قال الأب لابنه خذ قلم الرصاص وارسم... قال: يا أبتي ما؟ قال ارسم ... رسم الطفل صورة فكانت مقبرة!! من أين يأتي الطفل بالتاريخ ومعلم التاريخ بلا ذاكرة، فهو لا يعرف البحر كي يرسمه، ولم يشاهد حقولا ولا كرما ولا لوز ولا توت، لم ير غير ركام المنازل وجثث الشهداء معلبة في أكياس. جريمة دون شك ترفضها كلّ الشرائع السماوية وسيادة حقوق الإنسان بغض النظر عن اختلاف العرق والدين واللون. الحرب الإسرائيلية الأخيرة على غزة خلفت دمارا بلا ريب ومثلت جريمة ليس في حق الفلسطينيين فحسب بل في حق الإنسانية جمعاء وتعد على أبسط الحقوق ترقى إلى مرتبة جرائم الحرب والإبادة تفوق كلّ التصورات ويندى لها الجبين، في مشهد تراجيدي سخيف دمر البنيان وحرق المزارع غير عابئ بالبشر والحجر في ظل صمت دولي مطبق.. لكنه رغم بشاعته لن يمسح الذاكرة ولن يزيف التاريخ. في هذا الإطار جاء تقرير منظمة العفو الدولية حول حرب إسرائيل على غزة متهما «حماس» إلى جانب تل أبيب بانتهاك القوانين الإنسانية الدولية وتعريض حياة المدنيين للخطر مؤكدا في ذات السياق أن صواريخ النشطاء الفلسطينيين قد أحدثت ذعرا ورعبا في صفوف الإسرائيليين، رغم أنّه نادرا ما تسبّبت في قتل مدنيين وهو ما رفضته «حماس» معتبرة أن التقرير قد جانب الصّواب بتجاهله حجم الدمار والجرائم الخطيرة التي ارتكبها الاحتلال في حق المدنيين ومثل تنكّرا لحق الشعب الفلسطيني أو أيّ شعب في مقاومة الاحتلال. تقرير منظمة العفو الدولية وإن اتهم إسرائيل بارتكاب جرائم حرب كشف مرة أخرى عدم موضوعية مثل هذه التقارير لأنّها متورّطة مثل سياسات بعض الدول الفاعلة في الكيل بمكيالين والمساواة بين الجلاد الإسرائيلي والضحية الفلسطيني. وبالرغم من تجريم حركة «حماس» ومساواتها بالاحتلال في حجم الجريمة، إلاّ أنّ ذلك سوف لن يحجب الحقيقة التي شاهدها العالم بأسره وتناقلتها وسائل الإعلام بحيث تعاطف الملايين من الناس مع الفلسطينيين في مظاهرات جابت مختلف العواصم حتى الغربية منها، لتنصف الضحية وتكشف زيف الادعاءات الإسرائيلية وعدم حيادية بعض المنظمات التي تدّعي الدفاع عن الإنسان وحقوقه.