بكلمات لا تخلو من التوسل الى درجة الاستجداء المهين لاحد الرموز المفترضة للعدالة الانسانية وللشرعية الدولية جدد الامين العام للامم المتحدة بان كي مون دعوته اسرائيل الى احترام قرار وقف اطلاق النار الذي اقره مجلس الامن منذ اسبوع وذلك قبل ان يستعرض الخطوات التي يعتزم القيام بها في الجولة التي بداها امس في منطقة الشرق الاوسط وهي خطوات لا تؤشر الى نية واضحة او ارادة حقيقية لانهاء فوري للحملة المسعورة التي تشنها الة الحرب والدمار الاسرائيلية على اهالي غزة منذ عشرين يوما. ولا شك اليوم والعالم يقف على حجم الخراب والدمار الذي لحق غزة المنكوبة ان الامين العام للامم المتحدة اكثر من يدرك ان مشاعر الحزن التي تنتابه نتيجة "عدم تمكنه من زيارة غزة لمشاركة اطفالها احزانهم" لا يمكنها ان تلغي او تقلل باي حال من الاحوال مسؤولية الاممالمتحدة في العدوان المستمر على القطاع ولا ان تعفي اصحاب القرار في مجلس الامن من تهم التواطؤ في استمرار الجريمة التي تجاوزت كل الحدود اما عن تلك الاجراءات التي استبق بها الامين العام في مستهل جولته في منطقة الشرق الاوسط وتصريحاته بانه سيفعل ما بوسعه لضمان وصول المساعدات الانسانية الى غزة وانه سيرسل فريقا لتقييم حجم الاضرار والحاجات الانسانية هناك وانه سيحث اسرائيل على الالتزام بقرار مجلس الامن فهي تبقى بدورها مفتوحة على كل الاحتمالات والافتراضات لتتنزل في اطار الاستمرار في سياسة الهروب الى الامام وتجنب كل ما يمكن ان يسبب غضب اسرائيل او يقف دون تنفيذ مخططاتها الاحتلالية غير الخفية. و لعل الامين العام للامم المتحدة لم يدرك رغم تلك الحصيلة الثقيلة التي ناهزت الالف شهيد والخمسة الاف مصاب سيكون اكثر من نصفهم من المعوقين اذا كتبت لهم الحياة ان مشاعر الحزن التي تنتابه وتجعله يتحسر على عدم زيارة غزة لن توقف الصواريخ الاسرائيلية ولن تمنع تدفق الدماء التي تسقي تراب غزة ولن تنهي المشهد الماساوي هناك بل لعل الامين العام لم يدرك حتى الان ان اطفال غزة واراملها وثكلاها ليسوا في حاجة لمن يبحث عن صك البراءة او دعم شعبيته وتعزيز موقعه السياسي على حسابهم من خلال صورة يلتقطها الى جانب ضحايا القصف الاسرائيلي المتكرر الذي لم يستثن موقعا او حيا من الاحياء التي تحولت الى خراب. لقد غاب عن المسؤول الاممي ان عقول اطفال غزة ومعهم بقية الاطفال تحت الاحتلال ممن لم يعرفوا معنى للطفولة الطبيعية وممن عاشوا كل انواع الحرمان والتشرد اكبر من ان تعول على تصريحات وكلمات وبيانات تسوق لسلام لا يحترم حقهم المشروع في الحياة والكرامة وتقرير المصير كبقية اطفال العالم. قد تنجح اليوم دعوة رئيس الجمعية العامة للامم المتحدة بناء على طلب من دول عدم الانحياز في استصدار قرار يدين استمرار الهجوم الاسرائيلي على غزة وهو القرار الذي سيضاف على الارجح الى قرار مجلس حقوق الانسان الاممي الذي سبق ونجح في ادانة ممارسات الاحتلال الهمجية رغم تخلف الدول الاوروبية واعراضها عن التصويت لصالح القرار. الا انه ومع افتقار قرارات الجمعية العامة لصفة الالزامية فان من شانها ان تزيل ما بقي من اقنعة مشوهة تتخفى وراءها القيادات الاسرائيلية العسكرية والسياسية في مواصلة العدوان على غزة...