عقد مؤتمر دولي لوضع مدونة سلوك دولية لمكافحة ظاهرة الارهاب شرم الشيخ مصر (وات) توجه الرئيس زين العابدين بن علي الى رؤساء دول وحكومات بلدان حركة عدم الانحياز المجتمعين في القمة الخامسة عشرة للحركة بشرم الشيخ بجمهورية مصر العربية بكلمة القاها السيد عبد الوهاب عبد الله وزير الشؤون الخارجية جدد فيها سيادة الرئيس الدعوة الى اعتماد مقاربة شمولية في العلاقات الدولية تقوم على الترابط بين الامن والتنمية في اطار شراكة متضامنة بين مختلف البلدان والتجمعات الاقليمية والدولية. وفي ما يلي نص كلمة رئيس الدولة "بسم الله الرحمان الرحيم فخامة الرئيس محمد حسني مبارك اصحاب الجلالة والفخامة والسمو السادة الوزراء ورؤساء الوفود حضرات السادة والسيدات يطيب لي ان اتوجه بخالص عبارات الشكر والتقدير الى فخامة الرئيس محمد حسني مبارك رئيس جمهورية مصر العربية الشقيقة مثنيا على استضافة القمة الخامسة عشرة لحركة عدم الانحياز وتوفير احسن الظروف لانجاحها. ونحن واثقون بان الرئاسة المصرية لحركة عدم الانحياز سوف تضفي على اداء هذه الحركة مزيدا من الفاعلية والنجاعة بما يعزز اشعاعها ومكانتها باعتبارها اوسع منظمة سياسية تعبر عن تطلعات الدول النامية الى السلم والتقدم والازدهار. كما يسعدني ان اعرب عن تقديرنا لرئاسة جمهورية كوبا الصديقة للقمة السابقة وما بذلته من جهود قيمة من اجل تحقيق الاهداف المرجوة لحركتنا وتبليغ صوتها في مختلف المحافل الدولية السيد الرئيس حضرات السادة والسيدات ان اختيار "التضامن الدولي من اجل السلام والتنمية" شعارا لقمتنا يعكس وعيا عميقا بدقة المرحلة واهميتها وما تفرضه من تحديات ورهانات افرزتها التحولات المتلاحقة والمتسارعة التي يشهدها العالم. ولا شك ان الازمة المالية والاقتصادية العالمية تحتل اليوم صدارة اهتمامات سائر الدول ولاسيما النامية منها وهو ما يتطلب من دول حركة عدم الانحياز الاسراع بوضع برامج عملية واليات مشتركة تمكنها من الحد من تاثيراتها السلبية والعمل على ايجاد افضل السبل للرفع من اداء اقتصادياتنا واكسابها القدرة التنافسية والمناعة الكافية لتحصينها ضد كل الهزات والتقلبات. ونعتقد ان جهود دول عدم الانحياز تحتاج لمزيد تنسيق المواقف في مختلف المحافل والمؤسسات الاقتصادية والمالية على الصعيدين الدولي والاقليمي وتقتضي تنويع مجالات التعاون بين دول الحركة وتوسيع قاعدته والرفع من نسق الاستثمار في القطاعات الواعدة علاوة على تكثيف تبادل الخبرات في مختلف المجالات والحرص على تعزيز البعد التضامني باعتباره مبدا من المبادىءء التي ترتكز عليها حركتنا. وفي هذا السياق تجدد تونس دعوتها الى اعتماد مقاربة شمولية في العلاقات الدولية تقوم على الترابط بين الامن والتنمية في اطار شراكة متضامنة بين مختلف البلدان والتجمعات الاقليمية والدولية. وقد سبق لبلادنا ان دعت في عديد المناسبات الى تكريس قيم التضامن والتكافل وهي التي بادرت في هذا المجال باقتراح انشاء الصندوق العالمي للتضامن الذي اقرته الجمعية العامة للامم المتحدة في شهر ديسمبر 2002 ونحن نعتقد ان الاوضاع الاقتصادية العالمية السائدة والمتسمة بارتفاع نسب البطالة واتساع رقعة الفقر تستدعي اكثر من اي وقت مضي تكثيف الجهود من اجل تفعيل هذا الصندوق كالية لمعالجة قضايا الفقر والخصاصة في العالم وتكريس قيم التضامن والتآزر بين الامم وارساء نظام دولي اكثر عدلا وتوازنا. السيد الرئيس لقد بادرت تونس بالانخراط في منظومة الثقافة الرقمية واقتصاد المعرفة وقطعت اشواطا بارزة في مختلف مجالات الاتصالات والتجارة الالكترونية والاقتصاد اللامادي وصناعة الذكاء ايمانا منها بدور تكنولوجيات الاتصال والمعلومات في تسريع نسق التنمية وهي تجدد دعوتها الى متابعة التوصيات الصادرة عن القمة العالمية لمجتمع المعلومات التي التامت بتونس سنة 2005 من اجل ارساء ثقافة رقمية متضامنة لتقليص الهوة الرقمية والتكنولوجية بين الدول ولضمان استفادة الجميع من هذه النقلة في مجال التكنولوجيات الحديثة. ويقيني ان فاعلية حركة عدم الانحياز وتوفقها في تجسيد الاهداف التي بعثت من اجلها تتجسم بالاساس في تكريس قيم التضامن والتازر وترسيخ مبادىء الحوار والتفاهم والتسامح بين الشعوب ونبذ العنف والتطرف بجميع اشكاله ومصادره. واذ نؤكد اهمية التصدي لظاهرة الارهاب التي تهدد الامن والاستقرار في العالم وتستهدف مقومات التنمية فاننا نسجل اليوم بارتياح تنامي وعي المجموعة الدولية بمخاطر الارهاب واسبابه العميقة ونؤكد مجددا ضرورة عقد مؤتمر دولي برعاية منظمة الاممالمتحدة لوضع مدونة سلوك دولية لمكافحة هذه الظاهرة تلتزم بها كل الاطراف. وانطلاقا من ايماننا العميق باهمية الحوار والتعاون بين الشعوب والحضارات احتضنت تونس مؤخرا بمدينة القيروان باعتبارها عاصمة للثقافة الاسلامية لسنة 2009 مؤتمرا دوليا حول "حوار الحضارات والتنوع الثقافي" افضى الى اعتماد "اعلان القيروان" الذي يدعو الى تاسيس شراكة تكرس التواصل بين جميع الامم وتعزز وحدة المصير بين جميع الشعوب والاجناس. السيد الرئيس اننا نعتبر التنمية البشرية والاحاطة بكل الفئات الاجتماعية من اهم مقومات الاستقرار والتقدم والازدهار في العالم. وفي هذا السياق نولي اهمية بالغة للعناية بالاجيال الصاعدة والانصات لشواغل الشباب وحمايته من كل اشكال الاقصاء والتهميش ووقايته من مخاطر الانغلاق والتطرف بما يرسخ ثقافة التسامح والاعتدال والوسطية لدى هذه الشريحة التي تمثل نسبة مرتفعة في مجتمعات الدول النامية وتضطلع بدور حيوي في بناء مستقبلها. وفي هذا الاطار تتنزل دعوة تونس الى وضع سنة 2010 تحت شعار السنة الدولية للشباب والى عقد مؤتمر عالمي للشباب يتوج باصدار ميثاق دولي يكون الرابطة الوثقى التي تشد شباب العالم الى القيم الكونية المشتركة. واذ نتوجه بالشكر لكل التجمعات الجهوية والاقليمية التي عبرت عن مساندتها لهذه المبادرة فاننا نتطلع لدعم حركتنا لها والاسهام في تجسيمها من اجل تحقيق مزيد التقارب والتفاهم بين مختلف شعوب العالم والتأسيس لمستقبل اكثر امانا واستقرارا واشراقا. اننا نعتقد ان نجاح جهود التنمية وتطور علاقات التعاون بين مختلف البلدان يتطلب توفير مناخ عالمي يسوده العدل والامن لان تفاقم بؤر التوتر والنزاعات وبقاء عدد من القضايا الدولية دون تسوية نهائية يشكل عائقا كبيرا امام تحقيق السلام والتنمية. وتاتي القضية الفلسطينية في مقدمة هذه القضايا وهي تستوجب تضافر جهود المجموعة الدولية من اجل مساعدة الشعب الفلسطيني الشقيق على استعادة حقوقه الوطنية المشروعة واقامة دولته المستقلة وتحقيق السلام العادل والشامل والدائم في المنطقة على اساس المرجعيات الدولية ومبادرة السلام العربية. وان حركة عدم الانحياز التي عبرت دائما عن مساندتها لقضية الشعب الفلسطيني العادلة وضرورة انهاء الاحتلال الاسرائيلي مدعوة اليوم اكثر من اي وقت مضى الى العمل على دفع جهود السلام ودعم مساعي احياء العملية السلمية واستئناف المفاوضات ولا سيما في ضوء الرؤية الامريكيةالجديدة الداعمة لتسوية عادلة وشاملة على اساس حل الدولتين. كما ان حركتنا مدعوة الى تكثيف جهودها من اجل حمل اسرائيل على احترام قرارات الشرعية الدولية والانسحاب من الاراضي السورية واللبنانية المحتلة بما يسهم في حل نهائي لازمة الشرق الاوسط التي مازالت تمثل مركز اهتمام ومبعث انشغال لدى حركة عدم الانحياز منذ نشاتها. ونؤكد اليوم مجددا حرص بلادنا على توطيد تعاونها مع دول حركة عدم الانحياز كافة وتوسيع مجالاته والاسهام بتجربتها في القطاعات المتصلة بجهود التنمية مثل الزراعة والامن الغذائي والمياه والتطهير والبنى التحتية والانظمة التربوية وادماج الشباب والعناية بالصحة ومكافحة الامراض المعدية وتكنولوجيات الاتصال واقتصاد المعرفة. كما تؤكد تونس في هذا السياق اهمية دعم كل المبادرات التنموية الاقليمية والارتقاء بالتعاون جنوب جنوب بمختلف صيغه من اجل ارساء تنمية اكثر تضامنا وتكافؤا. أصحاب الجلالة والفخامة والسمو حضرات السادة والسيدات اننا نامل ان تشكل اعمال قمتنا هذه لبنة جديدة تعزز دور حركة عدم الانحياز في معالجة القضايا الاقليمية والدولية واشاعة اسباب الرخاء والعيش الكريم في اطار التعاون والتنمية المتضامنة تلبية لطموحات شعوبنا في السلم والامن والاستقرار والرفاه. والسلام عليكم ورحمةالله وبركاته".