تراجع المعدل الشهري لاستهلاك الفرينة المدعمة مقابل ارتفاع استهلاك الفرينة الرفيعة.. تونس الصباح: تم منذ ما يقارب السنة إتخاذ جملة من الإجراءات الهادفة إلى تأهيل قطاع المخابز وإصلاح منظومة صنع الخبز، وقد شمل هذا القرار بالخصوص إعادة النظر في توزيع مادة الفرينة المدعمة على المخابز وتشديد المراقبة حولها لتكون موجهة الى صناعة الخبز باعتبار أن هذه المادة مدعومة من طرف الدولة، لا يمكن بأية حال من الأحوال التصرف فيها في مجالات استهلاكية أخرى. كما شملت هذه الإجراءات تكثيف عمليات المراقبة الاقتصادية للمخابز، وذلك للحد من مظاهر التجاوزات والضغط على التبذير في هذه المادة التي شهدت أسعارها ارتفاعا ملحوضا خلال سنتي 2007 2008. فماذا عن هذه الخطة والنتائج التي أفرزتها بعد اعتمادها لأشهر؟ وهل تراجعت مظاهر التصرف العشوائي في مادة الفرينة المدعمة؟ وماذا عن رصد نشاط المخابز من خلال تصنيفها وبالتالي نشاطها طبقا لما جاءت به الإجراءات الجديدة الهادفة لمزيد تنظيم القطاع؟ هيكلة قطاع الخبز وتصنيف المخابز سجل في الآونة الأخيرة تراجع في عدد المخابز تحت نظام "أ"، وذلك منذ إنطلاق عملية التصنيف حسب ما جاء في دراسة المراقبة الاقتصادية من 1514 إلى 1383 مخبزة. وقد نتج عن ذلك انخفاض في كمية الفرينة المخصصة سنويا لهذا الصنف من 256،4 مليون قنطار إلى 699،3 مليون قنطار أي ( 567 ألف قنطار). كما سُجّل ارتفاع في عدد المخابز المنضوية تحت نظام "ب" بنسبة 25 في المائة وذلك بتطور عددها من 590 مخبزة إلى 742 مخبزة. وقد نتج عن ارتفاع عدد المخابز من هذا الصنف زيادة في كميات الفرينة المدعمة المخصصة لها سنويا من 422 ألف قنطار إلى 606 ألاف قنطار، أي بزيادة تبلغ 183 ألف قنطار. وسجل أيضا ارتفاع في عدد المخابز المنضوية تحت نظام "ج" بنسبة 47 بالمائة وذلك بتطور عددها من 175 مخبزة إلى 253 مخبزة. وقد نتج عنه زيادة في استهلاك الفرينة المدعمة المخصصة لها سنويا من 442 ألف قنطار إلى 606 الاف قنطار أي بزيادة تبلغ 183 ألف قنطار. مستوى انتاج الفرينة المدعمة وتشير التقارير الصادرة عن مصالح وزارة التجارة والصناعات التقليدية من ناحية أخرى إلى أنه وقع أيضا تراجع في المعدل الشهري لإنتاج الفرينة المدعمة بداية من شهر جوان قبل الفارط، تاريخ وضع البرنامج الإصلاحي حيز التنفيذ إلى شهر سبتمبر 2008، وذلك بنسبة 19 فاصل 6 بالمائة (530 ألف قنطار معدل شهري خلال هذه الفترة من سنة 2008 مقابل 660 ألف قنطار شهريا لنفس الفترة من سنة 2007). كما يتوقع، حسب المؤشرات المتوفرة، تقلص مبيعات الفرينة المدعمة بمليون قنطار بالمقارنة مع سنة 2007، ومن المنتظر أيضا أن تبلغ الحاجيات من الفرينة المدعمة خلال السنة الجارية 620،5 مليون قنطار مقابل 250،7 مليون قنطار في سنة 2007. ماذا بخصوص إنتاج الفرينة الرفيعة؟ وتشير نفس مصادرنا المتابعة لقطاع انتاج الفرينة، أنه سجل إرتفاع في إستهلاك الفرينة الرفيعة خلال الأربع أشهر الأولى من سنة 2008 وذلك بنسبة 31 فاصل 57 بالمائة، حيث بلغت مبيعات هذه المادة 573 ألف قنطار سنة 2008 مقابل 453 ألف قنطار خلال نفس الفترة من سنة 2007 وذلك حسب مصادر ديوان الحبوب. وتجدر الإشارة إلى أن المعدل الشهري لاستهلاك الفرينة بنوعيها المدعم والرفيع قد تراجع خلال الأربع أشهر الثانية من سنة 2008 بنسبة 5 فاصل 4 بالمائة أي ما يعادل 41 فاصل 5 ألف قنطار في الشهر مقارنة بنفس الفترة من سنة 2007، وذلك حسب مصادر ديوان الحبوب أيضا. ويشار بشكل عام أن الاقتصاد في قيمة الدعم يقدر بقرابة 40 مليون دينار في السنة نتيجة انخفاض كميات الفرينة المدعمة المقتناة من المخابز من جهة، وارتفاع مبيعات الفرينة الرفيعة من جهة أخرى. مظاهر مازالت قائمة بخصوص الخبز لئن أبرزت مصالح المراقبة الاقتصادية بوزارة التجارة والصناعات التقليدية تحسنا في عمليات التصرف في مادة الفرينة سواء منها المدعمة أو الرفيعة، وبينت النتائج خلال السنة الأخيرة على الأقل حسن تصرف فيها نتيجة الإجراءات الجديدة التي تم تطبيقها في قطاع المخابز بصنفيها "أ" و"ب"، وتراجع في استهلاك هذه المادة وفي إنتاجها، فإن هناك مظاهر مازالت بادية للعيان، وهي تدعو لضرورة مزيد الضغط على التصرف في هذه المادة. فأول ما يشد الإنتباه في هذا الجانب، هو أن مظاهر التبذير مازالت بادية في صنع واستهلاك الخبز، حيث مازالت كميات منه توجه لعلف الأبقار باعتبارها زائدة عن الحاجة الاستهلاكية اليومية. وهذا في الحقيقة شأن لابد من التركيز عليه والحرص على تفاديه. أما في جانب آخر فهناك العديد من المخابز التي مازالت تجمع في نشاطها بين صنع الخبز بكل أحجامه من ناحية، وأنواع المرطبات من ناحية أخرى، وهو على ما نعتقد نشاط مخالف للقانون حسب ما جاءت به الإجراءات الجديدة لتنظيم نشاط القطاع. وفي جانب آخر من هذه المظاهر يبدو أن احترام موازين الخبز طبقا لأصنافها المعتمدة مازال بعيد المنال، وهذا أمر خطير جدا باعتبار أنه يمثل اعتداء صارخا على القانون وحق المستهلك في الحصول على خبز تتوفر فيه شروط موازين صحيحة. وباعتبار انتشار قطاع المخابز في كل جهات البلاد، وكثرتها ونشاطها الذي يتواصل على امتداد ساعات النهار والليل، فإنه من الضروري أن تكون مراقبتها خاصة ولا تخضع لساعات العمل الإداري. وحتى يتم هذا الجانب فإن الاقتراح في المراقبة لابد أن يأخذ طابع الزيارات الليلية التي تقوم بها المراقبة لعديد القطاعات الأخرى مثل المقاهي وغيرها. كما نعتقد أن عملية انتاج الخبز في كل مخبزة لابد أن تخضع لتراتيب أخرى لتتوقف بعض المخابز عن صنع خبز يزيد عن الحاجة، ويكون مآله أفواه الأبقار لا البشر.