قرطاج (وات): اكدت السيدة ليلى بن علي حرم رئيس الجمهورية ضرورة العمل ازاء التفاوت الرقمي الكبير السائد اليوم بين الجنسين في المجتمعات العربية على تمكين المراة من النفاذ الى تكنولوجيات الاتصال والمعلومات وانتاج المحتوى الرقمي وصنع المعلومة لان المراة لا تقل عن الرجل ذكاءا واجتهادا وليست دونه استعدادا وابداعا لكي تسهم معه في الحفاظ على توازن المجتمع واستقراره والمشاركة في رقيه وازدهاره. واشارت حرم سيادة الرئيس لدى اشرافها أمس الثلاثاء على افتتاح منتدى المراة العربية والفضاء الاتصالي المعولم الذي كانت اقترحت تنظيمه بتونس بمناسبة مشاركتها في الاجتماع الثالث للمجلس الاعلى لمنظمة المراة العربية بابوظبي الى انه يتعين على البلدان العربية التحلي بكامل الوعي واليقظة في التعامل مع تكنولوجيات الاتصال والمعلومات والسيطرة على شتى مكوناتها وشبكاتها لاحكام الاستفادة القصوى من ثراء محتوياتها وتوقي ما تبثه من مظاهر تهدد القيم الروحية، للبدان العربية وخصوصياتها الاجتماعية والثقافية. وقد تميز موكب افتتاح المنتدى بتسلم السيدة ليلى بن علي درع منظمة المراة العربية من مديرتها العامة السيدة ودودة بدران التي عبرت بالمناسبة عن تقديرها للجهود المتواصلة التي تبذلها حرم رئيس الجمهورية من اجل دعم المراة العربية والارتقاء بها. وجرى هذا الموكب بحضور عضوات الحكومة وسامي الاطارات النسائية التونسية والامينة العامة للمنظمة العربية لتكنولوجيا الاتصال المعلومات وممثلات عن عدة منظمات دولية واقليمية معنية بشؤون المراة والاتصال وعن البلدان العربية الاعضاء بمنظمة المراة العربية الى جانب ممثلات عن العديد من الجمعيات ومراكز الدراسات والبحوث والمؤسسات الاعلامية الدولية وخبراء من المهتمين بقضايا النوع الاجتماعي والفضاء الاتصالي المعولم. وفيما يلي النص الكامل لكلمة السيدة ليلى بن علي: «بسم الله الرحمان الرحيم حضرات السيدات والسادة افتتح اليوم على بركة الله اشغال منتدى «المرأة العربية والفضاء الاتصالي المعولم» الذي كنا اقترحنا تنظيمه بتونس بمناسبة انعقاد الاجتماع الثالث للمجلس الاعلى لمنظمة المرأة العربية في 27 ماي من السنة الماضية بدولة الامارات العربية المتحدة الشقيقة. ويطيب لي في مستهل هذه الكلمة ان ارحب بضيوفنا الكرام وان اتوجه بالشكر والتقدير الى كل المساهمين في تنظيم هذا المنتدى واخص بالذكر منهم «منظمة المرأة العربية» و«المنظمة العربية لتكنولوجيات الاتصال والمعلومات». كما اشكر جميع الاطراف الداعمة لهذا المنتدى الذي اردناه منبرا متجددا للبحث في احدى القضايا الاساسية التي تهم المرأة العربية في عالم يشهد تغيرات عميقة وتحولات سريعة في مختلف المجالات. واذ اشكر السيدة ودودة بدران المديرة العامة لمنظمة المرأة العربية على كلمتها اللطيفة ومشاعرها النبيلة نحو تونس وشعبها وقيادتها واعرب لها عن تقديري لاسنادها إليّ درع المنظمة فاني اريد ان انوه بهذه المناسبة بالدور المحمود الذي تضطلع به منظمة المرأة العربية لتطوير اوضاع المرأة في مجتمعاتنا وبحرصها على دفع هذه الاوضاع نحو الافضل في سائر الميادين. حضرات السيدات والسادة ان ابرز ما يميز حياتنا المعاصرة سرعة انتشار تكنولوجيات الاتصال والمعلومات وتعدد اشكالها وتنوع انظمتها وتنافس الدول على استخدامها على اوسع نطاق في زمن تقلصت فيه المسافات وتداعت الحواجز وتشكلت «القرية الكونية» وتعمق الاتصال والتواصل بين الافراد والشعوب والثقافات وفتحت فيه امام البشرية افاق جديدة للمعرفة والعمل والانتاج لم يسبق لها مثيل. ويعتبر اليوم رواج التقنيات الرقمية وتنامي استعمال شبكات الاتصال الارضية والفضائية الثابتة منها والمتنقلة من اقوى العوامل التي مكنت قطاع الاتصال والمعلومات من ان يتحول الى قطاع استراتيجي بالغ الاهمية لدى الدول قاطبة. ولما كنا نحرص على ان تواكب مجتمعاتنا العربية عصرها وتاخذ نصيبها من هذا التدفق التكنولوجي الهائل فانه يتعين علينا الاستثمار في الذكاء وبناء مجتمع المعرفة والمراهنة على قطاع الاتصال والمعلومات باعتباره قطاعا استراتيجيا يجب ان يحظى بالاولوية في مشاغلنا واهدافنا الوطنية والقومية. فنحن نملك اليوم ادنى نسبة في استعمال الانترنات اذ ان هذا الاستعمال لا يتجاوز في مجتمعاتنا العربية 25ر16 بالمائة في حين تبلغ هذه النسبة 43 بالمائة في المجتمعات الاوروبية و71 بالمائة في مجتمعات امريكا الشمالية. وهو ما يدعونا الى مزيد العناية بالثقافة الرقمية في مجتمعاتنا والمثابرة على نشرها بين جميع الفئات والاجيال وتعميم تدريسها في المدارس والمعاهد والكليات وفي الفضاءات الجمعياتية على اختلاف اختصاصاتها ووضع الحوافز امام الافراد والادارات والمؤسسات والمنظمات للنفاذ الى شبكة الانترنات وتشجيع اصحاب المال والاعمال على استخدام تكونولوجيات الاتصال والمعلومات والاستثمار فيها ترسيخا لحسن الاداء وجودة الانتاج ودفعا للمؤسسات الاقتصادية على الانخراط في التجارة الالكترونية لاكتساب القدرة على التصدير والمنافسة والحصول على مواقع ثابتة في الاسواق العالمية. ولاشك ان هذا الاختيار يطرح على اقطارنا العربية تحديات كبيرة تتجسم خاصة في مدى ما سنوفره من فرص متكافئة امام سائر المواطنين والمواطنات لينخرطوا في تكنولوجيات الاتصال والمعلومات وكذلك في الكيفية التي سنوظف بها هذه التكنولوجيات لصالح مجتمعاتنا. ذلك ان بناء مجتمع الاتصال والمعلومات لا يتم على اسس صحيحة اذا لم تتساو فيه الحقوق امام جميع الافراد والفئات رجالا ونساء واذا لم تتوفر فيه كذلك للفتيان والفتيات حظوظ متساوية للتدرج في مراتب التربية والتعليم والثقافة والتكوين والتشغيل والحضور الفاعل في الحياة العامة. وازاء التفاوت الرقمي الكبير السائد اليوم بين الجنسين في مجتمعاتنا العربية يتحتم علينا العمل على تمكين المراة من النفاذ الى تكنولوجيات الاتصال والمعلومات ومن انتاج المحتوى الرقمي وصنع المعلومة لان المراة لا تقل عن الرجل ذكاءا واجتهادا وليست دونه استعدادا وابداعا لكي تسهم معه في الحفاظ على توازن المجتمع واستقراره والمشاركة في رقيه وازدهاره. ويتعين علينا في هذا المقام التحلي بكامل الوعي واليقظة في التعامل مع تكنولوجيات الاتصال والمعلومات والسيطرة على شتى مكوناتها وشبكاتها حتى نحكم الاستفادة القصوى من ثراء محتوياتها ونتوقى ما تبثه من مظاهر تهدد قيمنا الروحية وخصوصياتنا الاجتماعية والثقافية. كما يجب ان نبذل كل ما في وسعنا لكي يكون الفضاء الاتصالي المعولم سبيلا للحوار والتفاهم ووسيلة لتكريس المبادىء الكونية المشتركة من الحرية والعدل والمساواة والتسامح بما يوفر امام البشرية فرصا ارحب وافضل للتواصل والتكامل في كنف التعاون والتضامن والاحترام المتبادل. حضرات السيدات والسادة لقد ادركت تونس بصفة مبكرة اهمية التحولات التكنولوجية العميقة والمتسارعة التي شهدها العالم خلال العقدين الاخيرين فوضعت استراتيجية متكاملة لتنمية قطاع تكنولوجيات الاتصال والمعلومات وتطوير مساهمته في دفع مسيرة التنمية الاجتماعية والاقتصادية. كما انها بادرت منذ التسعينات بادراج الاعلامية مادة تعليمية قائمة بذاتها في البرامج المدرسية ووضعت خطة مرحلية لتجهيز المؤسسات التربوية والشبابية والثقافية بمعدات اعلامية وربطها بشبكة الانترنات. واحدثت لجنة وطنية للتجارة الالكترونية من اجل حفز المؤسسات الاقتصادية الى استخدام وسائل الاتصال والاشهار والتسويق المتطورة علاوة على اقرار مشروع «الحاسوب العائلي» الذي تم التخفيض في سعره لتشجيع العائلات على اقتنائه وتداول استعماله بين افرادها ووضع خطة لتطوير البرمجيات وصنع مواقع الواب ومنظومات العمل عن بعد وصيانة المعدات الاعلامية الى جانب استخدام التوثيق الرقمي والخرائط الرقمية. ولاشك ان نجاح بلادنا في تعميم التعليم واجباريته ومجانيته قد ساعدها على تحقيق المساواة التامة بين الفتيان والفتيات في كامل مراحل التعليم اذ بلغت اليوم نسبة التمدرس لدى الفتيات في السنة الاولى من التعليم الاساسي 99 بالمائة وارتقت نسبة الطالبات بالتعليم العالي الى 59 بالمائة من مجموع الطلبة. وسجل حضور المرأة في ميدان تكنولوجيات الاتصال والمعلومات تطورا مشجعا اذ ارتفعت نسبة انخراط الطالبات في مختلف هذه التكنولوجيات الى 45 بالمائة من العدد الجملي للطلبة خلال السنة الجامعية الجارية 2007/2008 وقاربت نسبة المتخرجات في هذه الاختصاصات خلال السنة الجامعية الماضية 47 بالمائة. ومن ابرز مظاهر التطور في هذا المجال بلوغ نسبة مدرسات الاعلامية بالجامعة التونسية اليوم 42 بالمائة من مجموع المدرسين وبلوغ نسبة العاملات بالقطاع المعني بهذا الاختصاص 30 بالمائة من مجموع الموظفين. واذ تحرص تونس بالتعاون مع اشقائها على دفع العمل العربي المشترك وتعزيز مسيرة التحديث والرقي بمجتمعاتنا سواء على صعيد صياغة الرؤى وتحديد الاهداف او على مستوى اقتراح البرامج والسياسات فانها تؤكد في هذا السياق ان الوضع العالمي الجديد يحفزنا الى بذل المزيد من الجهد للنهوض بمنزلة المرأة العربية والرفع من شانها في مجتمعاتنا وتهيئة سبل اندماجها الطبيعي في الحياة النشيطة ودعم موقعها في الفضاء الاتصالي المعولم. كما اننا مدعوون الى تكثيف التعاون الثقافي والاقتصادي بين السيدات العربيات ومزيد توظيف التقنيات الجديدة والمتطورة في تنمية هذا التعاون وتوسيع مجالاته وتاكيد قدرة المرأة العربية على حسن استغلال الفضاء الاتصالي وتعزيز دورها فيه لخدمة قضاياها وقضايا امتها وارساء حوار ايجابي ومتكافىء مع الثقافات الاخرى وتصحيح صورة المجتمع العربي لدى الراي العام العالمي. حضرات السيدات والسادة اجدد في الختام شكري الجزيل الى كل المشاركين في تنظيم هذا المنتدى والمساهمين في اثراء اشغاله راجية لضيوفنا الكرام من الاقطار الشقيقة والصديقة اقامة طيبة بيننا ومعربة عن الامل في ان يتوفق منتدانا هذا الى وضع توصيات عملية تساعد المرأة العربية على ان تتبوأ المكانة التي هي بها جديرة في الفضاء الاتصالي المعولم. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته».