تتجه الأنظار إلى الوضع السياسي العالق في إسرائيل إثر الانتخابات التشريعية والفوارق الضئيلة المسجلة على مستوى النتائج بين حزبي كاديما والليكود. ويبدو أنّ عديد الاحتمالات مطروحة أمام ليفني وناتنياهو لتشكيل حكومة في شكل إئتلاف موسّع هو عبارة عن سلة واحدة تضمّ جميع المتناقضات السياسية والدينية بين الوسط واليمين وأقصى اليمين.. أو تشكيل حكومة بقطبين للتداول على رأسها بين زعيمي كاديما والليكود.. أو اختيار المرشح الفائز في جمع أكثر عدد من المقاعد بعد عمليات تحالف ومساومات مع أحزاب أخرى. وبناء على نتائج هذه الانتخابات فإنّ اليمين الديني سيجد نفسه بمثابة الحَكَم في تحديد مصير الحكومة المنتظر تشكيلها بعد أن تمكنت هذه الأحزاب الموغلة في التطرف من الحصول على عشرات المقاعد التي ستساوم بها للظفر بمناصب وزارية حساسة وخطيرة. ومن البديهي القول أنّه سواء تم ترشح تسيبي ليفني أو بنيامين ناتنياهو أو كليهما - بالتداول - لتشكيل حكومة إسرائيلية جديدة فإنّ سياسة إسرائيل تجاه الفلسطينيين في الداخل وفي علاقتها بالمحيط العربي والإقليمي والدولي في الخارج هي ثوابت لا تخضع لمزاج من يحتل مقعد رئاسة الحكومة أو لانتمائه الحزبي. لقد ظلّت إسرائيل على امتداد عقود وفي ظل حكومات متتالية من اليسار واليمين متمسكة بهذه «الثوابت» ومن أبرزها سياسة التهجير الجماعي للشعب الفلسطيني... وقضم الأراضي وطرد أصحابها وتكثيف البؤر الإستيطانية التي قطعت أوصال أرض وأبناء القرية الفلسطينية الواحدة.. وبالإضافة إلى سياسة الأرض المحروقة أمعنت هذه الحكومات المتعاقبة في إذلال الشعب بانتهاك حقوقه وحُرُماته واغتيال رموزه وتشويه إرثه الحضاري وصولا إلى إعلان حرب مدمّرة بعد حصار اقتصادي جائر وسد كل منافذ الحياة أمام مليون ونصف المليون من البشر. وبالتالي هل يهنأ البعض في صورة اعتلاء ناتنياهو أو ليفني سدة رئاسة الحكومة؟ إنّ الأمر سيّان بالنسبة لشعب فلسطين وللعرب لأنّ مفاوضات المسار السلمي والتي دامت عشرات السنين نتائجها ماثلة أمامهم اليوم تختزلها صور الدماء والأشلاء الآدمية والدمار في غزّة والآلاف من الأسرى... والمعابر المغلقة. وبناء على حقائق الأرض فإنّ هذا الوضع السياسي الإسرائيلي العالق إلى حين سيوجد له مخرجا... ولكن ماذا عن تداعياته على الجهود المصرية للتوسط في الوصول إلى تهدئة مع الفصائل الفلسطينية... وماذا عن تبعاته بخصوص جهود الإدارة الأمريكيةالجديدة في دفع مسار التفاوض بشأن الدولتين... وماذا عن إعادة إعمار غزّة والمصاحلة الوطنية في الداخل...؟