تونس - الصباح تدور صلب التكتل الديمقراطي من أجل العمل والحريات، مناقشات معمقة منذ عدة أسابيع حول الانتخابات الرئاسية المقلبة المقررة في نوفمبر من العام الجاري.. مضمون هذه المناقشات يتركز بالخصوص على إمكانية ترشيح الأمين العام للحزب، السيد مصطفى بن جعفر للانتخابات الرئاسية، ليكون بذلك خامس مرشح للاستحقاق الرئاسي القادم.. ويجري الاعتقاد صلب المراقبين والمتابعين للشأن السياسي في البلاد، على أن القانون الاستثنائي الذي أصدرته الحكومة في الآونة الأخيرة، والذي ضبطت من خلاله شروط الترشح للانتخابات الرئاسية المقبلة، لا يخوّل للسيد بن جعفر تقديم ترشحه، باعتبار أن هذا القانون ينص على "أنّه يجوز للمسؤول الأوّل عن كل حزب أن يترشح للانتخابات بشرط أن يكون منتخبا لتلك المسؤولية، وأن يكون يوم تقديم ترشحه مباشرا لها لمدّة لا تقلّ عن سنتين متتاليتين"، الأمر الذي يعني أو هكذا فهم من قبل الملاحظين بأن الأمين العام للتكتل "خارج دائرة الاستحقاق الانتخابي"، على اعتبار أن الحزب لم يعقد مؤتمره الأول، وبالتالي فإن السيد مصطفى بن جعفر "ليس منتخبا"، وحتى إذا ما التأم مؤتمر الحزب خلال الأسابيع القليلة القادمة، واختار بن جعفر أمينا عاما له مجددا، فإن شرط مباشرة المسؤولية على رأس الحزب لمدّة لا تقلّ عن سنتين متتاليتين، لا تتوفر فيه، بما يجعل هذا الترشح "مختلا" وفق بعض القراءات للنص القانوني المنظّم للترشحات للانتخابات الرئاسية.. الإعلان / المفاجأة غير أن الموقف الذي أعلنه التكتل الديمقراطي من أجل العمل والحريات خلال الفترة القليلة الماضية، بنيّته ترشيح بن جعفر للانتخابات الرئاسية، شكّل "مفاجأة" لعديد الأطراف ممن كانت تعتقد أن الرجل غير معني بالانتخابات الرئاسية المقبلة، وفقا لمنطوق النص القانوني الاستثنائي المنظّم للترشحات الرئاسية.. ولعل ما زاد في "جدّية" هذا الإعلان، تلك التصريحات الصحفية والحوارات التي أدلى بها السيد بن جعفر لأكثر من منبر إعلامي، مؤكدا من خلالها أنه "المرشح الممكن" لانتخابات 2009"، على حدّ تعبيره.. وقال الأمين العام للتكتل في هذا السياق في تصريح ل "الصباح"، "أن القانون الذي أصدرته الحكومة وصادق عليه مجلس النواب، يصرّح بضرورة أن يكون المرشح للرئاسية، منتخبا، وأنا أمين عام منتخب".. قبل أن يضيف : "مناضلو التكتل الديمقراطي انتخبوني على رأس الحزب، فلست معيّنا، وهو ما يسمح لي بإعلان ترشحي لانتخابات 2009 الرئاسية بشكل قانوني".. ولئن تعكس هذه التصريحات، وجهة نظر جديدة للحزب، مضمونها أن الأمين العام الحالي للتكتل، مؤهل من الناحية القانونية باعتباره وفق قراءة الحزب منتخبا من القيادة الحالية للتكتل عند تأسيسه، فإن ذلك أعاد للنقاش صيغة النص القانوني الذي أصدرته الحكومة.. فالتنصيص على ضرورة أن يكون الأمين العام للحزب منتخبا، لم يوضح الطريقة التي تم بها الانتخاب، هل هي عبر مؤتمر انتخابي، أم من خلال جلسة تأسيسية، أم عبر اجتماع يضم قيادة الحزب ويتخذ في أعقابه قرار بترشيح هذا الاسم أو ذاك للأمانة العامة؟ ويبدو أن التكتل الديمقراطي من أجل العمل والحريات، حرص على الاستفادة مما يعتبره "غموضا يكتنف النص القانوني"، على حدّ تعبير السيد مصطفى بن جعفر، واستثماره بالتالي من أجل "جعل ترشحه ممكنا"، على الرغم مما يبدو ظاهريا على الأقل من خلال النص القانوني المحدد للترشحات، بأنه لا يجوز للأمين العام للتكتل تقديم ترشحه، ومعنى ذلك أنه غير معني بالانتخابات الرئاسية القادمة.. قراءة مختلفة.. ولا شك في أن هذه المقاربة أو القراءة الجديدة للنص القانوني، ستوفر هامشا قانونيا وسياسيا للتكتل الديمقراطي للتحرك السياسي من أجل "جعل ترشحه ممكنا" كما يقول.. وعلى أية حال، فإن قرار الترشح من عدمه، دخل منذ فترة غير بعيدة قيد النقاش صلب الحزب، في انتظار أن يتبلور بصورة أوضح في غضون الأسابيع القليلة القادمة خلال المؤتمر الأول للحزب (المزمع تنظيمه في غضون الثلاثية الأولى من العام الجاري)، وهو المؤتمر الذي تعود إليه مشروعية القرار لوحده، خصوصا وأن الحزب لا يرغب في "الترشح من أجل الترشح"، كما يقول أمينه العام، وإنما يريد أن يجعل من هذا القرار "جزءا من إمكانية متاحة" بشكل أوسع لدى بعض الأحزاب من خارج الموالاة، لكي تدخل الانتخابات الرئاسية المقبلة، في إطار أجندة سياسية تستهدف ما يسميه بن جعفر ب"تغيير قواعد اللعبة"، أي "تغيير الظروف التي ستجري فيها العملية الانتخابية"، على حدّ قوله.. فهل يكون السيد بن جعفر المرشح الخامس للانتخابات الرئاسية القادمة، بما يجعل السياق الانتخابي مختلفا عن المشهد الراهن المتوقع، أم يكون الأمر مجرد قراءة قانونية وسياسية لنص قانوني غير قابلة للترجمة العملية لاحقا؟ الجدير بالذكر، أن ثلاثة زعماء من أحزاب المعارضة، أعلنوا ترشحهم القانوني للانتخابات الرئاسية القادمة وهم على التوالي، السادة: محمد بوشيحة، الأمين العام لحزب الوحدة الشعبية، وأحمد الإينوبلي، الأمين العام للاتحاد الديمقراطي الوحدوي، وأحمد إبراهيم، الأمين الأول لحركة التجديد، فيما أعلن كل من حركة الديمقراطيين الاشتراكيين والحزب الاجتماعي التحرري وحزب الخضر للتقدم، مساندتهم لمرشح التجمع الدستوري الديمقراطي، الرئيس زين العابدين بن علي..