أمريكا.. ولايات بمواصفات دول.. واشنطن.. المطبخ الذي يعدّ قوت الدول الفقيرة.. ويحفظ مصالح الأغنياء نيويورك.. عالم يتحرك في ولاية النمل لاس فيغاس.. زواج متعة بين المال والسياحة الشمال الأمريكي.. متقلب بمناخه وسط سياسة أمريكية تبحث عن الثابت.. دون المتغيّر.. الجنوب.. إرث تحتفظ به الذاكرة الشعبية ويشمئز منه العقل الرسمي.. هوليوود.. «دولة» العدسات.. وولاية إنديانا... منشأ «رجل» أسود إسمه.. مايكل جوزيف جاكسون.. ++++ نهل مايكل من فن «البوب» لكنه لم يولّ ظهره ل«الروك» تعلم في مدرسة «جاكسون فايف» وسرعان ما خرج عنها ليبدأ رحلة 800 مليون ألبوم وفي الطريق إلى «جاكسون وان» غيّر جوزيف... ذقنه وبدّل .... شفتيه واستبدل .. حاجبيه .. ووجنتيه ابيضّت بشرته السوداء.. فغيّر الأطفال جلدتهم.. وحزن أولياؤهم وغضب علماء النفس.. وتحرك حماة الأخلاق فزادت الشهرة .. وتضاعف عدد المعجبين.. والحيارى فيما الدولار.. كان قد بدأ يتحسّس جيب مايكل وذاك هو قانون الشهرة في بلاد العام سام.. يَشتُمُك الناس... فتشتَمُّ رائحة التفاح.. ++++ الفن والسياسة.. عالمان متدخلان.. عندما تخبو السياسة.. يصعد الفن ولما ظهر «جاكسون وان» عام 1967 كان العرب يلملمون جراح الهزيمة وكانت (الستّ) تردّد «جدّدت حبّك ليه».. فيما أمريكا.. تعدّ أنفاس السوفيات وتحسب خطوات الدب الروسي المتثاقلة.. إلى حدّ الإزعاج.. وكان مايكل قد بدأ.. مرحلة الغزو الأوروبي بحنجرة أمريكية... وطموح السود وثقة الفقراء.. ++++ نجح.. فلاحقته الشائعات تزورج مسلمة... فاتهموه بالشذوذ قاوم الفشل.. صارع الإحباط علت شهرته.. وذاع صيته فقالوا إنّه «بضاعة مغشوشة» لأنّه مجموعة قطع ملصقة من إنتاج عمليات التجميل.. اعتقلوه.. فخرج من الباب الخلفي للمحكمة منعوا ألبومه Black or White بتهمة التحريض على العنف.. وأشياء أخرى فزادت مبيعاته فقط.. لأنّه «بوب» .. مايكل.. ++++ مايكل.. ينتج 800 مليون ألبوم يبيع منها.. مليارات النسخ وفي عالمنا العربي... يطمح الفنانون إلى إنتاج ألبوم واحد في مشوار فني أطول من الطرق السيارة لأن الفرق واضح بين: «رقصني يا هو» وشطحني «يا بوب».. ++++ ثمّة «رجال».. حياتهم صخب ومماتهم عجب.. مثيرون وهم يتحركون بين الأحياء ومثيرون عندما يدخلون في عداد الأموات ومايكل جاكسون كان إذا «احتفل».. تحرك الاقتصاد.. واستفاقت السياحة وتوقفت حركة المرور.. ونشطت شرايين المجتمع.. وتضخمت أرقام حساباته وارتفع سعر الدولار وازداد عدد المعجبين وتحركت الكاميراهات وتبخرت الثقافة وتراجع الفكر وركدت السياسة.. ++++ عندما مات جاكسون مشت قوافل العشاق.. خلف نعشه الفارغ جمعت التبرعات لدفع رواتب ال«بودي غارد».. وازداد أعداد الشرطة لأن الفقيد مهم.. في حياته ومهم عند مماته.. وجهت التهم للأطبّاء.. بسبب جرعات زائدة طالبت الشرطة بالتقرير الطبّي لكن التقرير كان قد ضاع بين التحقيقات.. وأروقة المستشفى وغرفة الأطبّاء.. وقسم التشريح ليبقى مايكل لغزا.. وهو حيّ ولغزا.. وهو ميّت.. ++++ كتب الشباب على الأنترنت.. لا طعم للحب.. بعد مايكل ولا طعم للموسيقى.. بعد مايكل بل لا طعم للحياة.. بعد جاكسون كل شيء هالك.. إلاّ موسيقى مايكل.. إنّها معايير الهوية في زمن القيم الضائعة وثقافة رقصني «يا بوب».. ++++ وصفه الفرنسيون.. ب«العبقري» ونعته اليابانيون.. ب«الراية الفنية» أطلقت عليه ثايلور... لقب «ملك البوب» ولقبته إحدى الشركات ب«مغني القرن».. نعاه سادة الغرب.. وساسته.. أما الأمريكيون.. فقد «شالوا» دماغه للفحص.. والتحليل.. وربما للاستنساخ فقد يكون عقل جوزيف اكتشافا أمريكيا غير مسبوق ربما احتاجه الحزب الديمقراطي في صراعه ضد «فوبيا الإسلام» والمشروع النووي الإيراني والمقاومة في بلاد الرافدين... ++++ بين الفن والأسطورة.. غشاء شفاف أتقن مايكل لعبة الفن تربع على عرش «البوب» جسّد الطابع الأسطوري في حياته وملبسه.. وفضائحه.. اعتقل لأسباب أخلاقية فكانت محاكمته أسطوريّة أسلم.. فكان إسلامه أشدّ إثارة من معاداته للسامية ولما «أجازوه».. أطلقوا على جائزته «الأسطورة» وعندما توفي.. كان تأبينه حفلا أسطوريا مات مايكل مات الأسطورة عاش الأسطورة.. لكن هذه المرة..