تونس الصباح: حالة من عدم الإطمئنان تسيطر على مهنيي القطاع السياحي، لتتعداهم إلى كل من له علاقة بالقطاع من أصحاب الخدمات المرتبطة مثل التاكسيات والمطاعم السياحية وحرفيي الصناعات التقليدية... وذلك بسبب عدم وضوح الرؤية في ملامح الموسم السياحي، فنسب الإيواء متواضعة جدا خلال هذه الفترة وهو ما يثير عديد التساؤلات حول المجهودات التي تبذلها الأطراف المعنية على مستوى الديوان الوطني للسياحة الذي يتولى عملية الترويج للسوق التونسية عن طريق ممثليه في الخارج على مدار السنة من خلال المعارض والندوات والمؤتمرات التي تهدف إلى التعريف بالمنتوج التونسي في الأسواق العالمية وإبرازه كمنتوج متنوع ذي خصوصية وينفرد بمميزات نادر وجودها في بلدان أخرى. وكان وزير السياحة خليل العجيمي قد أعلن خلال إشرافه على الندوة السنوية السابعة والثلاثين لممثلي السياحة التونسية بالخارج التي انتظمت مؤخرا بتونس وخصصت لبحث وضع الأسواق السياحية (فرنسا وألمانيا واسبانيا وتشيكيا وسلوفاكيا وبولونيا) على ضوء الأزمة الإقتصادية العالمية الراهنة والحلول التي يتعين اعتمادها من اجل المحافظة على الحصة الوطنية منها، أعلن عن بعث خلية اليقظة التي تم تركيزها صلب الوزارة لمتابعة تطور الأسواق بصفة مسترسلة مبرزا الدور الهام الذى يظطلع به ممثلو السياحة التونسية بالخارج في هذا المجال. وهذه الخلية التي تعمل بالتنسيق مع مختلف الأطراف المتدخلة على المتابعة والمراقبة الدائمة لوضع الأسواق العالمية ومقارنتها بالسوق التونسية خلال هذه الصائفة وعلى إثر التقارير التي سترفعها للهياكل المعنية بما في ذلك المهنيين منهم الذين يتمنون بأن تكون هذه التقارير مطمئنة في مضمونها ومبددة لمخاوفهم.لكن يرى البعض أن الوضع إذا ما لم يتحسن فالمطلوب بعث لجنة إنقاذ تعمل على فسح المجال أمام السائح التونسي لملء هذا الفراغ الذي سيفرضه غياب السائح الأجنبي وذلك بالتخفيض في الأسعار في النزل بما يشجع على استقطاب السائح التونسي الذي يبقى متحمسا للإستمتاع بالسياحة الداخلية كلما كانت الأسعار في المتناول. ماذا عن الأسواق الخارجية؟ أبدت المصادر الرسمية لوزارة السياحة نفسا تفاؤليا متطلعة لموسم سياحي واعد من خلال جملة من المؤشرات المستقاة من وكالات الأسفار. من ذلك أن السوق الفرنسية حسب النتائج الأولية لوكالات الأسفار الست التي تستقطب أكثر من 50% من نسبة السياح الوافدين على بلادنا تبعث على الارتياح حيث تتوقع برامجهم الترويجية ارتفاعا بنسبة 2.5% للوجهة التونسية مقارنة بالسنة الماضية. أما بالنسبة للسوق الألمانية فان المؤشرات تؤكد أن الحجوزات الحالية للعطل سجلت تطورا ملموسا لفائدة الوجهة التونسية وذلك رغم الأزمة الراهنة. وفي ما يتصل بالسوق الإيطالية يتوقع وكلاء الأسفار تحسنا على مستوى الحجز وإمكانية حصول إقبال مكثف في آخر دقيقة رغم الاعتماد في العموم على طريقة الحجز المبكر. وتبدو الوضعية واعدة في ما يهم الحجز لصيف سنة 2009 في السوق الإنقليزية حيث تسجل الوجهة التونسية ارتفاعا بنسبة 7% . آمال كبيرة على السوق الجزائرية في ظل هذه الأجواء التي يكتنفها الغموض حول آفاق الموسم السياحي، تعلق آمال كبيرة على السوق الجزائرية التي بلغت المليون سائح في الموسم الفارط. وقد أبدت وزارة السياحة التونسية وديوان السياحة اهتماما كبيرا بهذه السوق، التي بدأت تتطور منذ سنوات، من ذلك توفير جميع التسهيلات للأشقاء الجزائريين سواء على مستوى الإقامة في الفنادق والمدن الساحلية السياحية أو على مستوى مراكز العبور الحدودية والتي تشهد عادة تعطيلات بسبب الاكتظاظ وارتفاع عدد العابرين بين حدود البلدين. وقد احتلت السوق الجزائرية خلال السنة الماضية المرتبة الثالثة في ترتيب السياح الوافدين على تونس بحوالي مليون سائح، وفروا للخزينة التونسية ما يناهز 270 مليون دولار. وبفضل القرب الجغرافي وقلة التكاليف وتشابه البلدين والشعبين في أغلب الخاصيات الاجتماعية، فإن السوق التونسية باتت السوق المفضلة للجزائريين. فالقدوم من شرق الجزائر إلى العاصمة التونسية يتطلب قطع 250 كلم فقط أما النزول إلى العاصمة الجزائرية فانه يتطلب قطع 600 كلم في طريق سريعة وجيدة. وهذا العامل الجغرافي إضافة إلى الطبيعة التونسية الآمنة يشجّعان الأشقاء الجزائريين على قضاء عطلهم في تونس. ويبدو أن التزايد المتواصل لعدد السياح الجزائريين الوافدين على تونس، جعل التفكير يتركز على إعادة تشغيل الخط الحديدي الرابط بين عنابةوتونس والخط البحري بين ميناء الجزائر العاصمة وميناء حلق الواديالتونسي . وبالإضافة إلى وجود رحلتين جويتين بين تونسوالجزائر يوميا، تم فتح خط جوي جديد يربط مدينة وهرانبتونس بمعدل رحلتين في الأسبوع، ليساهم في تنشيط الحركة السياحية انطلاقا من وهران عاصمة الغرب الجزائري. وتستغرق الرحلة بين مطار تونسقرطاج ومطار هواري بومدين نحو ساعة واحدة فقط. ... والسوق الليبية وإلى جانب السوق الجزائرية، فان السوق السياحية الليبية، ورغم احتلالها للمرتبة الأولى من حيث عدد الوافدين بقرابة المليون ونصف المليون وافد، فإن المسؤولين على القطاع السياحي في تونس يعملون على مزيد تطوير هذه السوق وتنويع احتياجاتها. ومن أجل مزيد استقطاب السياح الليبيين، تتخذ تونس عديد الاجراءات لفائدة هؤلاء، وتقدم لهم كل التسهيلات تقريبا سواء منها القمرقية او الإدارية، كما تنظم تونس كل سنة الأسبوع السياحي التونسي بليبيا. وتعتبر سياحة الجزائريين والليبيين في تونس، من أفضل السياحات وأكثرها مردودية، حيث لا يتوانى السائح المغاربي على الإنفاق في مختلف المجالات على عكس السائح الأوروبي الذي يكتفي غالبا بالإقامة والخدمات المدفوعة مسبقا لدى وكالة الأسفار. فالسائح الجزائري أو الليبي لا يبخل على نفسه بارتياد المطاعم والمحلات التجارية لتستفيد منه الدورة الاقتصادية ككل، إلى جانب استفادة صاحب محل الملابس والمطاعم والمقاهي والملاهي خاصة أن أغلب الفضاءات التونسية عائلية ويرتادها الجنسان وبعيدة عن المشاكل والمضايقات الاجتماعية...وحسب مصادر بوزارة السياحة فان السائح المغاربي يستهلك أسبوعيا ما معدله 350 دينارا تونسيا، وهو مبلغ لا ينفقه السائح الأوروبي الذي يكتفي بالنزل والاقامة فقط . ولا يجد السائح المغاربي مشكلة لغوية في التعاطي مع التجار التونسيين فهو يجادل في الأسعار المعروضة كما انه يجد ما يحتاجه وما تعود عليه من الأكل في المطاعم التونسية. تعتبر السياحة ركيزة الاقتصاد التونسي، والقاطرة التي تقود بقية القطاعات، ويمثل البعد المغاربي والعربي وقودا لهذه القاطرة، وداعما أساسيا لانتعاش السياحة التونسية، وبالاضافة إلى مردوديته المادية، له من المكاسب الاجتماعية الشيء الكثير، خصوصا.