تونس الصباح فواجع الطريق لا تنتهي على امتداد أشهر السنة.. ولعلها تزيد حدة أثناء الصيف.. معدلها يصل يوميا إلى 4 قتلى و40 جريحا حسب آخر الاحصائيات الرسمية التي أوردتها مصادر الامن. فماذا عن خطة مواجهة أسباب هذه الفواجع، ودور الجمعيات ذات الاختصاص ومنظمات المجتمع المدني في الارتقاء بوعي مستعملي الطريق؟ وهل يكفي اعتماد عمليات الردع أم لابد من تعميق مجالات التوعية لمستعملي الطريق وتطويرها؟ تنزلت العطلة الامنة خلال الصيف الجاري كما أشار إلى ذلك العميد فرج اللواتي رئيس المرصد الوطني للمرور تحت شعار "من أجل خدمة المواطن وتأمين سلامته"، وقد بين محدثنا من خلال أبراز شعار هذه العطلة أن الجانب التوعوي يبقى أساسيا وأوليا لانه يمثل استنهاض وعي المواطن الذاتي في أدراكه للمخاطر التي تتهده على الطريق سائقا كان أو مترجلا. وأكد العميد اللواتي أن التعويل في هذا الجانب يقوم أولا وبالذات على تجاوب المواطن مع جملة الخدمات التي سخرت من أجله، وحسه الكامل بالحذر على الطريق وبالتزامه بقواعد السير أو عبور الطريق. وبين أن عطلة هذا العام قد اتخذت أشكالا مختلفة، وقامت على أساليب وطرق عمل تجمع بين التحسيس بدرجة أولى ثم الردع اذا لزم الامر ذلك. ومن أبرز ملامح الحملة توفير الحيطة وكافة المستلزمات من نقاط مراقبة في كل الاماكن ، وتوسيع لدائرة المسلتزمات الاخرى مثل المعلقات والمطويات والهدايا لتجنب الخطر مهما كان مأتاه. وأبرز العميد اللواتي أن المسألة تكمن بعد كل هذا الاستعداد المادي والمعنوي لمرور صيف آمن في تجاوب المواطن مع الحملة وفي التزامه الذاتي بذلك. وأكد أن التعويل على حس المواطن وتجاوبه يبقى الضمانة الاولى في صيف آمن مادام هو الهدف من كل هذا. وبين في جانب آخر أن حملات التوعية ستكون أشمل وأوسع هذا العام، وذلك بمشاركة المرصد والجمعيات ذات الاختصاص ومكونات المجتمع المدني. وأبرز أنها ستأخذ أشكالا مختلفة تشارك فيها وحدات أمن خاصة مهمتها التوعية وليس رصد المخالفين ومعاقبتهم فقط. كما بين أيضا أن الحملة ستمتد لتشمل المترجل وسائق السيارة والدراجات النارية، وسوف تتصل بجملة الجوانب المعدة للوقاية مثل احترام السرعة ولباس الخوذة وعدم استعمال الجوال أثناء السياقة ووضع حزام الامان وغيرها من الجوانب ذات الصلة بالتقليل من الحوادث. الحركة على الطرقات.. تطورها ومخاطرها ولا يخفى على أحد أن حركة المرور باتت تتميز في المدن الكبرى وعلى الطرقات الرئيسية بالكثافة.. وهي ظاهرة ما انفكت تتزايد باطراد، خاصة أثناء فصل الصيف الذي تشهد فيه البلاد علاوة على الاسطول الوطني من العربات الذي تبلغ أعداده مليون و400 ألف سيارة مزيدا من سيارات المهاجرين التي يكون معدلها بين 300 و350 ألف سيارة. تكاثر العربات على الطرقات أفرز في السنوات الاخيرة ظاهرة غريبة تمثلت بالخصوص في التجاوزات على الطريق، حتى أن بعض العلامات المرورية مثل الاضواء الحمراء، وغيرها التي تنبه للاخطار لم تعد محترمة. وهذا الاستخفاف بالمبادئ العامة للسير على الطريق أفرز تجاوزات لم تكن مألوفة رغم ما ينجر عنها من ردع. فهل تكفي أساليب لردع المخالفين أم أن الضرورة تدعو إلى برنامج توعوي واسع تتولاه سلط الاشراف للحد من هذه المظاهر، ومنظمات المجتمع المدني، ويكون هو الاساسي في الحد من حوادث الطرقات مظاهر التجاوزات وتكاثرها سواء كان الامر يتعلق بساعة ذروة وما ينجر عنها من اكتظاظ على الطرقات أو في الساعات العادية من النهار، فإن هناك عددا من أصحاب السيارات بات لا يبالي بالمترجلين وعلامات المرور والاولوية على الطريق والتقاطع بين السكة الحديدية والطريق.. فكل هذه العلامات المرورية باتت وكأنها لا تعني له شيء.. " يحرق الضوء الاحمر" دون مبالاة.. يضايق المترجلين ويسمعهم أنواعا شتى من الكلام البذيء.. لا يحترم الاولوية.. يتجاوزك على اليمين واليسار.. لا تعنيه العلامات المرورية الاخرى، ولا بقية الممنوعات مثل أولوية المرور في التقاطعات الدائرية. هذه المظاهر بتنا ونحن على الطريق نشاهدها في كل يوم.. ونعيش ونسمع ما ينجر عنها من حوادث خطيرة.. ولعل الاحصائيات السنوية حول الجرحى والقتلى على طرقاتنا أكبر دليل على ذلك. ويمكن القول أيضا أن التصدي لهذه المظاهر ومقاومتها وردع أصحابها يحصل بالمئات في كل يوم، لكن كيف السبيل إلى اجتثاثها، وهل يكفي الردع كأسلوب لمقاومة هذه المظاهر؟