دفعت فاتورة غالية ولم أحصد أي شيء تونس الصباح بعد أن قرأ مقالا نشرته «الصباح» أمس بقلم أستاذ كلية الحقوق بتونس محمد رضا الأجهوري.. قال أحمد التليسي الحارس الشخصي للزعيم بورقيبة سابقا امس على منبر الذاكرة الوطنية: «نعم.. انني مستعد للمحاكمة شريطة أن تقع محاكمة كل من أخطأ في تاريخ الحركة». وكان الأجهوري قد بيّن في مقاله هذا ان اعتراف التليلي باقتراف عمليات تعذيب اليوسفيين يوجب محاكمته. ويجدر التذكير بان التليسي سبق له ان اعترف السبت الماضي على نفس المنبر بمؤسسة التميمي للبحث العلمي والمعلومات بعمليات تعذيب اليوسفيين بحكم مباشرته لها واشرافه شخصيا عليها. وقال أيضا انه كان عرضة الى عدة محاولات اغتيال من قبل اليوسفيين. وفسّر التليسي اته لم يقصد بكلمة التعذيب ما اعتقده البعض.. كأن يكون مشابها للتعذيب الذي تعرض له الوطنيون في غياهب السجون زمن الاستعمار.. لان ما فعله لم يتجاوز صفعة على الخد او اخافة بالسلاح او ضربا بأنبوب مطاطي (كاوتشو) او حرمانه من الأكل.. واضاف وقد بدر عليه الارتباك بعد ان اطلع على فحوى مقال الأجهوري الذي سلمه له أحد الحاضرين قبل أن يجلس امام المصدح بدقائق.. لقد قررت الادلاء بشهادتي التاريخية.. وسأقول كل شيء اعرفه عن تاريخ الحركة الوطنية.. ولن يثنيني عن هذا الامر اي أحد.. ومن يريد محاكمتي فليفعل فأنا لا أبالي لأنني لم أقترف أي عملية قتل لأي يوسفي.. ولكن ماذا عن مقتل المختار عطية رجل الحزب؟ عن هذا السؤال اجاب التليسي «قيل أنني أنا من قتل المختار عطية وهذا غير صحيح فانني بريء من هذه التهمة.. لأن قتل المختار عطية جاء في اطار حرب مفتوحة بين الشيخ حسن العيادي وبين عطية لان المختار عطية اغلق الباب امام العيادي لتموين المقاومين في جبل برقو فحزّ ذلك في نفس الشيخ العيادي وكلف أحد المقاومين بقتل المختار عطية وبعد التحقيق ثبتت على هذا الرجل التهمة وقضى سنوات في السجن».. وقال التليسي «لقد وسمت بصباط الظلام طويلا.. ورغم المكانة التي كنت أتمتع بها في الحزب في لجنة المقاومين.. فقد ظل الجميع يقولون انني ابن صباط الظلام.. لقد دفعت فاتورة غالية ولم أحصد اي شيء.. فأنا لا أتمتع اليوم بجراية شيخوخة». تأكيد على النضال اكد التليسي اكثر من مرة في شهادته التاريخية على انه «مناضل حقيقي».. دخل المقاومة من بابها الواسع.. انطلق من الكشافة ثم الشبيبة الدستورية فمظاهرات الطلبة.. وتعرض للتعذيب خلال الاستعمار.. ثم اصبح مقاوما وبشأن عمليات القتل التي حدثت في صباط الظلام قال التليسي: «ان الشيخ حسن العيادي لم ينفذ ابدا أي عملية دون تعليمات من بورقيبة.. وأنا لم أقتل احدا ولم أحضر عملية قتل أي أحد.. اعلم ان هناك شخصا يدعى الطيب المثلوثي وهو من العناصر البارزة في الحزب القديم صفاه الشيخ العيادي في فوشانة.. وبعد ذلك اراد تصفية محمود السهيلي وحسن السهيلي والحبيب شلبي وهم من الحزب القديم بعد ان استدعاهم الى جبل برقو لكنهم لم يذهبوا الى الجبل معه».. وكشف التليسي ان هدف الشيخ حسن العيادي من تشريك اللجنة التنفيذية (الحزب القديم) في المقاومة هو أخذ سلاحهم.. وبين ان الطيب المهيري كان على علم بذلك وحدث هذا الامر سنة 1954. وتحدث التليسي عن المكانة التي كان يحظى بها الشيخ حسن العيادي لدى الرئيس السابق الحبيب بورقيبة «فقد كان يحبه حتى انه حينما زار جبنيانة ذهب الى بيت العيادي.. فهو من القادة البارزين في المقاومة لكن غدر به.. «واعتقد ان 70 بالمائة من اعمال المقاومة في تاريخ الحركة الوطنية قام بها الشيخ العيادي.. ولم تكن للشيخ العيادي أي يد في المؤامرة الانقلابية لسنة 1961. وإبان المؤامرة الانقلابية تعرض بورقيبة الى حالة من الضعف فاستغل المهيري هذا الامر وقرّر تصفية العيادي لأن امرأة تدعى أم السعد المطوية وهي معروفة في ذلك الوقت ابلغت المنجي سليم ان العيادي يريد قتله وقتل المهيري».. وذكر التليسي انه شاهد العيادي في السجن قبل اعدامه وهو في حالة يرثى لها وقد بدت عليه آثار التعذيب. وقال التليسي في آخر شهادته التاريخية: «لقد احببت بورقيبة كثيرا.. أحببته زعيما وليس رجل حكم».