضائع في الظاهر... لكن ما خفي فلا يعلمه إلا أصحاب عربات نقل البضائع الذين يعدّون المحرار الحقيقي لهذا القطاع الذي واكب حقبات من الزمن منذ كان «الحمالة» يجوبون الأسواق فينقلون أمتعة الزبائن من مكان لآخر.. وكانت عربات «الحمّالة» المجرورة بواسطة البغال أو الحمير تتخذ مرابض وأماكن معروفة يقصدها الزبائن كلما احتاجوا إليها.. ولئن تعد ساحة باب الخضراء أشهر المرابض وأعرقها لعربات نقل البضائع فإنّ هناك مرابض أخرى إستقرت ببعض المناطق على غرار المروج والدندان فأضفت على القطاع صبغة اللامركزية. الهموم وكثرة المصاريف بات أصحاب عربات نقل البضائع يشتكون ظروفهم الصعبة ووضعهم الذي يكاد يكون مزريا أمام كثرة الأعباء المالية وقلّة فرص العمل وتوالي الأيام العجاف ومكابدة الواقع الراهن قصد تحصيل الرزق وإرضاء الزبائن. فعمّ الهادي، الذي يعمل على وسيلة نقل خاصة منذ 15 سنة، ذكر : «أن الطلب على هذه الخدمة قد قلّ وإذ لم نقل قد إضمحلّ، فأمام غلاء البنزين وإرتفاع أسعار قطع الغيار وكلفة صيانة العربة، لم يعد المبلغ الذي يدفعه الحريف كافيا لتغطية الحاجيات». ومن جانبه صرح خالد الذي يعمل في هذا المجال منذ 1993 أن القطاع يشهد ركودا لا مثيل له والسبب حسب رأي محدثنا يعود الى كثرة الأداءات والضرائب والتأمين ومعلوم «الباتنيدا» وغيرها الى جانب المصاريف التي يتكبّدها أصحابها في صيانتها حتى تصبح أكثر مردودية.. وفي ذات السياق قال عم مختار (15 سنة في الميدان) والذي لم يقم بنقل أي بضاعة منذ أكثر من شهر ونصف أن أصحاب المهنة فضلا عن كثرة المصاريف والأداءات فإنهم يتعرضون في أحيان عدة للكثير من المشاكل ومنها العنف.. جدل الحريف بعيدا عن هول المصاريف وكثرة النفقات عرّج محمود على علاقة أصحاب عربات نقل البضائع بالحرفاء قائلا: «إن وجد الحريف، فإنه يجادل بشدة ويساوم بإلحاح في أجرة النقل الذي يحدد حسب طول المسافة وثقل البضاعة» وفي نفس السياق قال المولدي (30 سنة في المجال): «من بين الصعوبات التي تعترض العاملين في الميدان، قلّة الطلبات.. وكثيرا ما يتحمّل صاحب السيارة كل الأعباء المادية (بنزين واستخلاص طريق السيارة) ولا يجني من الربح إلا القليل خاصة في المسافات الطويلة، فهذا الأخير لا يضمن العودة بحمولة أخرى من المدينة التي يقصدها الحريف، فعندما يوصل البضاعة مثلا الى الجنوب التونسي فإنه قطعا سيعود بالشاحنة فارغة.. وهذا كله لا يتفهمه الحريف الذي لا يهمه إلا وصول بضاعته بسلام». متاعب أخرى من المتاعب التي تعترض أصحاب عربات نقل البضائع والتي عرّج عليها جلهم تتمثل تقريبا في الخطايا التي تسلّط عيهم في صورة غياب فاتورة البضاعة المنقولة خاصة إذا قدّم لهم الحريف فاتورة غير قانونية أو غير صالحة، فرغم أن الخطأ يعود الى الزبون فإنهم المسؤولون قانونيا على الحمولة لذلك فهم مجبرون على التأكّد من البضاعة على حد تعبيرهم. هذا إضافة الى التهميش الذي يشكو منه مكان وقوف هذه العربات خاصة في ما يهم ساحة باب الخضراء حيث إستاء أصحاب المهنة من وقوف إلى جانب عرباتهم -سيارات أخرى فضلا عن إتخاذ بعض المواطنين من المكان مأوى لسياراتهم والبعض الآخر فضاء لإلقاء الفضلات وتناول الكحول مطالبين بتنظيف المكان وجعله خاصا بهم دون سواهم. منافسة كما يشكو هؤلاء منافسة بعض شركات نقل البضائع التي أصبحت تكتري العربات من أصحابها مقابل أجر زهيد أمام ما تجنيه هذه الشركات من أموال يدفعها الحريف أي أنها أصبحت بمثابة الوسيط وكثيرا ما تتكون هذه المؤسّسات من مكتب فقط دون أسطول وتسعى لكسب ثقة الزبائن لتطور عملها. الحلول ويرى بعض المهنيين أن الحلول المطلوبة لإدخال انتعاشة على القطاع وهي التقليص من الأداءات وتنظيم عملية النقل ضرورة تقيد الحريف لما في فاتورة البضاعة.. ويذهب الشق الآخر الى ضرورة توفير مكان نظيف ولائق لعربات النقل هذه مع مساعدتهم على تجديد أسطولهم وإدخال تحسينات على العربات.. ولئن تنوعت الحلول التي يقترحونها فإنهم اشتركوا في أنّ لديهم بصيصا من الأمل في أن يتغيّر الحال وتعود المهنة الى سالف عطائها وخيراتها.. الحبيب العرفاوي