نزار بن صالح: المناخ الصحراوي الذي نشأ فيه ولّد في شخصيته الصّرامة والجديّة والثّقة بالنّفس المنصف المزغني: عاش حياته نصيرا لقصيدة التفعيلة ومآثره في اتحاد الكتّاب كثيرة أريانة الصباح: صباح أمس الأول الاحد كان لقاء الذكريات بفضاء المكتبة المعلوماتية بأريانة.. جمهور غفير من المثقفين وادارة وأساتذة معهد باب الخضراء بالعاصمة التقوا لتحية روح فقيد المعهد والأدب الميداني بن صالح وذلك من خلال ندوة تكريمية أشرفت على تنظيمها جمعية قدماء معهد باب الخضراء واتحاد الكتاب التونسيين والمكتبة المعلوماتية بأريانة. وفي كلمته الترحيبية بالحضور أبرز السيد سمير المغراوي عضو مجلس المستشارين ورئيس جمعية قدماء معهد باب الخضراء أن «المبدعين وصناع التاريخ لا يموتون.. ونحن نتذكر اليوم الميداني بن صالح المبدع والانسان ونصه عنوان التذكّر...» وقال رئيس جمعية قدماء معهد باب الخضراء «نفخر بأن الميداني بن صالح أشرف على تخرج أجيال من الأساتذة.. فنحن مع التذكر ضد النسيان واستخلاص العبر من رجال تونس الاستثنائيين.. الميداني بن صالح شاعر لن ينغلق على نصه.. مدافعا عن قضايا الانسان.. لم يسقط في حدود الاستقالة ولم يخرج من دائرة الحركة». اتحاد الكتاب جزء من شخصيته وقدّم الدكتور نزار بن صالح نجل الفقيد مداخلة توقف فيها عند أبرز المحطات التي ميزت مسيرة الميداني بن صالح، فبين أن الظروف المناخية الصحراوية الصعبة ولدت فيه مكونات في شخصيته: الصرامة والجدية في تناول المسائل والقضايا والعشق الكبير لأمه والثقة بالنفس حيث كان يردد دائما في الصحراء البقاء للأصلح والأجدر والأكفأ..». وكشف نزار بن صالح شغف الفقيد بالتاريخ حيث كان يردد دائما «أنا تلميذ تاريخ... وهذا الشغف بالتاريخ والكلام للمحاضر تحوّل الى ثقافة تاريخية موسوعية وكان له عند انتقاله الى بغداد بمواصلة دراسته لقاء مع التيار القومي البعثي. وتوقف المحاضر عند نشاط الميداني بن صالح حيث كان من ابرز المساهمين في تأسيس عديد الجمعيات والمنظمات ل«لقاءات مغاربية» والرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الانسان.. واعتبر الدكتور نزار بن صالح أن فترة ما بعد التقاعد (1987) تعد الفترة الأكثر بروزا وشهرة وهي مرحلة كان يقول فيها انه خرج من سجنه الايديولوجي فكان أن ترأس اتحاد الكتاب التونسيين من 1991 الى 2005 وقد أعطى الراحل للاتحاد اشعاعا عربيا وعالميا. لقد طبع الميداني بن صالح اتحاد الكتاب التونسيين بجزء من شخصيته فهو مفتوح على العطاء والبذل والتضحية وربط جسور التواصل مع الكتاب التونسيين. وقدم المحاضر أبرز الدواوين الشعرية التي اصدرها والتي حملت بداخلها مسيرته انطلاقا من «قرط أمي» مرورا ب«مذكرات خمّاس» و«الوحام...» و«زلزال في تل أبيب» كما استعرض الجوائز والتكريمات التي حصل عليها الفقيد من أعلى هرم السلطة تقديرا واعترافا لمجهوداته المتميزة في الانتصار للقيم الانسانية النبيلة ومساهماته الفاعلة في مسيرة تونس اليوم نحو الأفضل والأرقى والأجمل.. نصير قصيدة التفعيلة من ناحيته توقف المنصف المزغني مدير «بيت الشعر» عند الميداني بن صالح الشاعر فأكد أنه (أي الميداني) من الذين نهضوا وانتصروا لقصيدة التفعيلة في الشعر الى جانب علي شلفوح ومصطفى البحري وقد عمل من خلال مسرحية «زلزال في تل أبيب» الى تأجيل هذا الكيان الشعري الجديد. وقال المنصف السويسي ان الميداني بن صالح برز أيضا كأسطورة، فقد استطاع أن يصنع أسطورة من خلال أمه في قصائده انطلاقا من «قرط أمي»، فهو اذا آمن بشيء يظل معه ولا يتزحزح عنه وتحدث مدير بيت الشعر عن انجازات الميداني بن صالح كرئيس لاتحاد الكتاب التونسيين فليكن سعيه الى تكوين مكتبة للاتحاد من خلال نشره للندوات الفكرية في كتب كما بادر باصدار أنطولوجيا المسرح بالعربية والفرنسية واخرى خاصة بالشعراء التونسيين. وفي حديثه عن الميداني بن صالح بين المنصف المزغني أن الفقيد كان شبابيا في حياته وكان يخاطب الرجال خطابا يفهمونه واذا لم يفهموه أفهم بالتصريح.. وختم بالتأكيد على ضرورة اصدار الاعمال الكاملة للميداني بن صالح. ذكريات ومواقف وأثار الأستاذ محمد بن سالم وهو من أساتذة معهد باب الخضراء عديد الذكريات مع الميداني بن صالح فبين أن محفظة الفقيد كانت تحمل بداخلها الكتب التي يدرس بها ووثائق لقضاء شؤون من يطلب منه ذلك. في حين توقف الاستاذ قاسم قاسم عند اللقاء الذي جمعه بالراحل في صيف 2003 بعد أن كلفته دار «البيان» للنشر بالاتصال بالميداني بن صالح لمراجعة مخطوط حوار «كنت أروي نزيفي» لرعد مشطر.. فقد قضيت معه أياما في مكتبه وراجعت معه المخطوط بكل تفاصيله ومكني من ذلك من التأكد من حقيقة لا مجال للتنصل منها وهي أن الميداني بن صالح رجل حر الفكر. حوار تنقصه المجاملة وخصص الجزء الأخير من هذا اللقاء التكريمي لمتابعة لقطات من البرنامج التلفزي «حوار تنقصه المجاملة» للحبيب جغام تضمن حديثا مع الراحل الميداني بن صالح.