«لا مفر من التعامل مع حكومة اليمين الاسرائيلي ولا مجال لرفض الحوار مع حماس» قال كييل مانجه بونديفيك ان امريكا وحدها قادرة على ممارسة الضغوطات على اسرائيل واعادة دفع عملية السلام في الشرق الاوسط واضاف رئيس الوزراء النرويجي السابق بانه لا مفر من التعامل مع الحكومة اليمينية الاسرائيلية التي افرزتها الانتخابات الاسرائيلية وان الحوار مع حركة حماس الفلسطينية خيار قائم في النرويج... وتوقع كييل مانجه بونديفيك ان تتضاعف انعكاسات الازمة الاقتصادية العالمية على الدول النامية وقال في لقاء خص به الصباح في مدينة برشلونة الاسبانية على هامش الندوة التي نظمها" نادي مدريد " الذي يضم عددا من رؤساء الدول ورؤساء الحكومات السابقين لتعزيز الحوار والديموقراطية في العالم الى ان هناك حاجة واكثر من أي وقت مضى الى هندسة دولية جديدة على اساس تطوير النظام المالي العالمي الحالي تحت مظلة دولية تجمع بين البنك الدولي والبنك الاوروبي. يذكر ان بونديفيك الذي يتراس مركز اوسلو للسلام وحقوق الانسان قد تولى رئاسة الوزراء في النرويج في مناسبتين من 1997 الى 2000 ثم من 2001 الى 2005 وتولى بالاضافة الى ذلك وزارة الخارجية كان اثار جدلا في بلاده باعلانه على الملإ اصابته بحالة اكتئاب نتيجة الارهاق الذي اصيب به خلال عمله الامر الذي دفعه الى التغيب عن مكتبه طوال ثلاثة اسابيع كاملة. وفيما يلي نص الحديث * الى اين تتجه الازمة الاقتصادية العالمية وهل من مجال للحديث عن انفراج وشيك وهل ان قمة العشرين المنعقدة بلندن بدات تفي بوعودها؟ - نحن بالتاكيد امام ازمة ضخمة جدا لا مجال للاستهانة بها وتاثيراتها لا تستثني بلدا من بلدان العالم بما في ذلك بلدي النرويج الذي يعد اول منتج اوروبي للبترول وثالث اكبر منتج للنفط في العالم بعد السعودية وروسيا رغم كل الاجراءات والجهود المعلنة حتى الان وفي اعتقادي فان اسباب الانشغال اكبر واعني بالنسبة للدول النامية التي تبقى الاكثر عرضة لانعكاسات الازمة وتحدياتها الخطيرة وذلك لثلاثة اسباب اولها ان المؤسسة المالية العالمية تواجه مشاكل كثيرة ثانيا ان المبادلات التجارية للدول النامية مرتبط بشكل حيوي ب صادراتها الى الدول الصناعية وثالثا فان الدول الغنية بمقتضى كل ما يحدث من تحولات متسارعة ستعمد الى تقليص مساعداتها للدول النامية بما من شانه ان يزيد في تعقيد الاوضاع في تلك الدول وخاصة الفقيرة منها * واين يكمن المخرج باعتقادكم من اسوا ازمة مالية عالمية منذ ثلاثنات القرن الماضي؟ - من الضروري اولا ان يسعى كل بلد الى اتخاذ خطوات عملية جديدة للخروج من هذا الوضع وهذه مهمة الحكومات ومهمة صناديق التمويل والبنوك في كل بلد من البلدان المعنية ثانيا هناك اليوم حاجة الى جهاز نقدي عالمي والى سوق مالية يخضع الى الية اكبر للمراقبة وفق ما اتفق عليه في قمة العشرين. وللرد على سؤالك ففي اعتقادي ان قمة لندن لم تكن الدول الصغيرة ممثلة فيها باستثناء دول نفطية مثل السعودية التي شاركت في القمة وقد سمعنا في تلك القمة اصواتا منشغلة بالوضع الاقتصادي للدول الكبرى وقد طالبت بهندسة جديدة للنظام المالي وكانت فرنسا والمانيا بصفة خاصة وراء هذه الدعوة من اجل بناء نظام مالي جديد يستمد اسسه من تطوير النظام القائم بين البنك الدولي وصندوق النقد الدولي والبنك الاوروبي والبنوك الاقليمية ويكون تحت مظلة مالية دولية * كيف تنظرون من موقعكم على راس مركز اوسلو للسلام وحقوق الانسان الى تفاقم ظاهرة اليمين المتطرف في اوروبا؟ - هناك فعلا مؤشرات على ذلك وقد لمسنا ذلك في هولاندا مع ظهور ونموّ قوى يمينية ترفض المهاجرين ومن موقعنا علينا ان نعي هذه الظاهرة في مجتمعاتنا وان نعمل اكثر من اجل الحوار فالناس عموما يخشون ما لايعرفونه وهم يعتقدون انهم بذلك يحرصون على حماية مبادئهم وفي اعتقادي ان هذا الامر يمكن مواجهته بتهئية الارضية لحوار افضل بين الاديان والثقافات والسياسات ومن جانبنا نحن في نادي مدريد لرؤساء الدول ورؤساء الحكومات كما في مركز اوسلو لحقوق الانسان نحاول التحاور مع الجميع ولا افشي سرا اذا قلت لك اننا نتحاور مع الرئيس الايراني السابق خاتمي ولنا اتصالات معه ونسعى لفهم المبادئ الانسانية المشتركة بين الغرب وبين الاسلام وكيف يمكننا التعايش معا بكل اختلافاتنا ذلك انه يتعين علينا ان نتوجه الى الاجيال الصاعدة الذين سيتولون القيادة في المستقبل ونبين لهم في الجانبين ان الطريق الوحيد لتجاوز الخلافات سوء الفهم وتقليص التهديدات بين الشعوب يكون بالتقريب بين الشعوب وتفادي الصراعات رغم اننا ندرك ان الاعلام يعشق الصراعات وهذه الاهداف لا يمكن ان تتحقق مرة واحدة وكل مجتمع مطالب بالعمل المستمر في مختلف الميادين الثقافية والاجتماعية والدينية لتحقيق التفاهم المطلوب عبر الحوار والاتفاق وتبادل المعلومات وانا على قناعة بانه بمناقشتنا نقاط الاختلاف والتشابه بين مختلف الاديان سيكون بامكاننا تحديد المبادئ المشتركة بما في ذلك احترام المقدس وكرامة الانسان .ربما يعتبر الكثيرون ان الدين مصدر للاختلافات ولكني اعتقد انه وسيلة لتجاوز كل الخلافات. هناك بصفة خاصة حاجة لقنوات حوار اوسع بين الغرب وبين العالم العربي وهذا ليس مسؤولية حكومة دون اخرى ولكنه مسؤولية مشتركة تستوجب التزام المجتمع المدني هناك اطفال كثيرون ينمون اليوم في مناخ من الحقد والكراهية وانعدام التسامح واطفال كثيرون ايضا يحرمون من ابسط مقومات حقوق الانسان ولذلك فان توفرالتعليم يجب ان يكون الطريق الى تحقيق عكس ذلك. * النرويج وبعد ان شاركت في الوصول الى اتفاقات اوسلو في تسعينات القرن الماضي يبدو وكانها لم تعد ملتزمة بتثبيت تلك الاتفاقات فما هو رايكم؟ - بكل بساطة ان اتفاقات اوسلو كانت بمثابة خطة طريق من اجل المزيد من المفاوضات بين الفلسطينيين والاسرائيليين واوسلو لم يتطرق الى الكثير من الملفات مثل تلك المتعلقة بعودة اللاجئين ومستقبل القدس وغيرها ايضا وكثير من تلك القضايا بلا حل حتى الان وللاسف فان الرباعية التي تضم في صفوفها الاممالمتحدة وروسيا وامريكا وبريطانيا لم تدم الكثير لدفع أوسلو الذي قبل به الاسرائيليون والفلسطينيون واقر مبدا الارض مقابل السلام وحل الدولتين وانا في اعتقادي ان دور النرويج وقف عند ذلك الحد وانه على الرباعية ان تعيد دفع مفاوضات السلام والولايات المتحدة تبقى القوة الفاعلة الوحيدة القادرة على ممارسة الضغوطات المطلوبة والخروج من الوضع الراهن * ماذا عن الموقف الاوروبي من الحكومة الاسرائيلية اليمينية بزعامة ناتنياهو وليبرمان اليس في ذلك دعما خاطئا لمشاريع اسرائيل الاحتلالية؟ - الحكومة الاسرائيلية نتيجة للانتخابات التي تمت وعلينا ان نتعامل معها فالاسرائيليون اختاروا تلك الحكومة وساستبق سؤالك القادم حول الموقف الاوربي المخالف عندما تعلق الامر بفوز حماس في الانتخابات الفلسطينية وردي اننا نعتقد في النرويج ان حماس ايضا انتخبت عبر صناديق الاقتراع ولذلك فنحن نعتقد ان الحوار مع حماس امر ضروري لكن دول كثيرة عربية وغربية قاطعتها ونحن الان في وضعية معقدة فالفلسطينيون منقسمون على انفسهم والضفة تحت سيطرة فتح والقطاع تحت سيطرة حماس والكل تحت سيطرة الاسرائيليين واسرائيل لا يمكنها ان تتعامل مع حكومتين في نفس الوقت ولذلك نقول اننا نؤيد حل الدولتين وشريك فلسطيني واحد ولذلك فان الاهم الان هو نجاح الحوار بين فتح وحماس اما التحدي التالي فهو مرتبط بكيفية اقناع اسرائيل بالعودة الى المفاوضات لقد سبق لي الالتقاء بكبير المفاوضين الفلسطينيين احمد قريع واولمرت وباراك وليفني الذين تربط بينهم علاقات جيدة وفي اعتقادي انه امكن لهم تحقيق الكثير من خلال المفاوضات التي كانت تدور بينهم ولكن لم يتم التوصل الى تسوية وحتى الان لست متفائلا بشان استراتيجيات الجناح اليميني في اسرائيل وستكون المرحلة القادمة صعبة. * وماذا عن اعادة اعمار غزة لاسيما بعد الوعود المالية الكبيرة للدول المانحة بعد الحرب على غزة وكيف يمكن ترجمة تلك الوعود اذا كانت اسرائيل ترفض تمرير ابسط الضروريات الى القطاع؟ - هذا امر ممكن وذلك بتقاسم المجتمع الدولي تلك العملية وتنفيذ برامج اعادة اعمار القطاع عبر الية الاممالمتحدة لتمرير البضائع الاساسية وغيرها. * وهل من مجال لدورامريكي اكثر حسما مع ادارة الرئيس اوباما في النزاع في الشرق الاوسط؟ - حتى الان تبدوالادارة الامريكيةالجديدة اكثر التزاما من ادارة الرئيس بوش ولكن ذلك لا يمكن ان يلغي ان المبعوث الامريي جورج ميشل يواجه تحديات كبيرة وكلنا يعرف ان الاتحاد الاوروبي كانت له نشاطات متعددة وهو جزء من الرباعية وانه ملتزم سياسيا واقتصاديا بالعملية السلمية في الشرق الاوسط ولكننا على قناعة وكما يعرف الجميع ان امريكا وحدها قادرة على تحقيق التقدم المطلوب في الصراع الدائر في المنطقة * سؤال اخير هل صحيح انكم تعرضتم لضغوطات امريكية لجركم الى الحرب على العراق؟ - سبق وان تحدث عن هذه المسالة في مركز السلام النرويجي وكان الرئيس الامريكي السابق اتصل بي قبل خمسة ايام من اجتياح العراق وشدد على اشراك النرويج واعتذرنا عن ذلك لان الشعب النرويجي كان بغالبيته ضد الحرب على العراق وخاصة الكنيسة وغالبية اعضاء البرلمان.