نتحدث كثيرا لدى تناولنا للحياة المدرسية عن المظاهر السلبية التي تؤثر على المنظومة التربوية في بلادنا من ضمنها بعض التجاوزات والسلوكيات الهمجية المتأتية من بعض التلاميذ داخل وخارج الحرم المدرسي وكثيرا ما يرد جانب من أسباب هذه التصرفات إلى تخلي الإدارة عن دورها التربوي والتحسيسي واقتصارها على التدريس. هذه حقيقة موجودة في العديد من المؤسسات التربوية لكن هل يجب التعميم؟.. قطعا لا فمازال هناك بعض المربين من مديرين وأساتذة ومدرسين يجاهدون لغرس القيم النبيلة في تلاميذهم ويجتهدون في خلق ما يمكن أن يساهم في ترسيخ جملة من السلوكيات الحميدة لدى الناشئة. مناسبة خوضي في هذا الموضوع تعود إلى حركة سنوية نبيلة من المعهد الثانوي حي النصر 1 الذي دأب على تخصيص يوم للتضامن مع الفئات الضعيفة من تلاميذ المدارس الموجودة في المناطق الشعبية ... يوم الجمعة المنقضي تحول بعض تلاميذ هذا المعهد إلى إحدى المدارس الابتدائية بمنطقة حي التضامن أين تبرعوا لتلاميذ هذه الأخيرة بالملابس والأحذية وتحدثوا إليهم وشاركوهم اهتماماتهم وطموحاتهم. لعل أهم ما في الموضوع فضلا عن حركة التبرع هو تلك الأبعاد الإنسانية التي نأمل لو تعمم على جميع مؤسساتنا التربوية لأن في ترسيخها إيجابيات جمّة كأن يربى الطفل أو الشاب على المواطنة وسهولة التعامل مع كافة الشرائح الاجتماعية فكون التلميذ ينتمي إلى طبقة اجتماعية معيّنة لا يعني أن لا يتواصل مع نظرائه من الطبقات الأخرى والعكس بالعكس فتلاميذ الفئات الضعيفة وبحركة مثل هذه يشعرون بالفرحة... بأنهم غير مهمّشين وبأن لا فواصل ولا حدود تحول بينهم وبين أبناء وطنهم على اختلاف مستوياتهم الاجتماعية .. هذا السلوك الجميل وهذا المد التضامني ذو الأبعاد الإنسانية والاجتماعية والتربوية ألا يستحق التفعيل؟ عندما نغرس بذرة في تربة طرية.. ماذا تراها تطرح لاحقا؟ عندما نربي أبناءنا على أهمية الإحساس بالآخر... على أهمية أن يشعر الطفل أو الشاب التونسي بأخيه التونسي وأن يحبه وأن يشاركه فرحته وهمومه ماذا ترانا نجني غير جيل طيب الأعراق؟ .. هذا ما نريده وهذا ما نتمناه ولكن تبقى المسألة رهينة أصحاب المبادرات لأنه وكما قال المتنبي " على قدر أهل العزم تأتي العزائم".