ضمان التفوق العسكري الاسرائيلي على مختلف الدول العربية وتفردها بحيازة السلاح النووي ليس بالامر الجديد فقد كان ولايزال من اوكد الاولويات واكثرها حساسية على اجندة مختلف الحكومات الامريكية المتعاقبة منذ نشاة الكيان الاسرائيلي ولا شك ان فيما كشفته وسائل الاعلام الامريكية عن بعض تفاصيل الصفقة العسكرية الجديدة المثيرة بين واشنطن وعدد من الدول العربية وبين حجم المساعدات العسكرية المتزايدة لفائدة اسرائيل ما يمكن ان يدعم هذه الحقيقة ويفند الكثير من تصريحات المسؤولين الامريكيين بانها تعكس حجم الالتزام الديبلوماسي المتواصل لواشنطن في المنطقة. فليس سرا بالمرة ان هذه العقود العسكرية المبرمة مع عدد من الدول العربية التي قدرت بعشرات المليارات والتي تعد الاضخم من نوعها في ظل ادارة الرئيس بوش لا تكاد تبلغ نصف ما ستحصل عليه اسرائيل من اسلحة واجهزة عسكرية متطورة الامر الذي من شانه ان يفتح الابواب على مصاريعها ايذانا بانطلاق سباق عسكري جديد في المنطقة ترصد له اكبر الميزانيات. واذا كانت كوندليزا رايس وزيرة الخارجية الامريكية قد حرصت على استباق زيارتها الى منطقة الشرق الاوسط هذه المرة بالتاكيد على ان صفقة السلاح الجديدة ليست مقابل أي ثمن سياسي فان الحقيقة ان في ذلك الكثير من المغالطات والتزييف. فجولة رايس غير المسبوقة التي تقوم بها الى جانب وزير الدفاع الامريكي الى كل من مصر والسعودية والامارات والكويت واسرائيل تحمل في طياتها اكثر من رسالة الى اكثر من طرف ولا شك ان في مرافقة روبير غايتس لها ما يؤشر على ان القضايا التي ستطرح تتجاوز القضايا السياسية الى القضايا الامنية والعسكرية الحساسة بالنسبة لواشنطن التي لا تنظر إلى طهران بعين الرضا ... لقد اكد ايهود اولمرت رئيس الوزراء الاسرائيلي التزام الرئيس بوش الشخصي له بضمان الحفاظ على التفوق النوعي لاسرائيل على بقية الدول العربية واحترام واشنطن للشروط التي حددتها تل ابيب بخصوص حجم ونوعية ومكان خزن السلاح الذي ستحصل عليه دول مثل السعودية ومصر.... ولعل فيما تم تسريبه حتى الان بشان الزيادة في المساعدات العسكرية الامريكية لاسرائيل والتي من المرجح ان تتجاوز الثلاثين مليار دولار خلال العقد القادم فضلا عن تعويض اسرائيل ما فقدته خلال حربها على لبنان الصيف الماضي ما يؤشر على الاصرار الامريكي على المضي قدما في الاتجاه الخطا الذي يجعل من تسليح اسرائيل اولوية مطلقة بما يزيد في تعنتها واعتقاد قياداتها بان تفوقهم العسكري يجعلهم في الموقع الاقوى دوما والى ما لا نهاية له ويجنبهم أيّة اتفاقات من اجل السلام. ان ما تختزنه الذاكرة العربية من صور ومخلفات الدمار والخراب والقتل العشوائي والاعتداءات التي تمارسها اسرائيل بواسطة الاسلحة الامريكية الصنع التي كانت ولا تزال تستعملها اسرائيل لقصف الاراضي الفلسطينية المحتلة او تنظيم عمليات اغتيال النشطاء الفلسطينيين او انتهاك الاجواء اللبنانية ما يروي الكثير عن صفقات التسلح التي تعتمدها واشنطن لدعم ابرز حلفائها الاستراتيجيين وفتح المجال لتدوير عجلة صناعتها الحربية وتنشيط سوق السلاح وإيجاد المخابر المطلوبة لتجربة كل سلاح جديد اما نصيب الحلفاء العرب من ذلك فلا يمكن ان يتجاوز حدود المنافع المرتبطة بضمان حصول العملاق الامريكي على مصادر الطاقة النفطية...