إن الاتصال هو نوع من البناء الاجتماعي فهو محتوى من المعلومات والاستجابات المتبادلة أو ما يمكن تسميتها بالحاجات الاجتماعية التي يتم إشباعها عن طريق ما يفرضه منطق التغيير الذي يحتم علينا وضع قواعد ونظم جديدة للسلوك الاجتماعي. إن هذا العصر عصر تكنولوجيات الاتصال والمعلومات حتم علينا تفاعلا اجتماعيا يمكن أن يصبح محور الحركة والتنظيم والتطور في المستقبل. هذا التطور أو هذا التغيير يستدعي نظرة جديدة للذات الانسانية نظرة تفاعل مع عالم الفضاء التكنولوجي يضع هذا المجتمع على سكة جديدة ذلك أن عصر مجتمع المعلومات تاريخيا باغتنا ولم يمهل كثيرا العصر الصناعي ليحل محله بينما حاز العصر الزراعي على الفترة التاريخية الاطوال. إذا كان التغيير الاجتماعي سمة من سمات هذا العصر فإن هذا الواقع يختلف عن سابقه في معدل سرعته، فماذا أعددنا للانصهار في مجتمع الاتصال على الخط وبناء التفاعل الاجتماعي الالي؟ أقول جيدا للانصهار ولم أقل شيئا آخر لان المطلب الاساسي للتغيير هو لباس ثوب افتراضي متفق عليه يقينا من كل التغيرات المتراكمة والمتسابقة.. إنه التفاعل الاجتماعي على الخط.. إن في إشتراك أعضاء المجتمع في لغة تخاطب متفق عليها ودرجة تطور مشتركة لدى مختلف أعضاء المجتمع تسهل الاتصال لبلوغ الغايات المعرفية والمعلوماتية، فالبناء الاجتماعي الافتراضي له عناصر متأتية من الشكل التفاعلي للمجتمع، هذه العناصر هي عناصر اجتماعية تنطلق من أسس الاتصال، وهي في حقيقة الامر اجتماعية المنشأ واجتماعية التطور، هذه العناصر يمكن حصرها في: أولا: الخلفية المشتركة وهي الارضية الاصلية التي ننطلق منها للتفاهم والتخاطب والمشاركة من طرف أفراد المجتمع ذوي السلوك التعاوني،والمبني على عادات مشتركة بين أعضاءه، ثانيا: الثقة الطبيعية بين المستفيدين التحمت هذه الثقة بصيرورة الحياة وما تحمله من ظواهر اجتماعية وأخلاقية،وعقائدية،وحضارية، وفكرية. فالثقة سلوك، وعمل، وإحساس، ومبادئ، وأخلاق..هذا من الناحية الطبيعية. أما ونحن نعيش عصر الاتصال والتكنولوجيات الحديثة فإن الثقة في هذا العصر ستصبح محل دراسة وتمحيص ذلك أن الثقة بين الانسان وآدمية الانسان شيء مفهوم أما الثقة بين الانسان والالة وأقصد الانترنات بالذات هي محور هذا الطرح، كيف ينظر للثقة في مجتمعات على الخط؟ هناك إجراءات وآليات تدعم بشكل حثيث لمساندة الثقة على الخط، مثل تلك الاجراءات لتوفير الدليل على الاداء الجيد ولتوفير الخدمة بالفاعلية المرجوة والسرعة المطلوبة ومدى تشابك عملية التأثير والتأثر مع عنصر الثقة التي تتماسك بالمحادثات والتفاعلات على الخط ومدى دينامكيتها واستمرارها. مجتمع "الواب" والثقة إن أي مجتمع تقليدي يرى ضرورة بناء مجتمع على الخط يلزمه أن يبدأ ببناء الثقة بين أفراده وذلك من خلال تحقيق الفرص السامحة للتفاعل الجيد، ووثوقية العلاقات والاتصالات بين المشاركين، معنى هذا أن نمو المجتمع الافتراضي يجب أن يعتمد تحقيق وجود قيمة مشتركة بين المشاركين وتحديد خطة واضحة للعمل تصل إلى كل المشاركين حيث تبدأ بتحديد طبيعة المجتمع وأهدافه وتوجيهاته وتصل إلى إزدياد ترابط المجتمع وتفاعله وعمله الاتصالي المشترك. إن تناول خصائص الروابط الاجتماعية بالفحص والكشف والدرس لمعرفة كيف يرتبط الناس بفهمهم البعض من خلال أوساط شبكات الحواسيب تتطلب منهجا ذا مستويات متعددة مثل حجم التردد الاتصالي بين الناس، كثافة الترابط الاتصالي بين الاشخاص، نوعية الخدمة المسداة ومدى تأثيرها في حياة الناس... وعلى سبيل المثال فالبريد التونسي والصندوق الوطني للتأمين على المرض والصندوق الوطني للتقاعد والحيطة الاجتماعية والصندوق الوطني للضمان الاجتماعي والشركة التونسية للكهرباء والغاز وغيرهم كثير يقدمون خدمات على الخط ذات أبعاد اجتماعية ينتفع بها أفراد المجتمع دون تسديد أي مبلغ مالي. صحيح أننا لم ننتج هذه التكنولوجيا ولم نشارك في حلول هذا العصر الجديد عصر الاتصال وتكنولوجيا المعلومات، الذي داهمنا دون استئذان، ربما كانت للمجتمعات العربية صولات وجولات في العصر الزراعي الذي أخذ من الحقبات التاريخية قرون وشيئا من العصر الصناعي بينما لم يمهلنا عصر مجتمع المعلومات لنجده بيننا، ومن هنا يصح أن نتساءل هل أصبح لدينا كتلة من الخبراء والباحثين في الشؤون الاجتماعية نحتاج إليها لجعل المجتمع على الخط؟، مجتمع ذا قدرة على جلب الاخرين وتفسير النجاح أو الفشل في التفاعل الاجتماعي مع هذا الفضاء الاتصالي الجديد؟ هل بات لزاما علينا أن نولي هذا التغيير في البناء الاجتماعي الاهمية القصوى ضمانا لحياة أكثر استقرارا وتوازنا باعتبار تلازم الابعاد الاجتماعية مع الاقتصادية دون أن ننحاز عن هويتنا وخصوصياتنا الثقافية. إن اعتماد آلية العنصر الاجتماعي في المجتمع الافتراضي، يضمن تطور المجتمع تكنولوجيا وفق طرق ومخططات ترتقي به اجتماعيا على الشبكات العالمية في ضل التطورات المتقدمة لمختلف أنواع التكنولوجيات الحاسوبية والالكترونية، وتبدو من المنظور القريب أن المؤشرات واضحة يمكن من خلالها تبيان شيء من مستقبل علم الاجتماع العصري الذي يعتمد التكنولوجيات الحديثة واستشراف بعض من الرؤى الموضوعية واحتمالات المستقبل القريب على الاقل في وضع آلية جديدة لكل المهتمين بالشؤون الاجتماعية.