الأخ قائد الثورة أصحاب الفخامة والمعالي السيد الأمين العام لتجمع دول الساحل والصحراء حضرات السادة والسيدات يطيب لي أن أتوجه بخالص عبارات الامتنان إلى الأخ القائد معمر القذافي قائد ثورة الفاتح من سبتمبر مشيدا بجهوده القيمة وبما وفره من ظروف ملائمة لاحتضان أعمال قمة مجلس رئاسة تجمع دول الساحل والصحراء على أرض الجماهيرية الشقيقة ومعربا عن فائق الشكر لما حظينا به من حسن الوفادة وكرم الضيافة. كما أنوه بهذه المناسبة بالجهود المحمودة التي بذلها فخامة الرئيس توماس يايي بوني رئيس جمهورية البنين من أجل تعزيز عملنا المشترك وتدعيم هياكل منظمتنا مقدرا دور الأمانة العامة للتجمع وسائر أجهزته مكبرا ما تقوم به من مساع في سبيل تطوير أدائه وإضفاء الحركية على هياكله وأنشطته. السيد الرئيس إن النتائج المشجعة التي حققتها منظمتنا خلال السنوات الماضية رغم جسامة التحديات الناجمة عن الاوضاع الدولية وتفاقم الصعوبات التي تواجه قارتنا إضافة إلى استمرار بؤر التوتر والخلافات وتعثر مسيرة التنمية تدعونا اليوم الى تضافر الجهود وتوحيد الرؤى حتى نتمكن من التقدم في تنفيذ البرامج المتفق عليها وتوظيف ما تزخر به منطقتنا من امكانيات وقدرات في خدمة التقدم بمنطقتنا على الوجه الأفضل وتكريس مزيد من النجاعة في التعامل مع قضايانا ومشاغلنا. وأمام ما يسببه اضطراب الأوضاع الأمنية من هدر للطاقات وتدمير للبنى التحتية وتبديد للثروات والإمكانيات فضلا عن تأثيراته الاجتماعية والاقتصادية والنفسية الخطيرة يصبح ترسيخ مقومات الأمن والاستقرار الشرط الأساسي المتأكد لدفع مسيرة التنمية ونشر الازدهار بمنطقتنا. ومن هذا المنطلق نجدد دعمنا للجهود الإقليمية والدولية الرامية إلى إحلال السلم والأمن في قارتنا وتخليصها من الأزمات وبؤر التوتر ومخلفات الصراعات والنزاعات ومساعدتها على الانخراط في البناء والاعتمار والتنمية بما يفتح المجال أمام المزيد من التعاون والتكامل بين بلداننا ويتيح فرص التنسيق المثمر مع بقية التجمعات الإفريقية لإكساب العمل الإفريقي المشترك النجاعة والفاعلية المرجوتين. إن حل النزاعات وتسوية الخلافات باعتماد الطرق السلمية وتوخي أسلوب الحوار يمثل أفضل طريق لإرساء السلم والأمن في ربوع قارتنا. ومن الضروري دعم جهود السلام بإجراءات وقائية ناجعة من خلال العمل ضمن الآليات المعتمدة للحيلولة دون تكرر اندلاع الأزمات وتركيز كل طاقاتنا على قضايا التنمية وخدمة الإنسان الإفريقي وتكريس حقه في العيش الكريم في “إفريقيا مزدهرة وآمنة”. وفي هذا السياق لا يسعني إلا أن أشيد بالجهود الموصولة التي بذلت في إطار تجمع دول الساحل والصحراء وما تمخضت عنه من نتائج بارزة مشيدا بمساعي الأخ معمر القذافي الدؤوبة من أجل ترسيخ السلم والأمن في منطقة التجمع خاصة وفي ربوع القارة الإفريقية عامة. ومن منطلق اقتناعنا بعلاقة الترابط القائمة بين الأمن والتنمية أكدنا حرصنا في إطار هذا التجمع وفي سائر التجمعات الإقليمية بقارتنا على إيلاء البعد الاقتصادي الأهمية التي يستحقها ودعونا إلى تطوير المبادلات على صعيد التجارة والخدمات وتعزيز علاقات التعاون في مختلف المجالات واستثمار الثروات الطبيعية والطاقات البشرية المتوفرة على الوجه الأفضل. إن التحولات العالمية المتسارعة وتداعيات الأزمة المالية العالمية على اقتصاديات أغلب الدول ولاسيما النامية منها وما نجم عنها من تحديات جسام هي عوامل ملحة تقتضي منا مضاعفة الجهود ووضع الاستراتيجيات المناسبة لدفع المسار الاندماجي والعمل الاقتصادي المشترك داخل تجمعنا وإرساء شراكة فاعلة ومتضامنة مع التجمعات الأخرى داخل القارة وخارجها. وإذ نجدد الإعراب عن أملنا في أن يتم إرساء منطقة التجارة الحرة داخل فضاء التجمع للمساعدة على تحقيق هذه الأهداف واستشراف أفاق جديدة للتعاون فإننا نتطلع إلى استكمال وضع الأطر القانونية الكفيلة بدفع حركة الاستثمار وإقامة المشاريع المشتركة وتطوير التعاون الفني وتشجيع القطاع الخاص على المساهمة الفعالة في تجسيم هذه الأهداف. ونؤكد من جديد أهمية الإسراع في استكمال دراسة الاتفاقيات ذات الأبعاد الاقتصادية والاجتماعية والثقافية التي هي قيد الانجاز وندعو إلى إثرائها حتى تكون مواكبة للتوجهات التي أقرتها منظمتنا وتمكن من تنفيذ ما اعتمدتاه من برامج مشتركة. وإدراكا منا لأهمية القطاع الفلاحي في اقتصاديات أغلب بلدان التجمع وما يتوفر لدينا من إمكانيات كبيرة لتطويره ورفع نسبة مساهمته في تحقيق التنمية الشاملة والمستدامة ببلداننا فإننا ندعو إلى إيلاء إستراتيجية التنمية الريفية وإدارة الموارد الطبيعية المزيد من العناية لإنجاحها من خلال تكثيف تبادل الخبرات والتجارب وتشجيع برامج التعاون الفني على الصعيدين الثنائي والثلاثي وتطوير القدرات التكنولوجية والعلمية في الميادين ذات العلاقة بالمجال الفلاحي بما يتلاءم وحاجيات بلداننا التنموية. ويظل الرصيد التاريخي المشترك لمنطقتنا وثراء مخزونها الحضارى خير حافز لنا على مزيد توثيق الصلات الثقافية بين شعوبنا وتعزيز علاقات التكامل بين بلداننا وتعميق الوعي بمشاغلنا. ونحن نشيد في هذا الصدد ببعث تظاهرة ثقافية ورياضية دورية لفائدة شباب تجمع دول الساحل والصحراء لتسهم في تجذير قيم التضامن والتآخي لدى الأجيال الصاعدة وفي مزيد تحقيق التقارب المنشود بين شعوبنا. إن الشباب يمثل النسبة الأكبر في مجتمعاتنا وهو بحاجة الى مزيد الاهتمام بمشاغله وتنشئته على القيم الإنسانية النبيلة وتعزيز ثقته بنفسه وبقدرته على المشاركة بدور فاعل في تقدم مجتمعاتنا. وفي هذا الإطار تتنزل مبادرتنا بالدعوة إلى إعلان سنة 2010 “سنة دولية للشباب” وعقد مؤتمر عالمي لشباب العالم يتوج بإصدار ميثاق دولي يكون الرابطة الوثقى التي تشد شباب العالم إلى القيم الكونية المشتركة التي نؤمن بها آملين دعمكم ومساندتكم لهذه المبادرة. السيد الرئيس أرجو في الختام أن تكلل أعمال قمتنا هذه بالتوفيق والنجاح وأن تكون لبنة جديدة في تعزيز علاقات التعاون والتضامن بين بلداننا والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.