قبل أعوام أهدرت مليارات من الدولارات في الحملات الاعلامية والطبية وعمليات حرق أطنان من البقر "المجنون".. من بريطانيا وألمانيا إلى "الكامرون".. ثم توقفت تلك الحملات بعد أن كثر الضحك على الذقون.. واشتاقت إلى اللحوم الحمراء البطون.. وتوقع بعض الناس أن وراء "الطلعة" مهربين واحتكاريين.. وبعد سنوات جاء دور الطيور.. وقيل إن "الجنون" انتقل الى الدجاجة والعصفور.. وأن نوعا خبيثا من "الزكام" يدور.. فاختلطت في أسواق الدواجن الامور.. وتوقف الفقراء عن شرائها خوفا من الوقوع في المحظور.. فيما خزن البعض أطنانا منها استعدادا ليوم صفارة "العبور".. وهذه الايام يبدو أن بعضهم قرر أن يكون محور الحملة الخنزير.. فرفع الراية الحمراء في وجه الجماهير.. وطالب العالم بوقفة جماعية للتفكير.. بعد اكتشاف جرثومة سببها لحم حيوان "صغير".. لا يتناوله المسلمون ويصفونه ب"الوسخ والحقير".. بينما يدمن عليه غيرهم لانه رخيص السعر وشراؤه بالنسبة للفقراء أمر يسير.. وفيما كنت في برشلونة الاسبانية قبل أيام أتابع رقصات الملايين وصيحاتهم مساندة لفريقهم ضد منافسه "شلسي" البريطاني.. جاءتني مكالمات هاتفية عديدة من تونس تنبهني إلى خطورة الاصابة ب"وباء" زكام خنزير اسباني.. ضحكت مرارا ثم قلت في نفسي: مساكين ملايين الافارقة الذين يموتون بسبب الحمى القلاعية والسل وداء نقص المناعة كل عام.. بينما ينشغل العالم بضحايا "الخنزير" في أوروبا وبلاد العام "صام"..