أعلنت وزارة الثقافة والاعلام والرياضة البريطانية موافقة الملكة اليزابيت على تعيين الشاعرة البريطانية كارول آن دوفي شاعرة للبلاط لتكون أول امرأة تشغل هذا المنصب وتحمل هذا اللقب في بريطانيا منذ نحو 400 عام.. وكارول آن دوفي هي شاعرة وكاتبة مشهورة عملت في تدريس الأدب في جامعة مانشستر ميتروبوليتان ولها في رصيدها عدد من المجموعات الشعرية والمسرحيات وقصص رسم الأطفال.. أما لقب «شاعر البلاط» فانه يُمنح في بريطانيا مرة كل عشر سنوات لشاعر اعتبرت اعماله الشعرية «أعمالا وطنية مهمة».. علما بأنه كان يتوجّب سابقا على شاعر البلاط في بريطانيا كتابة القصائد في المناسبات الخاصة بالبلاط الملكي كأعياد الميلاد مثلا .. أما الآن فهو منصب شرفي أكثر منه وظيفة وللشاعر حرية اختيار الكتابة في هذه المناسبات من عدمه.. كما بامكانه أن يتخيّر أي المناسبات التي يكتب فيها سواء كانت أعيادا وطنية أو أحداثا خاصة بالعائلة المالكة.. ويتقاضى شاعر البلاط في بريطانيا مبلغا ماليا سنويا قدره 5750 جنيها استرلينيا يدفع من قبل وزارة الثقافة والإعلام والرياضة. هذا الخبر القادم من بلد شكسبير ربما لم يكن ليثير الانتباه لو لا طبيعته الثقافية والسياسية المزدوجة من جهة ولو لا أنه أيضا يحيل في ذاته على «مسألة» مهمة ذات علاقة بتاريخية الثقافة العربية ذلك أن ظاهرة «شاعر البلاط» هذه التي لا تزال قائمة وضاربة بجذورها في واحدة من أعرق الثقافات والديموقراطيات الغربية الحديثة ونعني بها الثقافة الانقليزية تعدّ تاريخيا معطى هاما و«أصيلا» في تاريخ الثقافة العربية الاسلامية أيضا .. فشاعر البلاط بالمعنى الإبداعي والوطني والحضاري للكلمة هو «منصب» لم يشغله تاريخيا سوى شعراء عرب كبار بدءا بحسّان ابن ثابت شاعر الرسول والرسالة ومرورا بالمتنبّي العظيم وغيرهما وذلك قبل ان يأتي على هذا المفهوم زمان فقد فيه عربيا «دلالاته» الإبداعية التي تحيل على معاني النبوغ والوطنية وذلك بفعل مقولات «نقدية» سياسوية وايديولوجية ضيقة وغير علمية روّجت للفصل «الحتمي» بين «المثقف والسلطة» وقدمته على أنه ضرورة وطنية وابداعية وحتى «ثورية»! في حين أن تاريخ الثقافة العربية العريق والنيّر يحيل على أن أكثر الفترات ازدهارا في تاريخ هذه الثقافة الانسانية العظيمة كانت تلك التي تكامل فيها الثقافي مع السياسي تكاملا غايته التأسيس للأفضل والأرقى بعيدا عن أية حسابات ضيقة وآنية مهما كان نوعها..