وعي المواطن ودوره في الانتباه على الطريق يبقى الحلقة المنقوصة في هذا المجهود رغم مجهودات أعوان المرور.. ومكونات المجتمع المدني فإن نزيف الحوادث الصيفية مازال مرتفعا تونس الصباح: تتركز إهتمامات وزارة الداخلية والتنمية المحلية خلال هذه الأيام على وضع اللمسات الأخيرة لانطلاق برنامج العطلة الآمنة الذي تؤمنه على كامل طرقات البلاد وفي كل الجهات دون استثناء. وقد كان هذا البرنامج محل متابعة واهتمام كبير من طرف رئيس الدولة، وذلك أثناء إجتماعه أول أمس بوزير الداخلية. العطلة الآمنة سوف ينطلق برنامجها مع بداية شهر جويلية القادم، كما تم الاعلان عن ذلك، ولا شك أن الاستعداد لها سيكون كالعادة على جميع المستويات، وهي عادة وبرنامج صيفي قار دأبت وزارة الداخلية والجماعات المحلية على إرسائه في كل صائفة عبر كافة هياكلها ذات الصلة بهذا الجانب، مدعومة بمكونات المجتمع المدني مثل الجمعية التونسية للوقاية من حوادث المرور وغيرها. وبقدر ما نثمن هذا المجهود الذي ينفذه أعوان الأمن والحماية المدنية والمرصد الوطني للمرور وتدعمه مجهودات جمعية الوقاية من حوادث المرور عبر جملة من التظاهرات واللافتات، فأننا نتساءل أولا ماذا عن دور المواطن سائقا كان أو مترجلا على الطريق في دعم هذا البرنامج؟ ثم لماذا يتواصل نزيف الحوادث رغم كل هذا المجهود الذي قد تنفرد به تونس في محيطها؟ الصيف وكثافة حركة المرور ولا مبالاة المواطن الحركية المرورية تتغير صيفا على معظم طرقاتنا، وتأخذ طابع التواتر والكثافة والاستمرارية على مدار ساعات الليل والنهار. كما أن أسطولها الذي يبلغ قرابة مليون سيارة سياحية في كامل البلد يتعزز أيضا بما ينضاف أليه من سيارات يجلبها التونسيون المقيمون بالخارج، وذلك السياح المغاربيين الذين يفدون على بلادنا بشكل مكثف. وهذا البعد في ما ينضاف من سيارات على طرقاتنا الوطنية يجعل الحركة المرورية مكثفة وتتسم بالسرعة والتواتر، وينجر عنه في عديد الأحيان لا مبالاة بمخاطر الطريق، وجهل به أيضا فتكون الحوادث. كما أن السهرات الليلية الطويلة التي تتم سواء في المهرجانات الصيفية التي يصل عددها الى زهاء 400 مهرجان، وأيضا تعدد المناطق السياحية التي تكون قبلة الجميع وغدوها ورواحها منها، وأيضا بقية الفضاءات الترفيهية التي لا يغادرها الناس إلا في ساعات متأخرة من الليل بعد قضاء وقت طويل في الاستمتاع بنسمات الصيف داخلها، كلها تزيد من كثافة حركة المرور ليلا، ويكون فيها العديد من أصحاب السيارات قد أصابهم الإعياء والتعب وغير مركزين في قيادتهم لسياراتهم، مما يؤدي في بعض الاحيان الى إرتكاب الحوادث والاصطدام بالمارة الذين أيضا لا يكفون في السير على الطرقات طيلة ساعات الليل والنهار. الإستعدادات كبيرة وبرنامج الإحاطة واسع وشامل كل هذا الواقع الذي يتسم به الصيف في بلادنا والذي تنجر عنه تغيرات كبيرة في حركة المترجلين وحركية استعمال الطرقات، أولته السلط الامنية كل عناية وتابعت تطوراته، ولمست ووقفت عند مخاطره المتعددة والكثيرة فطورت من أساليب الحماية ومراقبة الطرقات والتوعية والتحسيس والإحاطة دعما لحماية المواطن مترجلا كان أو مستعملا لسيارة. وبالعودة الى برنامج العطلة الآمنة الذي ينطلق في كل صيف منذ عدة سنوات خلت، ندرك ما يولى لهذا البرنامج من إهتمام، وما تسخر له من طاقات أمنية وصحية ووقائية على الطرقات الرئيسية وذات الحركة المكثفة أولا، ثم على بقية الطرقات وفي كافة جهات البلاد ثانيا. كما لا يسعنا أيضا ونحن نتناول هذا الموضوع إلا التنويه بما تبذله المنظمات والجمعيات ذات الصلة بالأمن على الطرقات، وفي مقدمتها الجمعية التونسية للوقاية من حوادث المرورالتي تنفذ في كل سنة برامجا وتظاهرات تحسيسية موازية في الغرض، يشارك فيه التلاميذ والطلبة على الطرقات وفي نقاط الاستخلاص على الطرقات السيارة، وغيرها من الأماكن والجهات ذات الحركة المرورية المكثفة، هذا علاوة على ما يوزع من مطويات وما يعلق من لافتات على الطريق تعد بعشرات الآلاف في كل الأماكن. أيضا وعلاوة عن كل هذا تتجند مصالح الأمن المروري والحماية المدنية والاوساط الصحية لتكون على أهبة للتدخل السريع من خلال وحدتها التي تتمركز على الطرقات سواء عبر مراكز قارة للنجدة أو متنقلة، وهو أمر قد لا يدركه المواطن ويعي بأهميته وما تبذل بخصوصه من مصاريف وما يتكبده الساهرون على هذا البعد الوقائي من أتعاب على مدار الساعة وطيلة أيام الصيف بحرها وشمسها المحرقة وعطشها وسهرها. وجملة هذا النشاط وهذه الإحاطة بمستعملي الطريق قد لا نلمسها في عديد البلدان. وعي المواطن ودوره يبقى الحلقة المنقوصة في هذا المجهود إن الاحصائيات التي تنشرها الاطراف المعنية بحوادث المرور سنويا تكشف نسبة تزايد حصول هذه الحوادث صيفا، وهي تبقى عالية وبعضها مفجع ومؤلم. وذلك على الرغم من المجهودات الأمنية المبذولة في هذا الاتجاه والتطورالجاري عبرها في مجال الإحاطة، والعناية والتحسيس والأكيد أن للمواطن المترجل، ومستعمل السيارة ضلعا كبيرا ومسؤولية في هذه الحوادث واسبابها. ولعلنا لا نخجل عندما نقول أن وعي المواطن ودوره في أسباب هذه الحوادث يبقى بارزا، ويمثل الحلقة المنقوصة في دعم توجه الوقاية من الحوادث المبذول صيفا. فالاستهتار في قيادة السيارات من طرف البعض، والتعب والسكر، والسرعة، وعدم الانتباه مازالت مظاهر نلاحظها في عديد الجهات وعلى العديد من الطرقات. ونعتقد أنه مهما تكثفت الاحاطة الأمنية المرورية، ومهما تعددت وسائل الحماية والاسعاف، ومهما تكاثرت اللافتات التحسيسية إلاّ أنّ الامر سيبقى على حاله مادام المواطنون أو البعض منهم لا يولون هذه الجوانب أي إهتمام، ولا يدركون هذه المخاطر التي تحدق بهم وبغيرهم من مستعملي الطريق والمترجلين عندما لا يلتزمون بقوانين السير ويحتاطون لكل صغيرة وكبيرة على الطريق. إن وعي المواطن لا بد أن يكون عاليا، وحذره لابد أن يكون حاضرا في كل الأوقات، فهويمثل العامل الاول في الحد من نزيف الحوادث صيفا ، خاصة اذا ما ارتقى وعيه بهذا الجانب الى أعلى مستوى، وتحاشى كل ما من شأنه أن يؤدي به الى ارتكاب أخطاء على الطريق. إن النزيف من هذه الحوادث مازال يكلفنا الكثير، سواء على مستوى الخسائر البشرية في الأرواح أوالاضرارالجسدية التي تلحق بالبعض. كما أن فاتورة الخسائر في هذا الجانب تكلف المجموعة الوطنية والدولة باهضا، ولعله قد حان الوقت لليقظة العامة من هذه الحوادث وفي مقدمة ذلك وعي المواطن بكل جوانبها.