مع الإقرار بأهمية الجهود المضنية للساهرين على سلامة التنقل على الطرقات فإن ما أصبح مصدر انشغال حقيقي هو تعدد حوادث المرور في مختلف جهات البلاد خصوصا في موسم الصيف حيث يتضاعف عدد السيارات السياحية وتتزايد مناسبات التنقل للزيارات والاستجمام. لقد تركّز الاهتمام منذ سنوات على انجاز شبكة متطوّرة من الطرقات وعدد من المحوّلات... وتضاعفت الاعتمادات المالية المخصصة للبنية الأساسية بما في ذلك الطرقات الحزامية والطرقات السيارة والسريعة سعيا إلى تقليص النقاط المرورية السوداء والمنعرجات الخطيرة والطرقات المتآكلة والضيقة لتيسير عمليات التنقل بين مختلف جهات البلاد سواء بالنسبة للمواطنين أو للبضائع. وبالإضافة إلى هذه النقلة الطرقية فإن انفتاح تونس على البلدان المجاورة اقتصاديا واجتماعيا مكّن آلاف السواح من الأشقاء العرب إضافة إلى السوق السياحية التقليدية الأوروبية من اختيار إقامتهم بيننا كما أن المبادلات التجارية عبر الحدود باعتماد الشاحنات الضخمة تزايد حجمها بشكل كبير مما أدّى إلى تضاعف هذه الناقلات على الطرقات. وهذا الكم الهائل من مستغلّي الطريق قد يؤثر على سلوكيات البعض ويدفعهم إلى اقتراف المحظور في حق أنفسهم وذويهم ثم في حق الغير وكذلك في حق الاقتصاد الوطني. إن الخسائر البشرية والمادية الناجمة عن فواجع الطريق بلغت مستوى خطيرا يحتّم مزيدا من الصرامة ضدّ كلّ مصدر إخلال بقانون الطرقات وضدّ كلّ من تسوّل له نفسه التهوّر أو الإنسياق وراء ضغط نفسي أو «رغبة جامحة» في الاعتداء على الغير لأنّ ما يقترفه البعض من أذى يتجاوز ذواتهم ليلحق أضرارا فادحة بالموارد البشرية والمالية وله انعكاسات بعيدة المدى على التوازن الأسري اجتماعيا وموارد مؤسسات التأمين ماليا.. إلى جانب ما يخلفه من أضرار اقتصادية عديدة ومتنوّعة. وأمام هذه الحقائق فإنّ الردع والصرامة في تطبيق القانون وإنّ ظلّ من الأولويات فإنّه لا يعفي النسيج الجمعياتي بكل مكوّناته من مزيد تكثيف حملات التحسيس والتوعية من مخاطر السلوكيات المنحرفة على الطريق كما لا يعفي المواطن سواء كان مترجلا أو سائقا من مسؤولية إدراك مخاطر التهوّر.. وهذا ما يحتّم على الجميع مزيد ترسيخ مقوّمات السلوك الحضاري للتخفيف من أعباء فواجع الطريق.