يعيش التونسيون اليوم لحظة هامة في تاريخهم المعاصر.. خمسون سنة تمر على اعلان الجمهورية.. نصف قرن على تلك الثورة التي عرفتها البلاد بتنحية النظام الملكي واعلان نظام جمهوري تكون فيه السيادة للشعب. يوم 25 جويلية سنة 1957، اعلن المجلس القومي التأسيسي بقصر باردو عن ميلاد جمهورية تونس ليكون الشعب التونسي اليوم على موعد مع خمسينية تاريخية، ومنذ ذلك التاريخ الى هذه اللحظة عرفت البلاد تحولات عميقة شملت اولا ما هو سياسي الذي تمثل في تغيير جوهري لنظام الحكم ثانيا مختلف الميادين الاجتماعية والاقتصادية والثقافية الخ.. تحوّلات جعلت بلادنا تنخرط بدون تردد في الحداثة وفي المجتمع العصري دون ان تقطع مع كل ما يرمز الى الماضي والى مختلف الحضارات التي تعاقبت على أرضها. وقد اخذ على ما يبدو معدو العرض الاحتفائي بهذا الحدث التاريخي الذي يقام الليلة بمسرح قرطاج الاثري على عاتقهم هذه المسؤولية.. مسؤولية تقديم عرض فني احتفالي يحمل مجمل الرموز التي تعود للحاضر وللماضي. الاختيارات الموسيقية لعرض الخمسينية بمهرجان قرطاج (الدورة 43) تولاها الاستاذ حمادي بن عثمان الذي اوضح انه تم السعي الى تقديم عرض متكامل والمغزى تونس.. ومن المعاني التي يتطرق لها الحفل معاني الحرية والكرامة والاستقلال الخ.. الاركستر السمفوني التونسي بقيادة الاستاذ احمد عاشور يتولى التنفيذ الموسيقي. اكثر من 50 عازفا يشاركون في العرض مع حضور لمختلف الآلات الموسيقية من نفخيات ووتريات وايقاع لايلاء البعد الموسيقي الحجم المناسب من خلال المزج بين كل هذه الآلات. تمت دعوة عدد من نجوم الاغنية من مختلف الاجيال (الجيل المخضرم والجيل الجديد حسب تعبير الاستاذ حمادي بن عثمان لاداء الاغاني الوطنية مع العلم ان الاغاني كلها وطنية وكل اغنية تسرد لحظة من اللحظات الهامة التي عاشتها البلاد منذ الاستقلال. المشاركون في الحفل من الفنانين هم على التوالي: لطفي بوشناق وصابر الرباعي وسنيا مبارك ومحمد الجبالي وشكري بوزيان، صوفية صادق، ليلى حجيج، ألفة بن رمضان، سمية الحثروبي، هالة المالكي، رجاء الصغير ودرة الفورتي. اغلب هذه الاسماء تملك اغانيها الخاصة الوطنية باستثناء بعض الاصوات الشابة على غرار رجاء الصغير التي تقدم اغنية «بني وطني». مع العلم ان الفنانة ليلى حجيج تؤدي لاول مرة اغنية «ارادة الحياة» لابي القاسم الشابي.. الاغنية لم يسبق ان قدمها احد بخلاف المطربة الكبيرة سعاد محمد وهو اللحن الوحيد المصري في هذا العرض (لحن السمباطي) باعتبار انه بخلاف الراحل رياض السمباطي، لم يقدم اي ملحن على تلحين هذا القصيد. يشتمل حفل الخمسينية بالاضافة الى الموسيقى والغناء على فقرات اخرى من بينها لقطات من الارشيف ونصوص كتبت بالمناسبة عدد مكاسب البلاد. وقد أعدّ ديكور خاص بالحدث تلعب فيه الاعلام الوطنية دورا هاما.. مع استعادة للماضي من خلال الملابس وكذلك السيارات القديمة الخ.. الاجواء تكون عموما احتفالية حماسية في عرض متكامل يكون فيه للرمز مكانة كبيرة بداية بالالوان وخاصة الوان تونس: الأحمر والابيض.