تونس - الصّباح: بعد أن أصدرت محكمة بالارمو الايطالية أحكامها في قضية سقوط طائرة "توننتار" التونسية يوم 6 جوان 2005 في المياه الدولية قبالة سواحل جزيرة صقلية والقاضية بسجن قائد الطائرة شفيق الغربي ومساعده علي الكبير وبعض مسؤولي الشركة لمدد تتراوح بين العشر والثماني سنوات، تعددت ردود الفعل الوطنية والدولية منددة جميعها بهذه الأحكام التي وصفت بالجائرة والمنحازة.وعبرّت عديد الأطراف والهيئات المعنية بالطيران المدني عن استغرابها من قرارات محكمة بالارمو. وفي إطار مساندتهم لزملائهم التونسيين وتعبيرا عن رفضها للأحكام القضائية الصادرة بحق الطيار التونسي ومساعده ومسؤولي وفنيي "توننتار"، قررّت الجمعية الإيطالية لطياري الطيران التجاري القيام اضراب احتجاجي يوم الاربعاء 8 أفريل الجاري.وكانت هذه الجمعية عبّرت منذ البداية عن تضامنها خاصة أنها كانت تعتبر أن طاقم الطائرة التونسية حقق معجزة وأنقذ أرواح عدد كبير من ركاب الطائرة المنكوبة وأّن ما قام به من خيار الهبوط الاضطراري في البحر هو الخيار الأسلم والصحيح. وهو نفس الموقف الذي أعلنته المنظمة العالمية للطيران المدني التي اعتبرت الأحكام الصادرة عن القضاء الإيطالي بحق الطيارين التونسيين جائرة وغير معقولة. وكانت الصحافة الإيطالية وصفت بدورها قائد الطائرة بالبطل لانه نجح في الهبوط الاضطراري على سطح الماء وتجنب كارثة يمكن ان تكون أكبر وتودي بحياة جميع الركاب. وهو نفس الموقف الذي رأته شركة التأمين البريطانية المتعاقدة مع الشركة التونسية التي ورغم ضخامة المبلغ الذي ستدفعه لعائلات الضحايا والمصابين،فإنها لم تتردد في دفع 22 مليون أورو تعويضات بالرغم من انه كان بإمكانها التلدد وعدم الدفع في صورة ثبوت خطا وتقصير من طاقم الطائرة المنكوبة .ولكنها وحسب التقارير والخبراء برأّتهم ودفعت التعويضات. ورغم مواقف وآراء هيئات الطيران المدني والتجاري الدولية والخبراء والصحافة الإيطالية، فإن القضاء الإيطالي كان له رأي مخالف وترك كل ذلك جانبا واعتمد على تقرير وحيد أعدّه استاذ جامعي إيطالي اعتبر خلاله طاقم طائرة "آتي آر72 "مذنبا وهو المتسبب في الكارثة وفي مقتل 14 راكبا إيطاليا وتونسيين اثنين (من بين أفراد الطاقم) من بين ال39 شخصا الذين كانوا على متن الطائرة في رحلتها عدد 1153 بين مدينة باري الايطالية وجربة. وكان مكتب تنسيق الطيارين التونسيين الممثل للفيدرالية العالمية للطيارين عّبر الثلاثاء الماضي عن استنكاره واستغرابه من الأحكام الصادرة عن محكمة بالارمو وأكّد مساندته المطلقة لهما. ودعا مكتب تنسيق الطيارين إلى احترام المبادئ الأساسية للمنظمة العالمية للطيران المدني وخاصة منها الملحق 13 الذي يمنع الإستناد إلى تقرير فني لحادثة طائرة، لاتهام طواقم الطائرات المدنية. وأكدّ المكتب على أنّ تصرف الطاقم في حادثة طائرة ال«اي تي آر-72»، والمتمثلة في الهبوط الاضطراري على سطح البحر وما تلتها من أحداث وتطورات خطيرة، في تلك اللحظات الحرجة والصعبة كان مثاليا وحرفيا، رغم عدم مؤازرة المراقبين الجويين الإيطاليين. وبالعودة الى ظروف الحادث ،أكدت التحقيقات الفنية أن خطأ في جهاز قياس مستوى الوقود على الطائرة وراء الحادث .حيث كان الجهاز يشير الى بلوغ احتياطي الوقود بالخزان ال 3000 لتر عندما تم تزويد الطائرة بمطار "باري" في جنوب إيطاليا. لكن لم تكن تلك الحقيقة باعتبار أن جهاز القيس الموجود في الطائرة تم وضعه عن طريق الخطإ وهو خاص بنوعية اخرى من الطائرات وبالتالي لم يكن قياسه لكمية الوقود الموجودة في الخزّان صحيحا. وبسبب نقص الوقود توقف المحركان في نفس الوقت، وقبل وصول الطائرة إلى مطار "بالارمو" للهبوط الاضطراري سقطت في البحر قبالة السواحل الشمالية لصقلية.