البوشماوي... العصامي الذي احترف النجاح بروح وطنية عالية تونس الصباح: فقدت الساحة الاقتصادية في تونس أحد رجال الاعمال البارزين الذي يوصف بين أقرانه واصدقائه ب«المؤسس» الذي كان وراء انشاء قطاعات أساسية في اقتصاد البلاد، في وقت كان الأجانب يهيمنون، بل يقودون المشهد الاقتصادي برمته.. رحل المرحوم الحاج الهادي بن أحمد البوشماوي، أصيل بلدة بوشمة من ولاية قابس أين نشأ ونهل من مدرسة والده التي تعلم منها أصول الاعمال على الرغم من كونه لم يتجاوز الحادية عشرة من عمره.. تدرج الرجل في نشاطه من أعمال المقاولات التي انطلقت بمبان عمومية من خلال شركة اختصت في المقاولات وأنشأت مشاريع عديدة، ضخمة وهامة، شملت قطاعات السياحة والفلاحة والصناعة وذلك منذ منتصف سبعينات القرن المنقضي.. وعندما اشتد عوده ونمت تجربته واتسعت رؤيته، أنشأ أول شركة من نوعها في القطاع الخاص تعنى بالانشطة البترولية، كانت بمثابة البداية لمشروعات عديدة في نفس الحقل، من أبرزها انشاء قنوات لنقل البترول. ومنذ مطلع التسعينات انشأ الحاج البوشماوي أول مؤسسة خاصة من نوعها في تونس والعالم العربي وافريقيا، متخصصة في التنقيب واستغلال النفط الخام، التي انطلقت في تونس واتسعت باتجاه مصر وسوريا، حيث باتت شركة المرحوم أول مؤسسة خاصة تقتحم هذين البلدين، وتحظى بثقة الحكومتين على الرغم من تعدد الشركات المنافسة من أوروبا وأمريكا وآسيا على حد السواء.. على امتداد هذه المشروعات المختلفة بدءا من القطاع السياحي مرورا بالقطاعين الصناعي والفلاحي، وصولا الى مجال الطاقة، نجح الراحل البوشماوي في تكوين يد عاملة ماهرة وكفاءات ادارية واقتصادية واخرى متخصصة في التصرف، استفاد الاقتصاد الوطني من خبراتهم وكفاءتهم، فيما استفاد سوق الشغل من مئات بل آلاف من مواطن العمل التي وفرتها مؤسسات البوشماوي على امتداد العقود الأربعة الماضية.. لم يقتصر نشاط الرجل على تأسيس الشركات وتوسيع مجال أعماله ومشروعاته، وانما نشط بشكل حثيث في الاعمال الخيرية، من بينها بناء المساجد وصيانة بيوت العبادة، واسناد المشاريع الخيرية، خصوصا الاجتماعية منها ذات العلاقة بفاقدي السند وذوي الاحتياجات الخصوصية. لم يرحل الهادي البوشماوي عن الدنيا، الا بعد أن ترك خصالا لا تقدر بثمن، فقد خلف قيم الكد والعمل والصدقية والاتقان والدقة في ادارة مؤسساته، من دون أن ينسى أو تناسى أن عليه مسؤولية تجاه بلده ووطنه فقدمها مطواعا ومن دون ضجيج.. لذلك كان نموذجا.. ومثالا.. للأجيال الجديدة الراغبة في أن تقتحم عالم المال والأعمال بنجاح.. وبكثير من الجهد والعرق.. «وما المرء إلا ذكر بعده»..